الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مالي... حرب أفريقية على الإرهاب

12 ديسمبر 2012
نذر الحرب التالية ضد الإرهاب بدأت تلوح في أفق هذا البلد الواقع في غرب أفريقيا، في وقت أخذت فيه دول أفريقية مدعومة من الولايات المتحدة وفرنسا تُعد العدة من أجل استعادة شمال مالي من المتطرفين المرتبطين بـ«القاعدة» وحرمان الجهاديين من ملاذ آخر لهم في القارة. غير أن قدرة التدخل العسكري على نزع فتيل أزمة معقدة مازال محل شك على اعتبار أن الحكومة الانتقالية المالية، التي نُصبت بعد انقلاب عسكري في وقت سابق من هذا العام، ضعيفة وتفتقر إلى الشرعية، وجيشها سيء التجهيز يوجد في حالة فوضى. وعلاوة على ذلك، فإن القوى الأفريقية والغربية توجد منذ الآن في خلاف بشأن توقيت الضربة العسكرية وأهدافها. كما أنه من غير الواضح ما إن كانت القوات الأفريقية الإقليمية قويةً بما يكفي لهزم مقاتلين مسلحين تسليحاً جيداً في أرض صحراوية تعادل مساحتها ولاية تكساس الأميركية من دون مساعدة من الجيوش الغربية. وفي هذا الإطار، قال «جوني كارسون»، مساعد وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية، هذا الأسبوع: «إن الفكرة الأفريقية تقترح جهوداً بقيادة أفريقية، غير أنه لا بد من الإجابة على عدد من الأسئلة المهمة من أجل ضمان التخطيط الجيد لهذا الجهد ورصد الموارد الكافية له». ومع ذلك، فبعد أشهر من التردد، تزايد الزخم لتدخل عسكري في المنطقة وبين القوى الغربية في وقت أحكم فيه الإسلاميون المتشددون ومقاتلو «القاعدة» قبضتهم على الشمال. وفي هذا الإطار، يقول محللون ومسؤولون أمميون إن تنفيذ أي ضربة عسكرية مازال بعيداً بأشهر؛ ولكن الولايات المتحدة وفرنسا تلعبان حالياً دوراً دبلوماسياً نشطاً فيها وتشجعان الدول الأفريقية على تزعم الجهد - وهو نموذج استعمل مؤخراً في الصومال التي استولى فيها متشددون إسلاميون أيضاً على جزء كبير من البلاد. كما وافقت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس» الشهر الماضي على تشكيل قوة قوامها 3300 عضو لشمال مالي. وكان آلاف الماليين لجأوا إلى هذه العاصمة فراراً من الحكم الوحشي للإسلاميين، ويقول الكثيرون إن العمل العسكري هو الطريقة الوحيدة لتحرير الشمال. وفي هذا السياق، يقول عزيز مايجا، وهو مغن في السابعة والعشرين من عمره غادر الشمال مؤخراً: «إنه الحل الوحيد»، مضيفاً «إن التفاوض مع الإسلاميين لن ينجح». الدور الأميركي تكثف منذ أن أشار مسؤولون أميركيون إلى تورط «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في الهجوم الذي استهدف البعثة الأميركية في بنغازي في سبتمبر الماضي وقتل السفير «كريستوفر ستيفنز» وثلاثة أميركيين آخرين. وتعد «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» واحدة من المجموعات الرئيسية الثلاث التي تسيطر اليوم على شمال مالي. مالي، المستعمرة الفرنسية السابقة التي يحيط بها البر من كل الجهات ويقع معظمها في الصحراء الكبرى، تعتبر واحدة من أفقر البلدان في العالم رغم أنها تزخر بالموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم. وقبل وقت طويل على الاستيلاء على شمال مالي، كانت «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» تختطف الغربيين وتشغِّل خطاً لتهريب المخدرات إلى أوروبا إضافة إلى أعمال إجرامية أخرى من أجل تمويل عملياتها. وفي مارس الماضي، اتحدت المجموعة وإسلاميون متشددون آخرون مع الانفصاليين الطوارق، المستائين بسبب عقود من التهميش السياسي والإهمال من قبل الحكومة المركزية. فاجتاحوا الشمال، مستغلين فراغاً في السلطة أعقب انقلاباً عسكرياً في العاصمة المالية باماكو في مارس الماضي. وبعد ذلك استولى الإسلاميون على القيادة من المتمردين الطوارق، وفرضوا ما يعتبرونه حكم الشريعة على السكان المسلمين المعتدلين، فأخذوا ينفذون الجلد والرجم وقطع الأطراف ويصدرون الأحكام الحبسية. في البداية، كانت ثمة مجموعتان رئيسيتان من المتطرفين –«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» و«أنصار الدين» التي يتزعمها في الغالب متشددون ماليون وترتبط بـ«القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». ولكن منذ سبتمبر الماضي، استولت «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» - التي انشقت عن «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» أواخر العام الماضي– على مناطق مهمة، إلا أن كل المجموعات الثلاث تظل مترابطة بشكل فضفاض. وحسب الأمم المتحدة ومسؤولين عسكريين ماليين وأفارقة إقليميين، فإن صفوف المجموعات الثلاث تعززت بعد انضمام بعض المقاتلين من «بوكو حرام»، وهي قوة إسلامية في نيجيريا. ويقول سادو ديالو، العمدة السابق لمدينة جاو الذي فر إلى باماكو: «لقد قتلوا العديد من جنودنا وأبنائنا»، مضيفاً «وأساءوا معاملة أخواتنا، ودمروا 50 عاماً من التنمية في الشمال». وفي هذه الأثناء، يُنظر إلى التدخل العسكري في الصومال على نطاق واسع كنموذج بالنسبة لمالي. ففي الصومال، كان تنظيم «الشباب» المرتبط بـ«القاعدة» قد استولى على جزء كبير من البلاد وفرض قوانين قاسية باسم الإسلام. غير أنه مع حلول هذا العام، دفع جيران الصومال المقاتلين خارج معاقلهم الرئيسية، بدعم من الولايات المتحدة والأمم المتحدة. ومن أجل المهمة العسكرية في مالي، يُتوقع أن يساهم الفرنسيون في تدريب الجنود الأفارقة ومدهم بالمساعدة بخصوص الطائرات والاتصالات والاستخبارات، حسب تقارير يتم تداولها في باريس. هذا في حين يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بتوفير معدات جمع المعلومات الاستخباراتية والمساعدة في نقل الجنود الأفارقة وتوفير مساعدات لوجستية أخرى. سودرسان راجفان - باماكو إدوارد كودي - باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©