الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أطفال يبحثون عن العطف والأمان في أحضان الأم البديلة

أطفال يبحثون عن العطف والأمان في أحضان الأم البديلة
11 ديسمبر 2012
العمل ضرورة للمرأة، لأنه يساعدها على تطوير فكرها وشخصيتها، ومما لا شك فيه أن التي تعمل تكون مهيأة أكثر من غيرها لتنشئة أطفالها بالشكل الصحيح، لكن يبقى السؤال حائراً حول الوقت الذي تقضيه مع الأبناء، وتأثرها بالضغوط التي تواجهها، وانعكاس ذلك على طريقة تعاملها معهم، مما يضطر البعض منهم إلى اللجوء إلى المربية، أو يكثر التصاقه بالعمة أو الجدة، ويجد في أحضانها ملاذاً للعطف والأمان. في المقابل، هناك آخرون تجبرهم الظروف بحكم وفاة الأم أو زواج الأب، على البحث عن الشعور بالأمان، في أحضان الأخت الكبرى، أو قد يرق لهم قلب زوجة الأب، فتعوضهم عن الحنان الذي فقدوه. (أبوظبي) - رغم أهمية وجود الأم في حياة الطفل وبقائها معه، إلا أن الأهم هو قيمة الوقت الذي تقدمه له وما فيه من فائدة له بدلاً من أن تقضي معه ساعات طويلة لا يستفيد منها، وعندما يتم الحديث عن غياب الأم عن الطفل يقصد الغياب الروحي والفكري، وليس الجسماني، فغياب الأم جسمانيا عن الطفل لا يشكل عليه خطـورة، إذا كان الطفل مكتفياً من إحساسه بالأمان تجاهها، حيث تعوضه عن هذا الغياب عند عودتها من العمل، بتخصيص وقت مكثف يكون له وحده، لكن الغياب الروحي وابتعاد الأم عن طفلها وعدم إشعاره بالأمان يجـعل منه إنساناً غير متزن ومشوشاً. توفير الوقت والسؤال الذي يطرح نفسة هل يمكن للأم البديلة أن تعطي الحب والحنان والأمان للأبناء مثل الأم الحقيقية؟، في هذا الإطار توضح الدكتورة سعاد العريمي مساعد العميد لشؤون الطلبة بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية/ جامعة الإمارات أن الأم البديلة قد تكون إحدى القريبات مثل االمربية والجدة أو العمة أو غيرهن من الأقارب، وهي التي تقوم برعاية الطفل نفسياً وبيولوجياً واجتماعياً، كأن تهتم بالتعليم والمأكل وغيرهما، وتكون هذه الأم موجودة منذ شهور الطفل الأولى، ويتعرف إليها الطفل كأم وتتكون بينهما عاطفة الطفل والأم، فتكون الأم الحقيقية، من دون أن تكون الأم البيولوجية للطفل. وتضيف: المربية بالعادة تقوم بتربية الطفل، لكنها لا تمنحه الإحساس بأنها الأم الحقيقية، لأنها تتلقى أجراً مقابل العناية، وقد أثبتت الدراسات أن الطفل لا يتأثر بطول المدة التي يقضيها مع المربية بالقدر نفسه الذي يتأثر به نتيجة حرمانه من الأم، حيث يعتبر انشغال الأم الدائم بأعمال لا تسمح لها بتوفير الوقت لرعاية طفلها، مثل العمل خارج المنزل أو كثرة عدد الأولاد، أو السفر المتكرر مع الزوج، من أبرز الأسباب التي ساهمت في انتشار ظاهرة الأم البديلة في المجتمع. تشتت عاطفي وعن تأثير ذلك على الأبناء، قالت: غياب الأم يسبب التشتت العاطفي ويخفض مستوى الذكاء، وعادة تظهر الفروق بين الأطفال الذين يحظون بعناية أمهاتهم، ويبقون في عهدة الخادمات أو المربيات، مما يصيب الطفل بالتشتت العاطفي تجاه الأم والمربية. وتتابع”العاطفة تتكون بين الطفل ومن يعطيه الرعاية في أول شهوره، لذلك قد تتزايد الخطورة إذا وجدت المربية في المراحل الأولى لحياة الطفل، والأطفال الملازمون للمربيات يظهر عليهم انخفاض في مستوى الذكاء، وذلك نتيجة حرمان الطفل من الشعور بالأمان بخاصة إذا غابت المربية أو تم تغييرها. أمهات بديلات وفاة والدة عواطف الريس جعلها تكون أماً بديلة لـ 3 بنات وولدين، فهي خريجة جامعية تخصص إدارة أعمال، لكن خوفها من زواج والدها بزوجة ثانية تعاملهم معاملة سيئة، جعلها تفضل أن تكون الصدر الحنون الذي يبعث الأمان والاستقرار لإخوتها، حيث تقول عواطف الريس التي لم تتزوج حتى الآن: أمارس دور الأم الحقيقية وأتابع مسؤوليتي تجاههم رغم الصعوبات الكثيرة، التي كادت تشتت أركان الأسرة، لكن الحمد لله لولا ثباتي ومثابرتي لما استطعت أن أربيهم أحسن تربية. ظروف الدراسة أما سعاد عبدالله التي فضلت أن تكون أختها المتزوجة أماً بديلة لأبنتها الصغرى ذات العام فتقول: ظروف دراستي الجامعية تجبرني على المكوث في السكن الداخلي للطالبات لمدة أسبوع كامل، ليكون الأربعاء والخميس والجمعة صباحا الوقت المناسب الذي أقضيه مع ابنتي شهد بين اللهو والرعاية والاهتمام بها. وتضيف: يعتصر قلبي ألما حين أبتعد عن طفلتي التي هي بحاحة شديدة لوجودي .خاصة في السنوات الأولى، لكن ظروف الدراسة أجبرتني أن تقوم أختي برعايتها التي قد تطول سنتين دراسيا، صحيح أن أختي ستقوم بدورها كأم بديلة لابنتي لكن خوفي من أن يأتي اليوم الذي تعتقد فيه ابنتي أن عمتها هي أمها الحقيقية التي قامت على رعايتها والاهتمام بشؤونها وتعليمها. أما مروة السيد الذي يجبرها عملها على العمل في فترة الصباح والمساء فتترك ابنها طارق في الصف الثاني وابنتها ربى في الثالث مع جدتهما التي تولي الرعاية الكاملة لهما، وتحكي مروة تجربتها: بالفعل لم أجد أما بديلة مثل والدتي التي لها باع طويل وخبرة كبيرة في التربية، فقد نجحت في تربيتنا وأوصلتنا إلى أعلى المراتب العلمية، وظروف عملي اليوم تجبرني على ترك أبنائي معها. وتضيف: أمي بالفعل أم بديلة ولكنها تملك الحنان والعطف والحرص على تربية أبنائي بطريقة صحيحة، حتى إن أبنائي من كثر تعلقهم بها ينادون جدتهم «ماما»، تصف شعورها بهذا الشأن : في بعض الأحيان قد ينتابني الشعور بالغيرة حين أسمع أبنائي ينادونها بماما، لكن أجدها أفضل من أن ينادون الخادمة بماما، فوالدتي حريصة كل الحرص على الاهتمام بهم في فترة غيابي، وانشغالي بعملي الذي يجعلني كثيرا غير قادرة على متابعتهم والجلوس معهم ومتابعتهم دراسيا. طفل معاق هيام عبد الغفار التي تزوجت في عمر الثلاثين من ابن عمها، لم يكن هناك ما يؤرق حياتها سوى عدم إنجاب الأطفال، وهذا ما جعلها تطلب من ابن عمها الزواج بامرأة ثانية لشعورها بلهفة الأبوة لديه وحلمه بالأبناء، فتحقق مطلبها بزواج زوجها بثانية ولتنجب منه 3 أبناء آخرهم طفل معاق ذهنيا، مما جعل الزوجة الثانية تطلب الطلاق لعدم استعدادها لتربية طفل معاق، تاركة الأطفال في كنف الزوجة الأولى. وتحكي هيام رحلتها مع تربية أبناء الزوجة الثانية: احتضنت أبناء زوجي، بالرعاية والعطف والحنان وأوليت الطفل الأخير الاهتمام الأكبر لما يحتاجه من رعاية مختلفة عن الآخرين، خاصة بعد أن علمت أنه لا أمل في شفائه. وتستطرد: بعد مرور سنوات تكتمل المأساة بوفاة زوجي الذي تحملت من بعده مواصلة مسيرة تربية الأبناء بمفردي، وسط ظروف معيشية صعبة، لكن الحمد لله الذي عوضني عن باقي السنين بهؤلاء الأطفال الذين ملأوا حياتي. أما الجدة الستينية ظبية السويدي التي اختارت أن تهب وقتها وحياتها لأبناء ابنتها، التي توفيت بمرض السرطان، تقول: الحمد لله استطعت أن أجعل هؤلاء الأطفال يعيشون في جو أسري لا أبخل عليهم بشيء، أريهم الصحيح من الخطأ، أحاول أن أفهمهم أن الحياة جدير بنا أن نعيشها، لكن في حدود المعقول كي لا نقع في المحظور، أحاول أن أرسخ لديهم أنه كل ما يفعل في الخفاء هو عيب، كل ما أتمناه أن أراهم في أحسن الأحوال، وهذا ما أصبو إليه، إذ أراهن على أن أجعل منهم رجالا ونساء أفخر بهم في المستقبل. وتضيف: أبناء ابنتي أعادوا في الروح وجعلوني أحب الحياة أشعر بأنني أم حقيقية وليست بديلة، فقد وهبت نفسي لرعايتهم وحل المشاكل التي تواجههم، سواء أكانت نفسية أو اجتماعية فحاولت قدر جهدي أن أوفر لهم الوضع الطبيعي للأسرة. الحب والحنان تقول الدكتورة نضال سيد أخصائية نفسية، توضيحاً لأمر الأم البديلة: كل من تتولى مهمة الأم البديلة لابد أن تكون شخصيتها معطاء مليئة بالحب والحنان، ولا تنتظر المقابل المادي، هذا العطاء وإن وجد بصفة دائمة مع الأطفال لايجب أن يغيب عنهم أبدا، بل تعمل على إعطائهم جميع حقوقهم التي يجب أن تكون لها الأولوية عن أي شيء آخر في حياتها مثلما تفعل الأم الحقيقية. وتتابع: أشارت إحدى الدراسات النفسية إلى أن الطفل الذي يظل في حضن أمه باستمرار يتمتع بصحة أفضل ومناعة أقوى من الطفل الذي تربى على يد خادمة أو مربية أخرى، كما أن الطفل الذي يلتحق بالحضانة في شهوره الأولى أو يترك مع مربية غير أمه تتسم طباعه بالحدة والعدوانية لافتقاده الشعور بالأمان، إضافة إلى بعض المشاكل النفسية الأخرى. وأضافت: لا يجدر بالأم أن تظن أن الجدة أو العمة بإمكانها أن تعوض الطفل وجودها، بل على العكس ستتحول الأم في عقل ابنها الباطن إلى أم سيئة وتلك الجدة أو الخالة أو المربية تصير هي الأم الجيدة البديلة، ورغم ذلك يظل بداخل الطفل شعور بالحرمان، ويشب إنسانا جاحدا رافضا والديه وغير متقبل منهما نصيحة أو تدخلا في حياته، عقابا لهما على تركه في طفولته، وربما يسعى إلى كل تصرف يسبب لهما الإزعاج. قصة سامي وريما سامي وريما كامل اللذان تربيا في حضن عمتهما، بعد سفر والديهما للعمل خارج الوطن، أوضحا أنهما لا يشعران بأن عمتهما أم بديلة، بل هي أمهما التي نذرت نفسها من أجلهما، وفضلت ألا تتزوج لتظل معهما، وهذه التضحية هي أعظم صفات الأمومة كما يراها كل من سامي وريما. وتتحدث عمتهما عن ذلك: لقد كان سامي في الصف الأول وريما في الصف الرابع عندما جاءت الفرصة لأخي وزوجته، للسفر من أجل إكمال دراستهما العليا عندها اتخذت هذا القرار، لأنني لا أريد لولدي أخي أن تربيهما الخادمة. وتتابع: أنا أتابع دراستهما وأفكر في مستقبلهما وأنظم لهما نشاطات أسبوعية، إن تعلقي بهما شديد جداً، فأنا رأيتهما أمامي يتفتحان كالزهرة، قضيت أيامي إلى جانبهما، وفي الليل أسهر عليهما، وأنام بينهما، أضحك معهما، وألعب وأحكي لهما الحكايات وهما في حضني نائمين، هما من منحاني صفة الأم، فأنا عندما أتحدث مع جاراتي لا أقول سامي وريما، بل أقول ولدي، وهي كلمة تنبع من داخل قلبي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©