الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"بيانكا جاجر" بين أنين الفراشات و.. الشموع

15 يونيو 2007 01:22
الاتحاد- خاص: ''لقد كرّست يديّ لكي أحول دون انهيار إضافي في الحياة البشرية''· ''بيانكا جاجر'' التي وُلدت في نيكاراجوا وتحمل الجنسيّة البريطانية كانت زوجة مغنّي الرولينج ستونز الشهير ''ميك جاغر''، لكن العذاب في بلادها جعلها تكافح من أجل العدالة في كل العالم· ''بيانكا'' تنشط في كل أرجاء الأرض وستزور العراق· طفل من البوسنة يدعى ''محمد'' مصاب بمرض في القلب يعيش معها، هي التي رفعت صوتها عالياً ضدّ المجازر في البلقان والتي طاولت المسلمين·· امرأة مصفّحة ضد الخوف حتى عندما تشهد داخل الكونجرس·· يحاول هذا التقرير إلقاء الضوء على حياتها: المهنة: صاحبة قلب··! حين يأخذ قلب ''بيانكا جاغر'' شكل الكرة الأرضية· هذه المناضلة من أجل حقوق الإنسان تعتبر ''إن الروح البشرية تضمحل''، لتندد بالثقافة الحديثة: ''لعلنا أمام··· شظايا إنسان''· منذ 54 عاماً وُلدت في نيكاراجوا: ''أجل، في تلك المنطقة من العالم التي يشبه الناس فيها بقايا المناجم''، أي في عهد ديكتاتورية ''أناستازيو سومونرا'' ''الذي كما لو أنه هبط للتو من عباءة الشيطان: الاضطهاد، والفاقة، والحرب، والمرض''· رجل يصلح لكل العناوين الرديئة، ومع ذلك كان يحدّث جماهيره عن الديموقراطية، والعدالة، والحرية، لكنه كان ''يتقن مهنة واحدة فقط: أن يجعل حتى الجثث تتعذب· وكان لا بد أن يكون هناك، على الأقل، مَن يدافع عن··· الجثث''· أمها كانت ملهمتها: ''كانت تعلمني لغة الفراشات، أتصوّر أنني أصبحت على مستوى من الحساسية جعلني أشعر حتى بأنين الفراشات، ربما بأنين الشموع أيضاً''· لا بل إن أمها قالت لها إن الثقافة هي الحرية، وإن كانت تلاحظ الآن، وبأسى، أن المثقفين ضائعون بين الفانتازيا واللامبالاة، أي لم يعد هذا زمن ''بابلو نيرودا'' الذي كان حين يصرخ تتحوّل الأزهار إلى حجارة في وجه الجنرالات''· هي صاحبة الفيلم القصير والرائع: ''جنرالات أم حفارو قبور؟''· حجر قايين ''بيانكا'' حصلت على منحة للدراسة في باريس: ''كان هذا شيئاً يشبه الحلم تماماً: أن أرى ''بريجيت باردو'' و''لوي اراجون''''· المشهد ينطوي على الكثير من التناقض، لكن ''بيانكا'' كانت تعتبر أن التنوّع هو الذي ''يمنحنا التألق''· التألق الأخلاقي بطبيعة الحال· عام ،1966 وصلت إلى باريس، وفي رأسها أقانيم الثورة الثلاثة (حرية، إخاء، مساواة)، وأول كتاب قرأته كان ''الغريب'' لـ''ألبير كامو''· الكتاب أوحى لها بالكثير حول الالتباس الفلسفي في الداخل البشرية: ''رغم المساحات العبثية في الكتاب، فقد شعرت أن ''كامو'' كان ثائراً رائعاً ضدّ العدميّة، لقد حرّضني بقوّة على أن أصرخ''· في البداية، ربما كان أهم شيء يفعله الإنسان هو أن يفكر· لكن الخطوة التالية حتمية: أن يعمل أو أن يكافح: ''لم أملأ فمي بالبارود بل··· بالحقيقة''· انغمست في النشاطات السياسية، وشاركت في مؤتمرات عدّة: ''باريس تجعل حتى عظامك تغلي''· لا تزال ''بيانكا'' تقول، حتى الآن، أن عظامها تغلي لأن العدالة تتقهقر: ''قنبلة هيروشيما كانت نسخة معاصرة عن حجر قايين''· في رأيها ان الحجر لا يزال يتدحرج عبر الأزمنة بحثاً عن ضحية: ''لقد كرّست يديّ لكي أحول دون انهيار إضافي في الحالة البشرية''· في عام ،1971 تزوجت من مغني الرولينج ستونز ''ميك جاغر''، وكانت قد عادت إلى بلادها ثم غادرتها بسبب القمع الذي تتعرض له النساء هناك· وذات يوم صرخت في وجه أحد الأساقفة: ''لماذا لا تحطم رؤوسهم بهذه العصا''· الصرخة وصلت إلى أحد رجال السلطة، لكنها كانت قد خرجت· تقول: ''لم يسقط رأسي لأن الصدفة وقفت إلى جانبي''· صفارة القطار الزواج لم يكن سعيداً· كانت تميل إلى التأمل، فيما الحياة مع الرولينج ستونز بين لندن وباريس ونيويورك كانت مروعة: ''كما لو أنك تضع في أذنك صفارة القطار''· شعرت أنها غريبة، وتنتمي إلى قضية أخرى، ثقافة أخرى: ''وكان كل شيء في بلادي يلاحقني· يفترض أن أكون هناك، ولم أتمكن من السيطرة على أحاسيسي· نصفي على الأقل كان هناك· انفصلنا أنا و''ميك''، وقلت له ضاحكة: الآن سأشتري جمجمة أخرى''· عودتها تصادفت مع سقوط الديكتاتورية· كانت الثورة الساندينية في ذروتها في نيكاراجوا· صعقت بسبب الوضع في بلادها، ووضعت كل آمالها في الثورة، ولكن لتكتشف بعد فترة وجيزة أنه حتى الثوار يسقطون، وسريعاً جداً في جاذبية السلطة· المبادئ والشعارات تذهب، حتماً، إلى صندوق القمامة· لكنها، في كل الحالات، كانت ضدّ الولايات المتحدة التي اعتبرتها مسؤولة عن صناعة كل تلك الأحزان في أميركا اللاتينية· هذه هي أخلاقية الإمبراطوريات، لكننا في زمن القرية الكونية· تقول ''بياكنا جاغر'' التي لعبت في بعض الأفلام مع الرولينج ستونز ''··· بل إنها الكوميديا الكونية''· ''بيانكا'' التي تشاهدها في كل مكان، في كوسوفو، كما في الاكوادور، وفي كابول، وفي المناطق الكردية، وحتى في تلة الكابيتول كشاهدة أمام إحدى لجان الكونجرس، تقول إنها تعيش داخل حقيبة، فالتراجيديا، كما الظلم، من دون جنسية ''وأنا لا أشعر أبداً بذلك الشيء الذي يدعى الحدود· إذا كان لي أن أعتدي، قليلاً، على الشعر فلسوف أقول إن الحرية هي زوجة الهواء''· ابنتها··· اسم العائلة ''جاجر'' يفتح الكثير من الأبواب، ولذلك احتفظت بالاسم رغم طلاقها من الفنان الشهير· لكن المرأة التي كانت جميلة جداً في يوم من الأيام، تقول إن تخصصها في العلوم السياسية ساعدها على تكثيف شخصيتها، وبالتالي تفعيل صدقيتها· لكن مشكلتها هي في أن ابنتها ''جاد'' التي تعيش في لندن بدأت تعبّر عن قلقها من الحياة المضطربة التي تعيشها أمها·· ''بيانكا'' لا تكترث بحياتها حتى في أوقات الحروب: ''أفكر حتماً بالذهاب إلى العراق، لأن الناس هناك بحاجة إلى مَن يحمل إليهم الأمل رغم كل تلك الفظاعات''· إنها تعتبر الطبيعة بمثابة ''أمّنا الكبرى''· وقفت ضد قطع الأشجار في مناطق الهنود الحمر في نيكاراجوا لأن ذلك يدمّر حياة هؤلاء، كما قصدت البرازيل وأقامت دعاوى قضائية لحماية بعض الأراضي من الاستخدامات المدمّرة، وكافحت ضد مناجم الذهب التي تؤدي إلى تلوث المياه في أكثر من مكان في أميركا اللاتينية· لا شيء يخيف ''بيانكا''· يقال إنها امرأة مصفحة ضد الخوف·· في نيويورك، وقفت إلى جانب الأمهات الصغيرات السن اللواتي أصبن بالإيدز، وساهمت في استحداث مركز لاستقبالهن في هارلم، ولقد ذهبت إلى البلقان، وتحديداً إلى البوسنة، لتكون شاهدة (مدوية) على حالات الاغتصاب والقتل التي حدثت· ''بيانكا'' نقلت 22 طفلاً إلى الولايات المتحدة للعلاج· بين هؤلاء الأطفال ''محمد'' الذي يعاني من وضع خطير في القلب والذي يعيش معها في نيويورك منذ عام، وهي لا تزال حتى الآن تناضل من أجل إجراء تحقيق حول مجزرة سربرينتشا التي ذهب آلاف المسلمين ضحايا فيها، ذهبت ''بيانكا'' للصمت العالمي، وصرخت: ''متواطئون، متواطئون، متواطئون''· ''أورينت برس''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©