الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حديقة الإمارات للحيوانات تسهم في تثقيف الطفل بيئياً وتحاكي عالمه

حديقة الإمارات للحيوانات تسهم في تثقيف الطفل بيئياً وتحاكي عالمه
21 ديسمبر 2013 21:01
على بعد 25 دقيقة من مركز العاصمة أبوظبي، وبالتحديد في منطقة الشهامة، تقع حديقة الإمارات للحيوانات التي أسسها المواطن ناصر سالم لخريباني النعيمي عام 2008، على مساحة صغيرة، أخذت تتسع، لتستهدف اليوم زيارة نصف مليون زائر سنويا. والزائر للحديقة، يمكن أن يتلمس ذاك التفاعل القائم بين الطفل والحيوان، فمن اللحظة الأولى لدخولها، نجد الأطفال يتدافعون لشراء الطعام، والاقتراب من الحيوانات لإطعامها ومراقبتها عن قرب. وهو دليل على تلك الرغبات الكامنة التي تريد أن تعرف وترى وتلمس ما يدور حولها، لتقف عند مدلولات كثيرة يستطيع الطفل من خلالها أن يعزز طاقته المعرفية، في مساحة واقعية، تتعدى عالم الخيال الذي يشاهده عبر شاشة التلفاز في أفلام الكرتون والرسومات المتحركة. وهي الطاقة التي يمتلكها كل طفل، والتي تعكس صورته الشخصية في المجتمع. مهارات التواصل والتفكير والحديث عن تفاعل الطفل مع عالم الحيوان، والبحث في العوائد المعرفية والجوانب النفسية لهذا التفاعل، يعيدنا إلى كتاب «كليلة ودمنة»، الذي يضم مجموعة قصص يغلب عليها طابع الحكمة، وتحفل بخرافات الحيوان، وهو الكتاب الذي حقق حضوراً عالمياً كبيراً، وترجم إلى لغات كثيرة، ما يشير إلى ضرورة وجود الحيوان ودروه في محاكاة عالم الأطفال، وطرح الأسئلة حول حدائق الحيوانات وأهميتها بالنسبة للأطفال وتحديداً حديقة الإمارات للحيوانات. والحديقة كما يراها مؤسسها ناصر سالم النعيمي ليست مجرد مشروع ترفيهي، بل هي مشروع تثقيفي وتعليمي، يسهم في إثراء عالم الطفل والزوار بالكثير من المعلومات والأفكار، ويطلعهم على سلوك الحيوانات وأنماط حياتها. كما ينمي لديهم المقدرة على مهارات التواصل معها والتفكير في عوالمها والإحساس بها، وهو ما ينعكس بالضرورة على سلوك الطفل تجاه الآخر داخل الأسرة والمجتمع ككل، ما يجعل الطفل أكثر وعيا بالحياة ومواكبة تفاصيلها، ليكون فرداً قادراً على العطاء في المستقبل. ولعل هذا هو أبرز ما يمكن اكتسابه من هذا المشروع الذي يتجاوز مسألة الترفيه إلى ما هو أكثر نفعاً على المدى الطويل، خصوصاً ما يتعلق بالجانب النفسي والاجتماعي. ويمكن من خلال ذلك تجاوز الكثير من المشكلات الاجتماعية في وقت مبكر من حياة الإنسان، والتي قد يصعب تجاوزها في مراحل متقدمة، ومن هذه المشكلات يمكن ذكر: العنف، الجريمة، العزلة وغيرها أمثلة كثيرة. ويرى النعيمي أن دور الحديقة في تثقيف الطفل امتد خارج حدودها، ولم يقتصر على تعامل الطفل مع الحيوان، وذلك عبر المشاركة في المناسبات الاجتماعية كيومي اليتيم والأم، وهي مناسبات تحث الطفل على أن يكون فاعلاً في مجتمعه قادراً على تأدية واجباته. وهذا كله يترك أثراً إيجابياً في نفس الطفل، كما يحقق الكثير من الأهداف المرجوة في بناء مجتمع متين، ومحصّن. مراقبة الأداء إخصائي طب النفس في مستشفى النور بأبوظبي الدكتور يوسف التجاني يلفت إلى أن العالم يعيش فيه الإنسان والنبات والجماد والحيوان، والعناصر الثلاثة الأولى موجودة في حياتنا اليومية المدنية الحديثة، لكن الحيوان بطبيعة الحال بعيد عن هذه الحياة، وحديقة الإمارات للحيوانات من شأنها أن تقرّبنا من هذا الكائن الذي يشكل جزءاً من عالمنا، ومن هنا تبرز أهمية زيارة الحديقة لا عبر زيارات متقطّعة، بل بشكل متواصل إذا أمكن ذلك. ويقول إن من المعروف في علم النفس أن الإنسان هو العالِم، فهو منذ صغره يحاول أن يستكشف الأشياء ومفردات البيئة المحيطة به، والحيوان جزء منها، والطفل في عمر ثلاثة أعوام إلى تسعة أعوام، يكون اهتمامه محصوراً في الجانب الاستكشافي «شكل الحيوان، حجمه، سلوكه». أما الطفل الذي يتجاوز هذا العمر «أي 10 أعوام فما فوق»، فإن اهتمامه ينصب على الجانب الإنساني، عبر التعامل مع الحيوان والتفاعل معه. مؤكداً أن الطفل بعد سن السابعة يبدأ في التفكير تجاه الحيوان بطريقة عقلانية، ويكون أكثر استيعاباً وفهما لما يحدث حوله. وينوه د. التجاني إلى أن هناك ما يعرف بعلم سلوك الحيوان، ويمكن للطفل أن يستفيد من سلوك الحيوان، إذا كان ذلك في صالحه، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى صقل شخصية الطفل. وما يمكن الاستفادة منه في هذا الجانب أن الطفل يشعر عادة بالتعاطف مع من هو بحاجته وأضعف منه. وإضافة إلى ذلك، يمكن للأسرة قياس أو مقارنة العامل النفسي لدى أطفالها خلال زيارتها لحديقة الحيوانات، ومراقبة أدائهم بعد الزيارة أيضاً، وهذا مهم جداً في علاقة الأفراد داخل الأسرة الواحدة. كسر حاجز الخوف أما محمد نايته زائر سعودي فقد سمع كثيراً عن حديقة الإمارات للحيوانات عبر البرامج التي خصصت عنها في قنوات تليفزيونية أبرزها قناة «إم بي سي 3»، وجاء إلى الإمارات من أجل زيارة الحديقة بشكل خاص. ويؤكد أن من أبرز ما يكتسبه الطفل من هذه الزيارات إلى الحدائق وبالتحديد حديقة الإمارات للحيوانات بما تملك من حيوانات كثيرة ومتنوعة هو كسر حاجز الخوف عند الطفل، فالأطفال في الحديقة يمكنهم الاقتراب من الحيوانات عندما يجدون انفسهم جميعا قادرين على ذلك، يشجع بعضهم بعضاً، وهو ما يخلق في نفس الطفل نوعاً من الألفة والفضول. ويرى أن هذا الأمر لا يقتصر فقط على الأطفال بل وعلى الكبار أيضاً. ويؤكد أن الطفل في العالم العربي بأمس الحاجة اليوم إلى المزاوجة بين التثقيف والترفيه، وهذا ما تحققه زيارة حديقة كبيرة ومهمة كحديقة الإمارات للحيوانات، فغالباً ما يقتصر اهتمام العائلات العربية على ترفيه الأبناء فقط، عبر اصطحابهم إلى مدينة ألعاب قد لا تحقق لهم الاستفادة المعرفية. اكتشاف العالم يقول زياد، مقيم في دولة الإمارات إن حدائق الحيوانات تمثل مكاناً مثالياً للتطبيق العملي بين ما نعرف وما نرى، وغالبية الأطفال يحبون الحيوانات بشكل فطري، لذلك فان تعويدهم على زيارة حدائق الحيوان والتعرف على كل حيوان عن قرب وقراءة المعلومات الخاصة به لاشك سيعمل على إثراء الثقافة العامة للطفل، ويجعله أكثر تفاعلاً مع بيئته وأكثر إدراكاً لطبيعة العالم الذي يعيش فيه. ولاشك أن بعض حدائق الحيوان تخصص برامج جميلة إلى جانب الزيارة التقليدية، وهذا ما نجده في حديقة الإمارات للحيوانات، التي تنظم فعاليات متنوعة بالتعاون مع عدد من المؤسسات الاجتماعية تواكب المناسبات العامة داخل الدولة وخارجها. ويؤكد أن التواصل مع عالم الحيوان من قبل الطفل يدفع الأطفال للاهتمام بقضايا البيئة وتأثيرها على الإنسان، كما يساعد على توسيع المدارك بالشكل الأساسي، وفي ذلك خطوة أولى لاكتشاف العالم بالنسبة للأطفال دون الثلاث سنوات، في حين أن طفل الثلاث سنوات وأكثر سيستمتع برؤية حيوانات قد يكون قد قرأ عنها أو شاهد أفلام كرتون تجسد شخصياتها، وهذا سيعمل على توسيع مداركه أيضاً، وعلى قدرته على الربط بين المعلومات التي قرأ عنها أو سمع بها أو شاهدها على شاشة التلفاز، فملمس جلد الأفعى على سبيل المثال لا يمكن لعقل الطفل أن يدركه تمام الإدراك إذا لم يتعرض لهذه التجربة في حديقة الحيوان وتحت إشراف شخص محترف. تعاون وتقارب سارة البلوشي مواطنة زارت الحديقة أكثر من مرة، تشير إلى أن مراقبة الطفل لعالم الحيوانات يعزز لديه مبدأ التعاون مع الآخر، والاقتراب منه، وتقديم العون له، وهو ما ينعكس على حياة الطفل في تعاطيه مع إخوته، وأسرته، وزملائه في المدرسة، مشيدة بهذه المشاريع التي لا تهتم فقط بمتعة الطفل، ولا بتحقيق الأرباح المادية، بل تسهم في بناء شخصية متوازنة للطفل، وفاعله في بيئتها. فالمتعة التي ينالها الطفل من زيارته للحديقة تنتهي بانتهاء الزيارة، ولكن ما يجنيه من أفكار ومعلومات ترافقه زمناً طويلاً. البحث وإثارة الأسئلة أحمد الشيخ مواطن مقيم في العاصمة أبوظبي، يحرص على زيارة الحديقة بشكل متواصل، يقول إن هناك عوائد كثيرة يجنيها الأطفال من زيارتهم للحديقة، منها تنمية الحركة، والبحث، وتقصي المعرفة، وإثارة الأسئلة التي يمكنها أن تقود إلى فهم طبائع المخلوقات وأنماط حياتها، إضافة إلى النشاط الذهني والتواصل الاجتماعي لدى الطفل، فهو عندما يخرج من مساحة البيت الضيقة إلى فضاء مفتوح يضم عدداً كبيراً من الزوار والأطفال والحيوانات بمختلف أشكالها وأنواعها يصبح قادراً على التعاطي مع محيطه وفهمه والانخراط فيه.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©