واصلت القوات السورية هجومها في محافظة أدلب أحد معاقل المنشقين عن الجيش أمس حيث قتل أكثر من 250 شخصاً خلال اليومين الماضيين، ودفعت بالمزيد من الدبابات وناقلات الجند المصفحة، بالتزامن مع وصل طلائع فريق مراقبي الجامعة العربية منوط به مراقبة تنفيذ دمشق لخطة السلام العرابية الرامية لإنهاء القمع وأعمال العنف المستمرة منذ 9 أشهر. وفيما دعا الناشطون المعارضون المطالبون بالديمقراطية في سوريا إلى التظاهر الجمعة تحت شعار “بروتوكول الموت” في إشارة إلى بروتوكول المراقبين العرب الذي وقعته سوريا مع الجامعة العربية معتبرين ذلك “مناورة” من النظام لكسب الوقت لمزيد من القتل، استبقت باريس اجتماعاً مقرراً لمجلس الأمن بشأن سوريا في وقت متأخر الليلة الماضية، متوقعة إحراز “تقدم حاسم” بهذا الصدد. من جهتها، أفادت دمشق في رسالة وجهتها أمس إلى الأمم المتحدة ومجلسي حقوق الإنسان أن أكثر من ألفي من قوات الأمن السورية قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام قبل 9 أشهر.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 29 شخصاً قتلوا في مدينة حمص المضطربة وسط البلاد وفي مدينة إدلب شمالاً، حيث أسفرت حملة القوات العسكرية وقوات الأمن عن مقتل ما يزيد على 250 شخصا خلال اليومين الماضيين في عملية استهدفت معقلاً لمنشقين عن الجيش يتمركزون بالمنطقة.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 9 مدنيين قتلوا في أحياء بابا عمرو ودير بعلبة والبياضة بحمص، برصاص قوات الأمن التي اطلقت النار بالمدفعية الثقيلة، موضحاً أن العدد مرشح للارتفاع لوجود الكثير من الحالات الحرجة. كما شنت الأجهزة الأمنية في مدينة حمص حملة اعتقالات عشوائية. واستشهد 4 مدنيين إثر إطلاق الرصاص عليهما خلال مداهمة قرية حيش بمحافظة أدلب على الحدود التركية، من قبل القوات النظامية صباح أمس. وفي درعا مهد الاحتجاجات ضد نظام الأسد، “استشهد مواطن خلال مداهمات ببلدة طفس نفذتها القوات النظامية السورية بحثاً عن مطلوبين للسلطات الأمنية”. وقتل 4 جنود نظامين واثنان من المنشقين خلال مواجهات قرب حاجز في حي بابا عمرو بحمص، بحسب المرصد. كما قتل جندي وجرح 8 آخرون بهجوم شنته مجموعات من المنشقين ضد حواجز لقوات الأمن في محافظة أدلب.
وفي ذات الوقت أظهرت لقطات فيديو حملت على الانترنت ما يعتقد أنها عربات عسكرية تتحرك في الشوارع بمنطقة سكنية في حمص وأمكن سماع صوت ما يبدو أنه إطلاق نار. كما أظهرت لقطات أخرى ما يعتقد أنها تظاهرات جديدة مناهضة للحكومة في أدلب ودرعا. من ناحية أخرى قالت “أفاز” المدافعة عن حقوق الإنسان ومقرها بريطانيا إن أكثر من 6200 شخص بينهم مئات الأطفال قتلوا أثناء قمع قوات الأمن والجيش السورية لانتفاضة مناهضة لحكم الأسد. وذكرت أفاز إنها جمعت أدلة على مقتل أكثر من 6237 مدنياً ومن قوات الأمن وأن 617 منهم قتلوا أثناء التعذيب. وأضافت الجماعة أن 400 قتيل على الأقل من الأطفال. وذكر ريكن باتل المدير التنفيذي لمؤسسة أفاز في بيان “لا يستطيع أحد الآن أن يغمض عينيه عن مشهد الرعب في سوريا..إن واحداً من كل 300 سوري إما أنه قتل أو سجن”. وأضاف “العالم أمامه خيار..إما أن يقف على الحياد بينما تمزق حرب أهلية وحشية البلاد، أو أن يكثف ضغوطه لاجبار الأسد على الرحيل”. وقالت الجماعة إن السلطات السورية اعتقلت 69 ألفاً على الأقل منذ بدء الانتفاضة في مارس الماضي. وأطلق سراح نحو 32 ألفاً منهم فيما بعد.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت الأسبوع الماضي أن الحملة الأمنية التي يشنها نظام الأسد ضد الاحتجاجات السلمية المطالبة بالديمقراطية، أسفرت عن مقتل أكثر من 5 آلاف شخص. وقتل المئات منذ إعلان الأمم المتحدة عن هذا العدد ورفعت أعداد القتلى من احتمالات تطور الأمور إلى حرب أهلية في سوريا حيث ما زال النظام يحاول إخماد الاحتجاجات مستعيناً بقواته العسكرية التي تدعمها الدبابات رغم العقوبات الدولية المفروضة. من جهتها، قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” أمس، عن رسالة وجهتها دمشق إلى الأمم المتحدة ومجلسي حقوق الإنسان تفيد أن أكثر من ألفي من أفراد قوات الأمن السورية قتلوا منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام قبل 9 أشهر.
وفي تطور متصل، أعلن وفد مقدمة عربي يضم 11 عضواً وصل إلى دمشق أمس، أنه سيقوم بعمل الترتيبات اللازمة لاستقبال بعثة الجامعة على الأرض، لجهة الإقامة والمواصلات والاتصالات والتأمين خلال انتقالات أعضاء البعثة وتحديد الأماكن التي ستقوم بزيارتها في كل المدن والمناطق السورية. ووصل الوفد إلى دمشق قادماً من القاهرة للإعداد لمهمة بعثة المراقبين العرب فيما يمثل أول تحرك ميداني من الجامعة العربية بعد توقيع سوريا على بروتوكول بعثة المراقبين لمتابعة الأوضاع في البلاد. وقال وجيه حنفي مساعد الأمين العام للجامعة هاتفياً “وصلنا دمشق بالسلامة”. وذكر سمير سيف اليزل الأمين العام المساعد بالجامعة الذي يرأس الوفد المكون من 11 عضوا قبل مغادرته القاهرة إن الوفد سيعمل على تيسير عمل بعثة المراقبين العرب مع الجانب السوري “في موضوع التجهيزات لاستقبال بعثة المراقبين”. ويضم وفد المقدمة عدداً من مسؤولي الجامعة إلى جانب باحثين وخبراء في عدة منظمات حقوقية. ووافقت سوريا أوائل نوفمبر المنصرم على خطة عربية تطالب بإنهاء القتال وسحب القوات من المناطق السكنية والإفراج عن السجناء وبدء حوار مع المعارضة.
وفي وقت سابق أمس، أعلن الأمين العام للجامعة نبيل العربي أن فريق المراقبين الذي يضم نحو 150 عضواً، ومن المقرر أن يصل إلى سوريا بحلول نهاية ديسمبر الحالي أو قبل ذلك، وسيطالب بزيارات دون عوائق للمستشفيات والسجون وغير ذلك من الأماكن في مختلف أنحاء البلاد. وأضاف أن الفريق سيصدر تقارير يومية سيكون للسلطات السورية حق الاطلاع عليها دون إدخال تعديلات. وقال العربي إن الفريق سيحتاج إلى أسبوع من وصوله إلى سوريا ليحكم إن كانت الحكومة تلتزم بخطة السلام العربية. وأضاف أن 10 سيارات دفع رباعي ستصل إلى سوريا من العراق لاستعمالها في مهمة الفريق. وأوضح العربي أن وفد مقدمة بعثة المراقبين “سيجري مباحثات مع كافة المسؤولين السوريين لترتيب جميع التفاصيل الخاصة بالبعثة التي تضم مراقبين مدنيين وعسكريين عرباً فقط”. وتابع أن “مهمة البعثة هي التحقق من تنفيذ الحكومة السورية لتعهداتها بموجب الخطة العربية وتوفير الحماية للمدنيين العزل والتأكد من وقف كافة أعمال العنف من أي مصدر كان والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة”.
وأضاف أن المهمة تنص أيضاً على “التأكد من سحب وإخلاء جميع المظاهر المسلحة من المدن والأحياء السكنية التي تشهد حركات احتجاجية والتحقق من منح الحكومة السورية رخص الاعتماد لوسائل الإعلام العربية والدولية والتحقق من فتح المجال أمامها للتنقل بحرية في جميع أنحاء سوريا وعدم التعرض لها حتى تتمكن هذه الأجهزة من رصد ما يدور حولها من أحداث”. وكشف العربي أن الجامعة ستتلقى في 26 ديسمبر الجاري “مقترحات من المعارضة السورية حول رؤياها للمرحلة المقبلة” ثم “تستضيف الجامعة في الأسبوع الأول من يناير المقبل، مؤتمراً موسعاً للمعارضة السورية”.
في غضون ذلك، وصل إلى القاهرة رئيس بعثة المراقبين الفريق أول الركن محمد مصطفى الدابي قادماً من الخرطوم، في زيارة تستغرق يومين يلتقي خلالها مع العربي. وقال الدابي في القاهرة إنه “يتابع الإعدادات الإدارية والترتيبات الفنية الخاصة بعمل البعثة والتي ستعمل بكل شفافية في مراقبة الوضع بسوريا من خلال لقاءات ميدانية متواصلة مع كل أطراف القضية السورية من قوات مسلحة ومعارضة وأجهزة أمن ومنظمات إنسانية”.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المغربية في بيان أمس، أن المغرب قرر إرسال وفد “رفيع المستوى” إلى سوريا للمشاركة في بعثة مراقبي الجامعة . وأوضحت الوزارة أن “الوفد المغربي سيتوجه الأسبوع المقبل إلى سوريا لمدة غير محددة وفي إطار مهمة محددة جيداً”.
الخرطوم تستنكر ضرب سفير سوريا
سناء شاهين (الخرطوم) - استنكرت وزارة الخارجية السودانية الاعتداء بالضرب الذي تعرض له السفير السوري بالخرطوم على يد أحد أبناء الجالية السورية مؤكدة حرصها على سلامة البعثات الدبلوماسية في البلاد، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال العنف ضد المسؤولين الأجانب بالبلاد. وقال العبيد أحمد مروح الناطق باسم الخارجية إن السفير السوري حبيب علي عباس أبلغ وزارة الخارجية بتعرضه لحادثة اعتداء أمام أحد المطاعم بضاحية الرياض من قِبل شاب سوري الجنسية. وأضاف العبيد أن وزير الدولة بالخارجية أكد للسفير السوري استنكار الحكومة للحادثة، ونقل له تعهداتها بحماية الوجود الدبلوماسي في البلاد. وأشار العبيد إلى أن وزارة الخارجية خاطبت الجهات الأمنية المختصة للتقصي في ملابسات الحادث.
عدد اليوم
