الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الراحل أحمد راشد ثاني أسس لشكل جديد لنشر الحكاية الشعبية في «حصاة الصبر»

الراحل أحمد راشد ثاني أسس لشكل جديد لنشر الحكاية الشعبية في «حصاة الصبر»
20 ديسمبر 2013 22:51
تشكل الحكاية أهمية بالغة في حياة الأطفال وتربيتهم، ومن هذه الأهمية كان تعلق الأحفاد بجدهم وجدتهم أقوى من تعلقهم بوالديهم، وذلك لأن طول التجربة وتقدم العمر والخبرات المتراكمة عبر السنين، تجعل الجدة أكثر صبراً وأغنى ثقافة وأوسع خبرة ومعرفة، كما أن طريقتها في سرد الحكاية تزداد رقة وجمالاً على مر السنين. والحكايات الشعبية أنواع، منها ما هو مأخوذ من وقائع وأحداث مر بها الناس وتحولت إلى قصة تدور في المجالس واللقاءات، ومنها ما ينسج الخيال من أحلام وتطلعات، وهناك نوع ثالث يدخل في باب الخرافة. والحكاية تنتقل على ألسنة الناس من مكان إلى آخر، لذلك نستمع إليها في صيغ مختلفة، وإن كان اللب والمغزى واحداً وظلت الحبكة متشابهة، ونرى أن البيئة تأخذ دورها في تلوين الحكاية بين البر والبحر والنبات والحيوان، في دنيا الواقع وفي عالم الخيال. الشاعر والباحث الراحل أحمد راشد ثاني ترك لنا أعمالاً مهمة في مجال الحكاية الشفاهية وضرورة تدوينها. وفي هذه الإطلالة نقف مع إحدى حكاياته في كتاب «حصاة الصبر» (الجزء الأول) الذي يضم خمس عشرة قصة، إضافة إلى إهداء ومقدمة وملحق. اقتبس في الإهداء من الكاتب الألماني غونتر غراس كلمة تشير إلى أهمية ما كان يرويه الإنسان الأول قبل تعلم الكتابة واختراع الأبجدية، وكيف بدأ فن الرواية من تلك الأحاديث البسيطة بين الناس وحتى من الهمس في الظلام. ويحكي في المقدمة كيف بدأت لديه فكرة جمع الحكايات الشفاهية من الكبار. والحكاية تبدأ بالصلاة على النبي.. وعبارة «كان يا ما كان»، ولها أيضاً خاتمة تقليدية كما تحكيها الراوية كلثم أحمد المطوع التي كانت مصدر تلك الحكايات، كما يشير الكاتب في نهاية كل حكاية. لقد كلف الكاتب عدداً من الطلاب والطالبات بجمع هذه الحكايات على مسجلات كان قد زودهم بها، ويشير إلى أن الطالبات كن أقدر من الطلاب وأكثر صبراً في تحقيق هذه المهمة الثقافية والتراثية. وإذا توقفنا قليلاً عند الحكاية الأولى «حصاة الصبر»، نرى أنها بدأت بأمنية أم كانت تدعو أن يرزقها الله ولداً أو بنتاً لتضعه في المدرسة، وحين تحققت الأمنية وجاءت البنت وأخذتها لتتعلم مع غيرها عند «المطوع»، لم تجد المعاملة الطيبة مما دفعها إلى أن تشكوه إلى أمها فيخبرها بأن بخت ابنتها ليس عنده وإنما في مكان آخر. ومن ذلك المكان، وهو قصر بلا باب تبدأ العقدة الفنية وتنفصل البنت عن أمها. والحكمة التي يخرج بها السامع أو القارئ هي أن نتيجة الصبر تكون دائماً لصالح الصابرين. والحكاية الشعبية تعتمد على التكرار، وهذا يوضح دور الشخصيات ويكشف عن طباع كل شخصية من خير وشر. هناك دائماً شخصية إيجابية محورية هو البطل أو البطلة في الحكاية، وهناك شخصيات أخرى شريرة، وبعد أن يمر البطل بمشاكل صعبة ويواجه الأخطار يتغلب على خصومه ومشاكله ويصل إلى بر الأمان. وهذه النهايات السعيدة هي التي تجعل الأطفال ينامون بأمان بعد سماع الحكاية. لكن قيمة هذه الحكايات الشعبية لا تقتصر على فوائدها الأدبية والتربوية، لكنها تشكل عناصر هامة في كتابة التاريخ ومعرفة طرق وأساليب حياة المجتمع في الماضي. ويمكن لهواة السينما من الشباب أن يستفيدوا من هذه الحكايات أيضاً. إن الشكل في نشر هذا التراث الشعبي لا ينفصل عن المضمون، وقد اتبع الكاتب طريقة جميلة وبسيطة تريح القارئ، فقد نشر نص القصة على الصفحة اليسرى بحرف كبير واضح، ونشر الشرح على الصفحة المقابلة بحرف صغير حتى يستوفي التوضيح الكامل إذا اقتضى زيادة في شروحه. وهذه الطريقة يمكن اتباعها في تدوين الحكايات ونشرها، وتكون للشاعر الفقيد أفضلية الريادة والتأسيس في هذا الباب المهم من أبواب الأدب والتاريخ وفن الحكاية.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©