السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البينة في الدعاوى من أصول الحكم والقضاء بين الناس

22 ديسمبر 2011 19:57
(القاهرة) - من أشهر قواعد الفقه الاسلامي قاعدة «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر»، ويقول عنها الدكتور شعبان اسماعيل أستاذ أصول الفقه بجامعة أم القرى بمكة المكرمة إن البينة هي الدليل والحجة الواضحة، والمدعي: هو الذي يزعم خلاف الظاهر فعليه الاثبات بالبينة، لأن جانبه ضعيف، فكانت الحجة القوية واجبة عليه ليتقوى بها جانبه. الحجة الضعيفة وأضاف: أما المدعى عليه فجانبه قوي لأن الاصل عدم المدعي به، فاكتفى منه بالحجة الضعيفة وهي اليمين لاحتمال كذب المدعي عليه وانكاره. وهذه القاعدة وردت بنص حديث شريف رواه البيهقي وابن عساكر بلفظ «البينة على من ادعى، واليمين على من انكر، إلا في القسامة» والقسامة: هي الايمان التي يحلفها أهل القتيل لاثبات تهمة القتل على الجاني، حين لا يعلم القاتل بعينه. نفي التهمة والبينة التي جاءت في الحديث الشريف هي لنفي التهمة وانكشاف الحال لا لأجل القضاء على الغائب، ويشترط في اليمين التي يحلفها المدعي عليه أن تكون، بحيث يتوقف على قطع الخصومة والنزاع، فلو كان النزاع ينقطع بدونها لا يصار إليها، ثم هي من حق الحاكم لكن بطلب الخصم، فلو استحلف المدعي المدعى عليه فحلف، ولو بحضرة الحاكم أو حلّفه الحاكم بدون طلب المدعي فحلف فلا عبرة به، وله تحليفه. ويشترط في اليمين أن يكون الاعتراض والرفض عليها والامتناع من الحلف مفيدا للمدعي فلو كان الامتناع لا يفيد المدعي فلا يستحلف الخصم. ومن لطائف قاعدة «البينة على المدعي واليمين على من انكر» ان من اشترى دارا في سكة نافذة وكان لها باب قديم في سكة غير نافذة، فأراد ان يفتح بابها القديم، فلو اقر اهل السكة بذلك الباب فله فتحه كالبائع، لقيامه مقامه ولو انكر اهل السكة حلفوا، فلو حلّفهم واحدا بعد واحد، فيحلف الاول تسقط الايمان عن الباقين، إذ لا فائدة في تحليفهم، لانهم لو رفضوا فليس له فتح هذا الباب، إذ للحالف الاول منعه، فلو رفض الأول فله ان يُحلّف غيره، ثم غيره وهكذا. فإن رفضوا كلهم فله فتح الباب. النزاع بين الناس ويرجع القضاة إلى هذه القاعدة في الامور التي يجري فيها النزاع بين الناس، لان هذه القاعدة تعتبر اصلا من اصول الحكم والقضاء بين الناس. فإذا ادعى انسان على انسان أنه يطلبه مالا، أو ادعى عليه حقا من قرض أو دين أو بيع أو اجازة أو ما زشبه ذلك، فنقول: هذه الدعوى المجردة التي لا يسندها شيء فهذه دعوى ضعيفة، ولما كانت الدعوى ضعيفة طلب فيها بينة قوية ولما كان جانب المدعى عليه جانبا قويا، يعني اصل براءة ذمته يخرج باليمين لكن اذا قوي جانب المدعي، ضعف جانب المدعى عليه، واذا ضعف جانب المدعى عليه وقوي جانب المدعي، انتقلت اليمين من المدعى عليه الى المدعي، وهذا هو الذي اعتمدت عليه الادلة، ويدل عليه القياس الصحيح والمعنى، والقرائن الواضحة التي تؤيد من كان جانبه أقوى. وهذا يؤكد قاعدة «البينة على المدعي» لأن البينة احسم لكل ما يبين الحق، ويظهره على الصحيح المختار، والقرائن الدالة على المسألة من البينات وفهم القاضي من البينات. إذن البينات ليست منحصرة في وجه من أوجه الثبوت، بل هي عامة في كل ما يبين الحق ويظهره وهذه تستجد مع الازمان، وكل زمن له بينات مختلفة ايضا وتزيد على الزمن الذي قبله، فلابد في البينات ان تراعي الحال والبلاد واعراف الناس وقد قال تعالى:»ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك» يعني ما جئتنا بشيء يبين انك صادق في دعوى النبوة والرسالة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك. وقوله عز وجل:»لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة» فجعل البينة هي الرسول، وفي الآية الأولى البينة يؤتاها الرسول، فتنوعت البينة، لأن البينة اسم لما يظهر الحق.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©