الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوجات يرفعن شعار «لا طلاق من أجل عيالي»

زوجات يرفعن شعار «لا طلاق من أجل عيالي»
1 مارس 2010 19:30
اعتادت سعاد التي لم تعرف الطعم الهني للحياة الزوجية، منذ بداية زواجها، على الشتائم والسب من زوجها، وكأنَّ هذا الرجل يملك قاموساً من الشتائم لانهاية له، حتى أنَّه قد يسبُّها أمام أسرته، ولا يجد حرجاً في ذلك. تصمت سعاد، ثم تعاود الحديث وهي منفعلة بالقول: «في هذه الحالة كان عليَّ السكوت وعدم الرد عليه، لأنني إن حاولت التفوه بأي كلمة فسيكون مصيري هو قطع لساني». بعد أن تهدأ محدثتنا تضيف: «صبرت على هذا الحال علني أجد مفراً من هذه المصيبة التي وقعت فيها، ولكن لا حياة لمن تنادي، عندها شعرت بالغربة والوحدة، وخيبة الأمل، التي لطفَّها إنجابي خمسة أطفال، وبين فترة وأخرى كنت أخير نفسي بين الطلاق والاستمرار، فلا أجد مفراً من البقاء من أجل الأطفال، خصوصا أنَّه كان يهددني دائماً بحرماني من الأبناء، وإعادتي إلى بلدي باعتباري زوجة أجنبية. مجدداً تعاود سعاد الصمت لبرهة، قبل أن تتابع قولها: «هكذا استمر الحال على الظروف القاسية والعنيفة نفسها سنوات طويلة، من زواج مُر، وخمسة أبناء لا ذنب لي أو لهم في تعاستهم، وذكريات لا تصبح ذكريات، لأنها لا تزال تتكرر وتتجدد حتى اللحظة، مع كل نوبة غضب وضرب وشتائم. أبعد من الطلاق ثمة خلافات زوجية وعلاقات يعجز حتى الطلاق عن حلها أو إنهائها، وكثيرا ما تكون الزوجة هي الضحية، فهي تفكر في الأطفال وكيفية رعايتهم وتربيتهم، وتضطر للخضوع إلى نصائح وضغوط الأمهات والجدات: «تحملي واصبري»، و«لاتخربي بيتك بيدك»، فيمضي العمر في شجار وتوتر وتعاسة تحت شعار»من أجل عيالي»، ولكن هل كان يجدر بهن الانتظار طوال هذه السنين، وهل ما يحدث هو فقط نوع من التنازل والتضحية ارتضتهما الزوجة؟ أم إن هناك بقية حب ووفاء للعشرة. زوجة ثانية رقية أحمد متزوجة منذ (22 سنة)، أنجبت خلال زواجها ستة أبناء، عاشت منذ بداية حياتها الزوجية على الذل والمهانة، برغم رفض أهلها لهذا الزواج الذي كانت خطوطه معروفة ومكشوفة منذ بدايته، فهو رجل سبق له الزواج من زوجة ثانية لحست عقله، وسرقت أمواله، وسافرت بابنتها الوحيدة التي أنجبتها منه إلى بلادها. تحكي رقية حكايتها مع زوجها، وتقول عن ذلك: «بعد سنة من هروب زوجته الأولى مع ابنته، بدأ زوجي يبحث عن امرأة أخرى، إلى أن حصل النصيب وكنت أنا زوجته الثانية. بعد فترة من الهدوء تكمل رقية شرح معاناتها، فتقول: «تزوجت هذا الرجل، وأنا على علم أنه دخل السجن سابقاًً بسبب عدة قضايا، لكنَّه أعلن توبته عن هذا السلوك المشين بعد أن ارتبط بي. لكنَّها إذ تتذكر توبته المزعومة لا تجد أمامها سوى الضحك، قبل أن تضيف مستهزئة: «بوطبيع ما يجوز عن طبعه»، فقد عاود الكرة مرة ثانية وثالثة، شرب الخمر والسهر حتى الصباح والضرب، فكرت في الطلاق عدة مرات، ولكني كنت أصطدم بتساؤلات عنيدة: من سيعيل أبنائي، فأنا ليست لدي وظيفة أجني من خلالها مالاً لأربي أطفالي الستة، وهنا كانت الطامة الكبرى، فالبقاء معه والصبر على تصرفاته أهون من «طلب الطلاق»، فمن الذي سيرضي بالزواج من امرأة طليقة رجل مدمن خمر، ومن الذي سيقبل أن يربي أبناء سكير»؟! رجال تعساء حتى نكون منصفين في القضية لابد من عرض وجهها الآخر، فالزوجة ليست دائما المقهورة والتعيسة، بالطبع هناك رجال تعساء بسبب زوجاتهم. يحكي يوسف إسماعيل مأساته مع زوجته، ويقول: «أنا لا أريد طرح الأسئلة، ولكني أبحث عن الحل، لكنه يعود إلى طرح السؤال على نفسه، ماذا يجديني الحل بعد خمس عشرة سنة من الزواج؟ يضيف على وقع الانفعال: «أريد الطلاق أو الاستمرار بأقل حد من المشكلات والخلافات. يتابع حديثه: «تعرفت على زوجتي في إحدى الشركات بينما كنت أنهي إحدى معاملاتي، النظرة سبقت الابتسامة، حتى كان موعد اللقاء والتعارف والزواج، هي من أسرة مرموقة وثرية وأنا رجل عصامي، اعتمد على نفسي، ومنذ اليوم الأول تخوفت من المستوى المعيشي لكل منا، ولكنني واجهت ذلك بتلبية كافة متطلباتها، لم يكن الوضع ليعجبها، ومهما اشتريت لم تكن تقول لي شكراً، أو يكفي، وعند كل صغيرة وكبيرة كانت تهددني بتدخل أسرتها، حيث كانت تعيش عيش الرفاهية والترف، وهكذا زرعت في نفسي الشعور بالنقص أمامها، ليستمر الحال على هذا النحو طيلة 7سنوات. يصف شعوره يوسف بعد هذه الفترة، قائلاً: «عندما شعرت أنني لا أملك أي ثروة عادت إلى الإمعان في تأففها وعجرفتها وسلاطة لسانها، وبرغم أنَّ لدي منها خمسة أبناء، إلا أنها لم تتنازل عن سخريتها واستهزائها بمستواي المعيشي، حتى ولو من أجل ابنائها. وبنوع من اللامبالاة يتابع يوسف، واليأس يملأ قلبه، بالقول: «كل هذه السنوات كافية لإقناعي بأن زوجتي تشبه نمرة برية من الصعب ترويضها والسيطرة عليها، وبرغم كل هذه السنين إلا أنني ما زلت أحبها، ولا أريد الانفصال عنها برغم عيوبها التي تقتلني في اليوم ألف مرة، وليتها فقط تتخلى عن تأففها وسلاطة لسانها، أو عن قدر قليل من ذلك. المرأة عاطفية كيف يمكن أن يستمر زواج لا يستند إلي التفاهم والاحترام؟ سؤال يبدو حالماً ورومانسياً، ولكن راشد عبد العزيز (متزوج منذ 13سنة) يحلله بالقول: «إن سبب استمرار هذه العلاقات الزوجية التعيسة والفاشلة يعود في جزء كبير منه إلى عدم ملاءمة الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمرأة تحديداً، والتي تساعدها على اتخاذ خطوة جذرية نحو الطلاق، فهناك العشرات ممن تزوجن قبل إنهاء دراستهن، وبذلك فإن الفرص أمامهن ضعيفة للعمل، وتحصيل المال، مع صعوبة العودة إلى بيت العائلة التي ترفض رفضا باتاً موضوع الطلاق، ثم إن المرأة نفسها عاطفية». من جانبها ترى سناء هاشم أنَّ كل تضحية مهما كبر حجمها تهون من أجل الأطفال، فهناك تجارب كثيرة ومريرة في المجتمع تشرَّد بسببها الأطفال، وكانت نهايتهم غير سعيدة.‏ تتساءل سناء: «عندما يصل الزوجان، إلى طريق مسدود وتستحيل العشرة بينهما، هل من الأفضل أن يضحيا من أجل أبنائهما، أم أن الطلاق مهما كانت نتائجه يكون الحل الأمثل؟!‏ لا.. للطلاق تعلق على الأمر غادة الشيخ، استشارية أسرية، وتقول عن ذلك: «كثير من الأحيان نرى الزوجة تصر على البقاء مع الزوج برغم سوء سلوكه، وقد يصر الزوج على بقاء زوجته على ذمته برغم المشاكل المستمرة بينهما، وعند البحث عن الأسباب نجد الخوف من فقدان الأولاد، أو العامل المادي هو الذي يشغل بال الكثير من النساء. تصمت الشيخ وتضيف، معلقة على الأمر: «نجد في كثير من الأحيان أنَّ الزوجة لا تريد الطلاق رغم تعاستها، وذلك خوفاً من أخذ الأطفال منها، أو حجب النفقة عليهم من قبل الزوج، وبالتالي فهي على استعداد للتضحية بوقتها وأعصابها وصحتها لأجل أبنائها، والزوج كذلك، عندما يجد سوء المعاملة من الزوجة يصر أحياناً على العيش معها من أجل أطفاله، خوفا من أن تذهب الحضانة إلى الزوجة. تفصيلاً تتطرق الشيخ إلى جانب تعتبره مهماً في المسألة، فتقول: «أيضاً من الأمور التي تجعل المرأة أحياناً ترضا العيش تعيسة مع زوجها هو الخوف من الفشل الاجتماعي، ومن نظرة المجتمع لها، فإن طلقت سينظر الجميع إليها بسخرية واستهزاء، وبالتالي ستخسر كل المكتسبات التي كونتها لنفسها على مدار السنوات الماضية، وعلى هذا فهي ترضى بالذل والهوان مقابل أن تحصل على رضى واحترام الآخرين لها من المعارف، ومن بعض أفراد المجتمع
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©