الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أزمة الغذاء تمتد إلى الدول الغنية مع تزايد هدر الطعام

أزمة الغذاء تمتد إلى الدول الغنية مع تزايد هدر الطعام
10 ديسمبر 2012
أبوظبي (الاتحاد) - يساهم 1,5 مليار من زائدي الوزن وذوي السمنة، في جوع مستدام لنحو 870 مليون شخص حول العالم، في الوقت الذي تعاني فيه الحكومات من نفس التحديات، لإنتاج محاصيل غذائية وفيرة من مساحات زراعية قليلة، وخفض معدل المخلفات وتقلبات الأسعار. وترسم توقعات الأمم المتحدة حجم تلك التحديات، مقابل خلفية تحفل بزيادة كبيرة في عدد السكان وضعف في الإنتاج، من أجل توفير الغذاء لنحو ملياري فرد إضافي بحلول 2050، مما يتطلب زيادة الإنتاج بنسبة قدرها 70%. وتشير البيانات الواردة من منظمة الزراعة والأغذية (الفاو) إلى أن واحداً من بين 8 أشخاص في العالم، يأوي إلى فراشه، وهو يعاني من الجوع، ويبدو أن مشكلة الجوع لا تقتصر على البلدان الفقيرة فحسب، حيث بدأت مستويات الفقر ترتفع في البلدان الغنية أيضاً. وهناك نحو 46,7 مليون شخص في أميركا استخدموا قسائم للحصول على مواد غذائية خلال يوليو الماضي، ومن المتوقع أن تتلقى نحو 200 ألف أسرة إعانة من بنوك الغذاء في بريطانيا خلال ديسمبر المقبل. وأشار لوكا شينوتي، المستشار في “أوكسفام”، إلى عدد كبير من الذين تعرضوا للجوع في الفترة بين 2010 إلى 2012 والذين تجاوز عددهم سكان أميركا وكندا وبريطانيا، في عالم ينتج حالياً ما يكفي من المحاصيل الغذائية، في فضيحة تعتبر الأكبر من نوعها في العصر الحالي. وبالإشارة للمعوقات الراهنة مثل التقاعس السياسي، وعدم كفاية الاستثمارات، والاستيلاء على الأراضي والتغير المناخي، يرى لوكا ضرورة معالجة طرق الزراعة، وحسن إدارة المحاصيل الغذائية والمشاركة فيها، وكذلك الموارد الطبيعية الأخرى. ويتفق المزارعون والصناعيون وأصحاب القرار، في التناقضات حول الاستجابات وسرعة التغير المطلوب، ويؤكد الكثيرون أن هناك ما يكفي من المواد الغذائية، إلا أنها ببساطة ليست في مكانها المناسب. وفي الدول الغنية ينتهي المطاف بنحو ثلث الغذاء في مطامر النفايات، في حين يعني سوء التخزين في الهند، أن كمية مماثلة أو أكثر من المنتجات، تعرض للتلف قبل وصولها لمناطق المعالجة. وتثير المقترحات الأخرى التي لم تجد العناية اللازمة، الكثير من الغضب وعدم الرضا، وتم حظر بعض التقنيات مثل المواد الغذائية المعدلة وراثياً في مختلف المساحات المزروعة حول العالم، كما تثير استخدامات المواد الغذائية بغرض إنتاج الوقود، الكثير من المخاوف أيضاً. وقادت هذه العوامل بالإضافة للمضاربين، إلى بروز الحقبة التي اتسمت بتقلبات أسعار السلع الغذائية التي بلغت ذروتها خلال السنة الماضية. ونقلت منظمة “أكشن أيد” غير الحكومية عن بحث أجرته “جامعة تفتس” الأميركية، أن استخدامات أميركا للايثانول في الفترة من 2005 إلى 2011، كلفت الدول المستوردة للذرة عند ارتفاع أسعارها نحو 11,6 مليار دولار، ولموازنة هذه العوامل، يرى العديد من الخبراء ضرورة قيام ثورة خضراء أو إعادة الثورة الزراعية التي بدأت تنتشر بين المناطق الريفية وزيادة العائدات. ويقول روجر سيلفستر، عالم البحوث الرئيسي في مؤسسة “أداس” العاملة في الاستشارات الزراعية والبيئية :”اعتقد أن المشاكل أكبر وأكثر إلحاحاً، مما تعكسه الحكومات التي يترتب عليها زيادة حجم الاستثمارات، كما أن تكلفة المواد الغذائية في المستقبل ستكون أكثر مقدرة على عكس تأثيرها على البيئة”. وليس من المستغرب، أن تتعاون حكومات قليلة أثناء أزمة “منطقة اليورو” الحالية للتصدي لمشكلة تأمين الغذاء، ويتطلب ذلك اتفاق بين دول تختلف مقدراتها مثل أميركا والصين التي تشهد نقلة مدنية هائلة بهجرة المزارعين من القرى إلى المدن، وسلاسل المواد الغذائية الضعيفة التي تفتقر إلى الروابط القوية. وفي ذيل هذه القائمة يجيء الناس الذين يفلحون هذه الأراضي الذين يفشل معظمهم في تأمين ما يكفيه من غذاء، حيث يعتبر معدل الانتحار بينهم الأعلى مقارنة بأي قطاع آخر. وبعكس الفئات العاملة الأخرى، يشتهر المزارعون بعدم النظام حيث تعمل الأغلبية منهم بشكل فردي أو أسري. وبما أن دخل المزارع يعتمد على حالة الطقس والعملاء المراوغين، يفتقر العديد منهم إلى إمكانية الحصول على القروض قصيرة الأجل ناهيك عن طويلة الأجل، وهنا تتاح الفرصة لتدخل أرباب الصناعات. ويقضي هانز جوهور، مدير “نستله” أكبر شركة للسلع الغذائية في العالم، معظم وقته في المزرعة بوصفه مزارع سابق، ويقول :”نحن نعمل على مساعدة المزارعين، بغرض تشجيعهم على خلق المزيد من أنماط العمل الجاذبة، حتى يتسنى لهم زيادة دخولهم”. وتعمل “نستله” كباقي نظيراتها من الشركات الأخرى، على توظيف عدد كبير من الخبراء الزراعيين، لتدريب المزارعين لكسب الخبرة الفنية ولمساعدتهم على الحصول على القروض دون دفع معدلات فوائد باهظة، وتوفير سوق مضمونة لمنتجاتهم. ويستمر معدل التعاون بين المنظمات غير الحكومية وقطاع الزراعة، لكنه ليس بالقدر المطلوب، ولا يختلف كذلك مقدار تعاون منظمات الغذاء على الرغم من أنه موكول لها محاربة الجوع. وتتضافر عوامل مثل تقليل الترويج الداعي لاستخدامات الوقود الحيوي، والمزيد من المشاركة الفعالة من قبل الشركات الصناعية والسياسات الحكومية الرامية إلى محاربة الجوع، للتصدي لنقص السلع الغذائية. وفي مطلع العام الحالي خرج بيل جيتس، مؤسس مايكروسوفت الذي تحول إلى محسن، عن العرف المألوف في المجتمعات الغنية باتهامه علناً للوكالات التابعة للأمم المتحدة بتقويض أدوارهم. واتهم جيتس الذي تبرع بنحو ملياري دولار من أجل تأمين الغذاء خلال العقد الماضي والذي وعد بتوفير ملياري دولار أخرى خلال الخمس سنوات المقبلة، الأنظمة المعمول بها في الوقت الحالي بالقديمة وتعوزها الكفاءة. ويقول :”لا تعمل البلدان ووكالات الأغذية والمانحون بتركيز وتعاون، لتوفير المساعدة التي يحتاجها المزارعون في الوقت المطلوب”. ويُذكر أن هناك العديد من الأطراف التي تتجاوز سلبياتها الحكومات، حيث يتدخل التجار في البنوك الاستثمارية والصناديق، كلما ارتفعت أسعار السلع للحصول على أرباح أكثر. كما يخضع قطاع الطاقة والحكومات التي تعهدت باستخراج الطاقة الحيوية من قصب السكر والقمح، وأخذ المحاصيل الغذائية من بطون البشر لوضعها في خزانات المركبات، للمسائلة أيضاً. وتحركت دول الاتحاد الأوروبي في أكتوبر الماضي لخفض أنواع الوقود المستخلصة من المحاصيل. وفي حالة تنفيذ ذلك، يسمح لها بتحقيق نصف الهدف المرجو من الطاقة المتجددة البالغ 10%، ما يتطلب منها توفير النسبة المتبقية من خلال المزيد من أنواع الوقود الحيوي الصديقة المستخلصة من النفايات. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز » ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©