الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التهجم على التجهم

1 فبراير 2015 22:58
نواجه في حياتنا بل وفي زماننا هذا، أصنافاً كثيرة من الناس، طباعهم مختلفة وأمزجتهم متنوعة. فهناك المتفائل وهناك المتشائم، وغيره المبتسم وآخر المتجهم ممن ينظر إلى الحياة بجدية مفرطة ليست في محلها. الذي يلفت الانتباه كثيراً، ويسترعي الاهتمام في هذه الأيام، ذلك الشخص الذي لا تراه إلا متجهماً مقطّب الجبينِ مُكْفَهِرَّ الوجه على الدوام أو في معظم وقته. تراه في حالته المزرية هذه، فيتبادر إلى الأذهان الكثير من علامات الاستفهام من هذا السلوك!. ويتساءل المرء: ما الذي يحمل شخصاً معيناً على أن يتلبس هذه الهيئة ويتخلق بهذا الأمر؟ أهي صفة متأصلة فيه لا ينفك عنها، أم أنّ الأمر لا يتجاوز نقصاً في النفس، أو ضعفاً في الشخصية يعوضه بتجهم مع الآخرين. ثمة أقوام يرون أن الابتسامة –عكس التجهم– تدل على ضعف صاحبها، وأن الابتدار بالتجهم يبعدك عن أمور أنت في غنىً عنها. يرى أصحاب هذا التوجه أن الحياة مليئة بالمنغصات، فالعمل له مشاغله والبيت له مشكلاته، والعمل الخاص له قضاياه، والاستغلال من ضعاف النفوس قد أزكم الأنوف. ويستشهد بعضهم، بأمثلة عجيبة غريبة، فيقول لك: انظر إلى ذلك العامل المنظف الذي يعمل في الشارع. يأتيك عند الإشارة المرورية ويقول لك وبأكبر ابتسامة: السلام عليكم ورحمة الله وبصوت رخيم. هذا لا يريد أن يسلم علي ويبتسم، بل يريد مالي وهمه استغلالي. وعندما أقابله بالتجهم الجاد يبتعد عني، ويكفيني من شره وأذاه. وينقل لك آخر ويقول: يأتيك الفَّراش -العامل البسيط- أو حتى المتعامل صباحاً في المكتب أو المكان المخصص لي مبتسماً ويطلب مني طلبا في العمل؛ ولكنه في الأصل له مصلحة خاصة آنية أو حظوة يرتجيها أو أمر يضمره في نفسه لوقت لاحق. وبالتالي التجهم والجدية من قِبَلي هي العلاج حتى لا يؤذيني لأن الذي فيَّ يكفيني. ويقول آخر لك أمراً في قمة الغرابة أنه عندما يذهب لانهاء أمر في مصلحة حكومية أو في محل تجاري، تجده لا يلتفت إلى أحد ويمشي متجهماً، فعندما يراه من لا يعرفه، أو حتى الذي يعرفه، وقد يكون أحد أقربائه يبتعد عنه. ويقول إن التجهم وضع كهذا، أمرٌ محمود.!! أمور أراها عجيبة وغريبة ومريبة. فما الذي يمنع ذلك الرجل من أن يبادله السلام ويرد بأحسن – كما هو في المثال الأول مع العامل في الشارع. وإن أعطاه دريهمات فما الضرر أو الضر في ذلك؟ تحتسب الأجر لمسلم أو تتألف قلبه إلى الإسلام إن كان غير مسلم بها.الموضوع في هذا الأمر يطول ولكل منا فيه بالتأكيد وجهة نظر، وما لا يدرك كله لا يترك جله؛ ولكن أقول إن التجهم أمر ممجوج تعافه الفطر السليمة من جنس البشر دون استثناء، وإن السلوك المعاكس له، كالابتسامة والبشاشة والانشراح مع الآخرين، هو الذي يدخل القلوب بلا استئذان ولا كثرة بيان وتبيان. فلِمَ التجهم يا هذا؟! حسين عبدالله - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©