الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوميات دش

17 يونيو 2007 04:14
انفجار آخر في العاصمة بيروت، لكن هذه المرة ليست ككل المرات··· إنها السادسة والنصف مساء أيقظني رنين هاتف توقيته غير عادي ليخبرني أن فاجعة حلت هناك على شاطئ المنارة· قفزت بخطوة واحدة إلى ذلك الجهاز اللعين ولم تسعفني يدي على التقاط الريموت كونترول·· فهذه المرة شعرت بذعر أكثر من كل المرات·· هذا مسبح السبورتنج حيث يسبح·· ونادي النجمة، أليس هذا المعرض الصيني؟ إنه الكورنيش المفضل عند··· بلى·· بلى·· رفعت سماعة الهاتف لأتصل، لكني نسيت الأرقام·· ضربت رقماً ورقمين وعشرة وما من مجيب·· طبطبت على قلقي بعبارات مخدرة فالمكروه لن يمر عليهم بإذن الله· من محطة فضائية إلى أخرى تجمدت عيناي على قميصها الأخضر·· إنها هي عرفتها من ربطة شعرها وطلاء أظافرها الأحمر·· لا، لا ليست هي·· أحد يقنعني أنها ليست هي·· بعيدة المسافات بيني وبينها·· ماذا أفعل ولا يمكنني احتضانها من على الشاشة لأمسح بيدي الدم العابث بوجهها·· نقلوها من أمامي إلى سيارة الإسعاف·· لكن مهلاً علي ولا تقطعوا الإرسال عني·· الى أين أخذتموها بعيداً عن عيني؟ أستحلفكم بالله دعوني أتأكد أنها بخير فما من سبيل لديَّ للاطمئنان على واسعة العينين البيضاء الممتلئة·· الصدمة حرمتني حتى من نعمة البكاء·· انشل تفكيري وتجمدت الدموع في عيني·· اتصلت هنا وهناك وما من مجيب· أين ذهبوا جميعهم؟ هل عرفوا مثلي بما حدث؟ هل ركضوا لنجدتها؟ مرت علي دقائق بحجم دهر لأعرف أخيراً أنها داخل غرفة العمليات ينتزعون الزجاج من على وجنتيها ومحيط العينين·· المهم أنها بخير؟ وماذا عن زوجها وبناتها؟ كل يروي لي قصة وما من رواية تقنعني، فبداخلي إحساس يقول: إنهم يهونون علي الأمر· لم يرحني ويطمئن قلبي إلا عندما سمعت مارسيل غانم في برنامج كلام الناس على المؤسسة اللبنانية للإرسال يتلو اسمها من بين أسماء الجرحى المصابين بالانفجار، مؤكدا أن الإصابة غير قاتلة·· هل وصلنا الى مرحلة بات فيها أقصى طموحنا أن نعيش ولو مشوهين مبتورين؟ لطالما كان رأيي أن الفضائيات يجب أن تنقل صور ضحايا الحروب ليتعرف الرأي العام على حجم الإجرام الذي يتربص بالمنطقة، لكني قبل هذا اليوم المشؤوم لم أكن قد جربت الحرقة التي تشتعل بقلب كل من يشاهد على الشاشة قطعة من روحه تتمزق ألماً وأنيناً ودماً· ···إليك يا أختي منى القلب، دعواتي بالشفاء لتلك العينين العسليتين ولذلك الوجه الجميل الذي لطالما خشيتِ عليه من التجاعيد فكيف بالشظايا؟ نسرين درزي nisso03@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©