السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب تونسي... ضد المخدرات

11 ديسمبر 2012
اتسعت ظاهرة الإدمان على المخدرات بين زملائي من الشباب التونسي خلال الشهور الأخيرة الماضية. وحسب آخر استقصاء إحصائي قامت به وزارتا التعليم والصحة في البلاد، فإن الفوضى التي عمّت تونس بعد الثورة سمحت لتجارة المخدرات بالازدهار والعبور في مسالك غير معروفة سابقاً، وبالذات بين المستهلكين من صغار السن. وقد أظهرت إحصائيات أصدرها في الآونة الأخيرة «المعهد الوطني للصحة العامة»، وهو هيئة حكومية، أن نحو 15 في المئة من الفتيان في البلاد و4 في المئة من الفتيات بين سن 15 و25 عاماً، استخدموا المخدرات مرة على الأقل في حياتهم. واعترف لي مؤخراً واحد من أصدقائي في المؤسسة التعليمية أنه أصبح مدمناً على تناول المخدرات، كما بين لي مدى سهولة الحصول عليها في المؤسسات التعليمية حتى في سن مبكرة. ويرنو المراهقون والراشدون الصغار على حد سواء، والذين يمثلون ما نسبته حوالي 33 في المئة من السكان، إلى المشاركة بشكل كامل في حياة المجتمع التونسي. لذلك يجب أن يكون شركاء التغيير هؤلاء في المستقبل قادرين على العيش في ظروف تشجع ازدهار واتساع مخيلتهم ومُثُلهم وطاقاتهم ورؤيتهم، حتى يتسنى لهم الحفاظ على دينامية العملية التقدمية والتنموية في البلاد، بدل أن يكونوا عالة على المجتمع جراء الإدمان. وهناك عدد من الخطوات التي يمكن للتونسيين، بمن فيهم الشباب أنفسهم، اتخاذها للتعامل مع مشكلة الإدمان وتعاطي المخدرات. أولاً، تتميز فترة المراهقة بتغييرات جسدية ونفسية تُظهر نفسَها أحياناً من خلال التمرّد والمعارضة العنفية، سواء للسلطة الأسرية أو لضوابط المؤسسة التربوية. وتشكّل المراهقة فترة هامة لتشكيل الشخصية ومرحلة مهمة وضرورية في مسار النمو والوصول إلى سن البلوغ. لذلك فهي تتطلب وجود أشخاص بالغين، يساعدون وينصتون ويرشدون، إلى جانب المراهق أو الطفل في هذه المرحلة من حياته، لكن يتحتم على هؤلاء أن يضعوا حدوداً لدور الناصح والموجه وأن يُظهِروا أقصى قدر من الحب والمرونة حيال المراهق. ويمكن للمراهقين أن يتحولوا إلى تناول المخدرات ويصبحوا أشخاصاً مدمنين، وذلك لأسباب عادية وبسيطة، مثل دافع الفضول والتوق إلى تجريب ما لم يعرفوه، وبهدف التعبير عن رفضهم القيم التقليدية، أو سعياً للهروب من المشاكل والضغوط العائلية. ولا شك أن المهنيين، مثل علماء الاجتماع أو موظفي الجمعيات التي تعمل مع الأطفال... كلهم مدعوون لتدريب البالغين وإعلامهم، وخاصة العاملين في المدارس الثانوية، بغض النظر عن مهمتهم ودورهم، على التعامل مع ظاهرة انحراف الأطفال والمراهقين نحو تعاطي المخدرات. ثانياً، يمكن لحملات التوعية أن تكون ذات فاعلية عالية في منع مخاطر المخدرات والحد من انتشارها بين فئة صغار السن. لذلك ينبغي تشجيع المؤسسات على القيام بتقديم نشاطات يمكن للطلبة المشاركة فيها، مثل نشاطات حل المشاكل التي تشجع مهاراتهم في التعبير عن الذات وتأكيدها وإيجاد الحلول المبتكرة. ومن الأمثلة على الفعاليات المفيدة في هذا الصدد، ذلك الحوار الذي عقد في شهر أكتوبر عام 2011 في مدينة سيدي حسين التونسية وضم خبراء في مجال الطب وعلماء اجتماع وممثلين محليين وبالغين صغار السن. وقد سعى الحوار بين ممثلين من السلطة وخبراء من ناحية، والشباب المحليين من ناحية أخرى، والذي صمم لزيادة الوعي حول مخاطر الإدمان على المخدرات، إلى إعلام الصغار بالمخاطر الكامنة في استخدام المخدرات وأثرها على حياة المدمنين، وبصورة أوسع على المجتمع ككل. وقد عَمِل هذا التواصل الأوّلي، من خلال إشراك الشباب في الحوار وموائد النقاش، على دعْم ثقتهم، كما أرسل إنذارات دقيقة حول المخدرات، وهي رسائل يتولى المراهقون أنفسهم بثها داخل بيئة المدرسة ووسط الأصدقاء. كما ينبغي أيضاً توجيه مناشدة للشباب أنفسهم للقيام بنشاطات تهدف إلى زيادة الوعي، وقد بدأت بعض هذه النشاطات تتبلور فعلياً. وعلى سبيل المثال، فإنه توجد على أجندة الاجتماع القادم لمجلس القادة الشباب في زغوان، وهي لجنة محليّة للقادة الشباب أنا عضوة فيها، جلسة حوار على مائدة مستديرة حول هذا الموضوع، هدفها تنظيم نشاط لبناء الوعي حول المخدرات مع طلبة المدارس الثانويّة في محافظة زغوان. ربما يتخذ هذا النشاط شكل حملة توعية مدتها يوم واحد يُعرَض خلالها فيلم وثائقي حول المخدرات، يقدِّم شهادات من مدمنين، يتبعه حوار بين خبراء طبيين وراشدين صغار السن. لقد أثبتت المخدرات كونها وسيلة عالية الفعالية في تدمير المجتمع ومهاجمة الصحة العامة والأسرية، والازدهار الاجتماعي والاقتصادي. هذا بينما يشكّل الشباب مصدراً ثميناً ووسيلة محتملة للتغيير الاجتماعي والإيجابي. لذا يجب أن يكون المراهقون والشباب هدف اهتمام الجميع، من المؤسسات إلى المجتمعات الصغيرة والأسر والحكومات، حتى تتسنى حماية فرص التحوّل البنّاء نحو بلوغ سن الرشد، والحماية ضد المخاطر ومجالات التعرّض. جهاد فرادي باحثة وعضو في مجلس القادة الشباب في زغوان (تونس) ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©