الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قمة أميركا اللاتينية... سياحة سياسية

8 فبراير 2014 00:42
كانت قمة زعماء أميركا اللاتينية الأسبوع الماضي في كوبا أنموذجاً للسياحة السياسية والوعود الفارغة، لكن ثمة شيء جيد تمخض عنه الاجتماع هو إنقاذ «التكتل التجاري لتحالف الباسيفيك» المكون من أربع دول. وعقد زعماء «تحالف الباسيفيك»، الذي يعتبر تكتلاً تجارياً طموحاً مكوناً من المكسيك وكولومبيا وبيرو وتشيلي، عدداً من الاجتماعات الثنائية على هامش قمة «منظمة دول أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي» (سيلاك) في كوبا، وتحدثوا بشكل مطور عن مستقبل تكتلهم التجاري. ومن أبرز الملامح الخاصة لهذه الاجتماعات حضور الرئيسية التشيلية، المنتمية إلى يسار الوسط ميشيل باتشيليه. وغادرت الرئيسة التشيلية، التي تم انتخابها في مارس الماضي، إلى القمة الكوبية بناء على دعوة سابقها سيبستيان بينيرا. وقبل رحلة باتشيليه مع «بينيرا» إلى كوبا، كانت هناك مخاوف جادة بشأن مستقبل «تحالف الباسيفيك» بسبب تقارير عن أن تشيلي ستجمد دعمها للمنظمة بمجرد تولي باتشيليه السلطة. فبداية كان هناك سؤال بشأن ما إذا كانت باتشيليه ستؤيد بحماسة المجموعة الإقليمية التي أسسها سابقها ومنافسها السياسي. وثانياً، دعت الحملة الانتخابية لباتشيليه بوضوح إلى تقليص نشاطها في «تحالف الباسيفيك»، وتعزيز علاقات أقوى مع البرازيل ودول الساحل الأطلسي الأخرى. ولكن حسبما أخبرني مسؤولون بارزون شاركوا في الاجتماعات، ربما ساعدت الاجتماعات الثنائية على هامش قمة «سيلاك» في هافانا زعماء المكسيك وكولومبيا وبيرو على إقناع باشيليت بعدم تقليص دور تشيلي النشط في تحالف الباسيفيك. وأثناء المحادثات المنفصلة مع قادة المكسيك وكولومبيا وبيرو، تلقت باتشيليه تطمينات بأن «تحالف الباسيفيك» ليس تكتلاً موالياً للولايات المتحدة يرغب في تقسيم أميركا اللاتينية إلى قسمين، كما تمت طمأنتها أيضاً بأن التحالف ليس الغرض منه النيل من دول الساحل الأطلسي في المنطقة. وعلى نقيض غالبية مجموعات التكامل الرسمية في المنطقة، يركز «تحالف الباسيفيك» على الجانب الاقتصادي، ومن بين أشياء أخرى، يسعى التحالف إلى تأسيس منطقة حرة بين دول المنطقة، وإنشاء مكاتب تجارية مشتركة في آسيا وأفريقيا، وتدشين أربعة أسواق مالية مشتركة. وأما بالنسبة للقمة الأوسع نطاقاً والأكثر شهرة لمنظمة «سيلاك»، ليس على المرء سوى أن يقرأ بيانها الختامي ليدرك أنها كانت مهزلة، إذ ينص البيان على أن الدول المشاركة «تؤيد بلا قيد أو شرط تعزيز الأنظمة الديمقراطية في دول المنظمة وحقوق الإنسان للجميع». والمفارقة أن دول المنظمة تعهدت بتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في اجتماع ترأسه الجنرال راؤول كاسترو، الحاكم العسكري الذي لم تسمح أسرته الديكتاتورية بانتخابات حرة أو أحزاب سياسية أو وسائل إعلام مستقلة على مدار 55 عاماً. والأكثر سوء أن زعماء المنظمة وقعوا البيان في الوقت نفسه الذي كان فيه النظام الكوبي يعتقل المئات من زعماء المعارضين لمنعهم من القيام بمظاهرات سلمية أثناء القمة. ويحسب لبينيرا أنه التقى في هافانا مع زعيمة منظمة «ليديز إن وايت» المعارضة بيرتا سولر، بينما أرسلت رئيسة كوستاريكا لاورا تشينشيلا وفداً حكومياً للقاء قادة مفوضية حقوق الإنسان الكوبية. وكان بيان «سيلاك» المكون من سبعين نقطة مكتظاً بالوعود الفارغة بـ «مواصلة التقدم» نحو التكامل الاقتصادي في أميركا اللاتينية، ولكن من دون خطوات ملموسة لفعل ذلك. ومن المؤسف أن أصبح هناك الآن كثير من منظمات التكامل بين دول أميركا اللاتينية بعدد دول المنطقة. وعلى رغم انعقاد هذه القمم، لا تزال أميركا اللاتينية واحدة من المناطق الأقل تكاملاً في العالم، إذ أن 18 في المئة فقط من إجمالي تجارة هذه الدول تتداول داخل المنطقة، مقارنة بـ 65 في المئة من إجمالي حجم التجارة في الاتحاد الأوروبي، حسبما تشير إحصائيات الأمم المتحدة. ولكن لماذا ينفتح رؤساء دول أميركا اللاتينية على قمة «سيلاك»؟ يبدو أن المكسيك والبرازيل ترغبان في اتخاذ موقف دبلوماسي واقتصادي جيد انتظاراً للتحول الحتمي في كوبا، بينما تعتقد دول أخرى أنه في ضوء الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها كوبا مثل السماح لمواطنيها بالسفر إلى الخارج، أنه سيكون من المؤثر بشكل أكبر «مصاحبة» النظام الكوبي في اتجاه إجراء مزيد من التغييرات الأفضل بدلاً من معاداته. ورأيي أنه من المثير للشفقة أن نرى رؤساء أميركا اللاتينية يصطفون انتظاراً للظهور مبتسمين في صور مع راؤول وفيدل كاسترو، وسيندم كثير من هؤلاء الزعماء على هذه الصور عندما يرحل الأخوان كاسترو، وينكشف مدى انتهاكهما لحقوق الإنسان. وإذا ما كانت هناك أشياء جيدة تمخض عنها اجتماع «سيلاك»، فلا ريب أنها أشياء حدثت على الهامش، مثل الاجتماعات التي تم إقناع باتشيليت فيها بعدم التخلي عن «تحالف الباسيفيك». ‎أندريس أوبنهايمر كاتب أرجنتيني متخصص في شؤون أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©