السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لاجئون سوريون: من «الزعتري» إلى مدن الأردن

11 ديسمبر 2012
تشرح أرملة سورية، وهي جالسة على أرضية بيتها البارد الذي يخلو من الأثاث، كيف هربت من مخيم الزعتري للاجئين خلسة. لقد كان عليها دفع 50 ألف ليرة سورية، أي ما يعـادل نحو 700 دولار، لشخص من الخارج لكـي يهرّبهـا عبر الحواجز الأمنية في المخيم. وقد وافق على أن تدفع له نصف المبلغ مقدمـاً، وكـان لديهـا قريب في الأردن قام بإقراضها المال المطلوب. ومن هناك تمكنت من العثور على شقة في حي فقير عشوائي: عبارة عن غرفتين مظلمتين بجدران غير مطلية تعلوها الرطوبة والعفن. وتقول هذه السورية إنها تعيش في الغالب بفضل ما يمدها به جيرانها من مساعدات، وهم لاجئون سوريون أيضاً. وقد عثر أحدهم على جهاز تلفاز في القمامة وأعطاه لها، وهي الآن تجلس في زاوية الغرفة تشاهد قناة تابعة للمعارضة السورية تُظهر صوراً مروعة للحرب ضد نظام الأسد في الوطن. وعندما أتى أحد المشايخ إلى الحي وقام بتوزيع هبات وإكراميات على اللاجئين، أنفقت نصيبها على تسديد ديونها. وعندما سئلت حول ما إن كانت مسرورة لأنها غادرت مخيم الزعتري، أشارت بأصبعها إلى محيط الغرفة وقالت: «العيش هكذا؟ إن الأمر لا يستحق»، قبل أن تضيف: «سأعود إلى بشار وأموت شهيدة. فذلك سيكون أفضل بكثير من هنا والموت في هذا الوضع». وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر من الاهتمام يولى للمخيم، إلا أن عدد اللاجئين السوريين في مدن الأردن يفوق نظراءهم في مخيم الزعتري بـ3 لـ1 على الأقل. ولئن كانت حياة المخيم صعبة وشاقة، فإن اللاجئين في المدن لديهم مشاكلهم الخاصة أيضاً. ذلك أنهم مضطرون لدفع الإيجار، أولاً -وغالباً مقابل شقق توجد في حالة مزرية حيث يعانون من البرد في الشتاء. وليضمنوا الغذاء والمأوى يحتاج اللاجئون في المدن إلى وظائف. والحال أن الأردن لديه أصلاً 30 في المئة من البطالة. وبدون تراخيص عمل، يتعرض اللاجئون للاستغلال، وينتهي الأمر بالكثير منهم إلى العمل مقابل لا شيء تقريباً. اللاجئون السوريون الذين استُجوبوا في أحياء الأردن الفقيرة يتحدثون عن تسول المساعدة: التنقل عبر المدينة والانتظار في طوابير طويلة من أجل التسجيل لدى جمعيات خيرية أو الأمم المتحدة، أو تسلم مساعدات غذائية أحياناً، أو قطع أثاث. وبالنسبة للاجئين الذين تسللوا من المخيم، فإن الوصول حتى إلى أبسط الخدمات الأساسية يبدو مستحيلاً، لأنهم يفتقرون إلى أوراق الهوية. وفي هذا الإطار، تقول مسارا سراس، رئيسة منظمة النساء السوريات، التي توفر المساعدة للاجئين في عمان: «إنني أشجع الناس في مخيم الزعتري دائماً على عدم مغادرة المخيم»، مضيفة: «ذلك أن المشاكل التي سيواجهونها خارج الزعتري أكبر من تلك الموجودة داخله». وهناك طرق كثيرة للخروج من مخيم الزعتري حيث عاد نحو 6 آلاف لاجئ طوعاً إلى سوريا. وبالنسبة لآخرين، تستعمل الحكومة نظام الكفالة: فالسوريون الذين يتمكنون من إيجاد مواطن أردني يضمن محل إقامتهم والتكفل بهم يستطيعون مغادرة المخيم. غير أن الكفالة، مثلما تقول مصادر أممية وحكومية، مخصصة للاجئين الذين لديهم مشاكل إنسانية مثل المرض، أو أولئك الذين لديهم أقارب في الأردن. وحسب المتحدث باسم الحكومة لشؤون اللاجئين السوريين عمار حمود، فإنه منذ فتح المخيم تمت كفالة نحو 6 آلاف شخص. داخل المخيم هناك الكثير من القصص حول إمكانية شراء الكفالة، مقابل أسعار تتراوح ما بين 70 دولاراً و1400 دولار. غير أن المسؤولين يقولون إن الأمر ليس كذلك. ويتحدث اللاجئون عن طرق مختلفة للتسلل من المخيم: فالبعض منهم دفعوا المال لعمال زائرين من أجل مساعدتهم على الهرب؛ وآخرون يلتفون ببساطة على السياج في اللحظات التي تكون فيها الإجراءات الأمنية متراخية؛ ومعظمهم واعون تماماً بأنهم يخرقون النظام، غير أن آخرين يعتقدون على ما يبدو أنه سُمح لهم بالخروج بشكل قانوني. وفي هذا السياق، قالت امرأة إنها اشترت كفالة من سائق سيارة أجرة عند مدخل أحد مخيمات العبور، ولكن الوثيقة التي أظهرت لنا كانت عبارة عن نسخة لاستمارة كفالة فارغة لم تكن تحمل اسم الكفيل. وكانت الشرطة أعلنت في أوائل نوفمبر الماضي أنها قامت بتفكيك عصابة تهريب كانت تقوم بتهريب اللاجئين من المخيم. وفي ذلك الوقت، قال حمود لصحيفة «جوردان تايمز» المملوكة جزئياً للدولة، إن 4 آلاف شخص أُخرجوا من المخيم بشكل غير قانوني. لكن هذا الرقم قد يكون منخفضاً. فالتقديرات بشأن عدد اللاجئين في المخيم تقريبية في أحسن الأحوال، إلا أنه من بين الـ60 ألف شخص الذين دخلوا المخيم، مازال هناك نحو النصف. نيكولاس سيلي عمّان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©