الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تحديات تواجه طفرة الغاز العالمية

تحديات تواجه طفرة الغاز العالمية
20 ديسمبر 2013 21:10
تشهد سابين باس الواقعة جنوب غربي ولاية لويزيانا الأميركية طفرة غاز عالمية، حيث تقوم شنيير اينرجي ببناء أول محطة أميركية لتصدير غاز طبيعي مسال خارج ألاسكا، ويمكن رؤية أول خطي إنتاج غاز طبيعي مسال، بينما يجري وضع أساس خط ثالث، وينشط بالموقع 2000 من الفنيين والعاملين ينتظر أن يزيد عددهم إلى 3000 العام المقبل، لتبدأ المحطة عملها بحلول نهاية عام 2015. وبالنسبة للمستهلكين في أنحاء العالم يعتبر ذلك أمراً واعداً ومفيداً، حيث أدت طفرة الغاز الصخري الأميركية التي حدثت بفضل تقدم عمليات الحفر الأفقي والتفتيت الهيدروليكي إلى تشجيع الشركات على تقديم 25 مقترحاً لبناء مشاريع تصدير الغاز الطبيعي المسال. ويبلغ سعر الغاز المرجعي الأميركي (هنري هب) حوالي ثُلث سعره في أوروبا وربع سعره في آسيا، الأمر الذي يزيد من آمال المشترين في انخفاض أسعار عقود بيع الغاز الطبيعي المسال الآجلة عن أسعار العقود التقليدية المرتبطة بسعر النفط خصوصاً في آسيا، حتى بعد إضافة تكاليف التسييل والشحن وإعادته إلى الحالة الغازية، يذكر أن مشترين من ضمنهم شركات تيبكو وأوساكا جاس اليابانيتان وكوجاس الكورية الجنوبية وجايل الهندية وقعت بالفعل على عقود شراء غاز طبيعي مسال أميركي. هذا في الوقت الذي توجد فيه مصادر إمداد واعدة أخرى آخذة في الصعود تشمل الغاز الصخري من غربي كندا وحقول غاز قبالة ساحل موزمبيق. غير أن التحديات والصعوبات التي تواجه مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة حول العالم تشير إلى أنه رغم توجه الإنتاج بالتأكيد إلى النمو، فإنه من غير المرجح أن ينمو بالمعدل الذي يتطلع إليه المستهلكون. يذكر أن استهلاك الغاز الطبيعي المسال تزايد سريعاً في العقد الماضي كما برزت مزاياه كوقود أكثر من أي وقت مضى. فاليابان تحتاج إلى مصادر جديدة لتوليد الكهرباء عقب إغلاق معظم محطاتها النووية، كما أن الصين تسعى إلى تقليل إحراق الفحم الذي ينتج عنه أدخنة بالغة الضرر، ولذلك يعد الغاز لهاتين الدولتين بديلاً موثوقاً به. كذلك يعد الغاز لدول أوروبية مثل بولندا وليتوانيا أداة استراتيجية تتيح لها تقليل اعتمادها على روسيا. نتيجة لذلك تزايد عدد الدول الساعية إلى شراء الغاز الطبيعي المسال من 11 دولة عام 2000 إلى 27 دولة حاليا وقد تبلغ 42 دولة بحلول عام 2020، بحسب روبين ويست الخبير في مؤسسة اي اتش اس اينرجي انسايت للبحوث. في العقد الماضي كان أكبر مساهم في إمدادات الغاز الطبيعي المسال الجديدة هو دولة قطر وفي هذا العقد سيكون أستراليا، وينتظر أن تقدم الولايات المتحدة وكندا وشرق أفريقيا إمدادات كبرى من الغاز الطبيعي المسال في عشرينيات هذا القرن. وتعد الولايات المتحدة الأقوى مركزاً في هذا المضمار، إذ أن لديها أفضل بنية خطوط أنابيب أساسية وأقوى صناعة هندسية، بل لديها موانئ ومرافئ شحن غاز وخزانات تم بناؤها حين بدا أن الولايات المتحدة ستكون أكبر مستورد غاز طبيعي مسال والتي يمكن تعديلها الآن لكي تستخدم في أغراض التصدير. وبعد تباطؤ استمر لسنوات في إصدار تصاريح بيع الغاز إلى دول غير مرتبطة باتفاقيات تجارية مع الولايات المتحدة، زادت وزارة الطاقة الأميركية في الأشهر الستة الفائتة معدل إصدارها لتلك التصاريح، حيث منحت موافقات لأربعة مشاريع أخرى بالإضافة إلى سابين باس، ويتوقع محللون أن يكون التالي هو مشروع كاميرون للغاز في لويزيانا متبوعاً بمشاريع جي دي اف سويس وميتسوي وميتسوبيشي. غير أنه رغم تشجيع إدارة أوباما تصدير الغاز الطبيعي المسال، إلا أنها تتعرض لضغوط تنادي بالحد من إصدار تصاريح تصدير الغاز من شركات تريد الاحتفاظ بالغاز الأميركي الرخيص من أجل المصلحة الاقتصادية المحلية. وقد تكون أسعار الغاز الأميركي هي الفيصل، فإذا دفعت التصاريح الصادرة فعلاً إلى زيادة أسعار الغاز محلياً فلن يتم إصدار تصاريح جديدة، كما أن هناك مخاطرات أخرى منها على سبيل المثال أنه لو تم بناء عدد مفرط من المحطات في ذات الوقت فسوف تتشتت الإمكانيات الهندسية، الأمر الذي ستزيد معه التكاليف. وفي الوقت الذي يبدو فيه مستقبل تصدير الغاز الأميركي متذبذباً تبدو فرص دول أخرى في التصدير أكثر صعوبة. في كندا تقدمت ثمانية مشاريع بطلب تراخيص فيدرالية لتصدير الغاز من الساحل الغربي مدعومة من شركات تشمل شيفرون واكسون موبل الأميركيتين ورويال دتش شل وبي جي جروب البريطانيتين وبتروناس الماليزية. وتحقق تلك المشاريع تقدماً، حيث حصلت كل من شل وشيفرون على تصاريح. غير أن هذه المشاريع تقع في مواقع حقول خضراء في أماكن نائية ستتطلب استثمارات في الطرق والسكن وخطوط الأنابيب فوق جبال روكي ماونتنز، بالإضافة إلى المحطات، ويخشى من تزايد التكاليف على مشاريع غاز طبيعي مسال كبرى مثل مشروعي جورجون التابع لشيفرون وويتستون في أستراليا. وقالت شيفرون إنه من أجل تقليل المخاطرات التجارية سيتعين على المنتجين فرض أسعار مرتبطة بالنفط. وقال جو جيجيا رئيس قطاع الغاز في شيفرون: «ما لم يتأكد هؤلاء المطورون من العائدات سيكون من الصعب عليهم إقناع مجالس إداراتهم بالمضي قدماً في تلك المشاريع، لا أحد لديه الاستعداد للمخاطرة ما لم يتأكد من الشروط». وقال محللون إنه لو أصر المشترون على دفع الأسعار المرتبطة بهنري هب، فإنه لن تبنى تلك المشاريع أبداً. وفي موزمبيق تعتبر حقول الغاز كبيرة جداً ولكن التحديات التنظيمية أكبر. ذلك أن العديد من الشركات المشتركة في المشاريع التي تشمل اناداركو بتروليم الأميركية وبي تي تي اكسبلوريشن اند برودكشن الماليزية و او ان جي سي الهندية ليس لديها سوى القليل من الخبرة في إدارة مشاريع غاز طبيعي مسال، كما أن موزمبيق ذاتها لاتزال في مرحلة تطوير إمكانيات إدارة حقولها المكتشفة حديثاً، كذلك لايزال يتعين على الشركات والحكومة الماليزية اتخاذ قرار بشأن الموافقة على خطة تطوير مشاريع الغاز الطبيعي المسال. وقال نيل بيفردج المحلل في برنستاين ريشيرش البحثية: «إنهم يقولون إن الإنتاج سيبدأ في عام 2018 ولكننا نقول إن ذلك بعيد تماماً عن الواقع، لقد استغرق الأمر 12 عاماً من أنجولا لتنفذ مشاريع غازها الطبيعي المسال، وليس من المتوقع أن تنجز موزمبيق تلك المشاريع قبل عام 2020». هناك أيضاً مناطق إمداد محتملة جديدة تواجه صعوبات، فرغم أن لمشروع الاسكا للغاز الطبيعي المسال شركات داعمة كبرى مثل اكسون وكونوكو فيلبس وبي بي، فإن الخطط التي تشمل خط أنابيب لنقل الغاز عبر الولاية من حقول النفط الواقعة شمالاً إلى محطة تسييل جديدة واقعة على الساحل الجنوبي يتوقع أن تتكلف 65 مليار دولار أو أكثر. وتحرص روسيا على تقليص اعتمادها على مبيعات غاز خط الأنابيب إلى أوروبا وهي تؤيد إنشاء محطة يامال للغاز الطبيعي المسال الواقعة في أقصى الشمال، غير أنه يجري بناء هذا المشروع في أحوال قطبية صعبة، ومن المعروف خضوع سجل مشاريع تطوير نفط الغاز الروسية الماضية للتقلبات السياسية. وإذا تم تجميع سعة جميع محطات الغاز المقترحة فإن ذلك يشير إلى أنه سيكون هناك وفرة مفرطة من الغاز الطبيعي المسال في السوق العالمية في عشرينيات هذا القرن، غير أن الواقع في الأرجح سيكون مختلفاً. وقال فرنك هاريس المحلل في وود ماكنزي: «سيتوقف الأمر كله على تأخيرات المشاريع ومعوقاتها، وربما يظل هناك شيء من النقص في السوق وسيكون أكبر الفائزين هم الشركات التي لديها أحجام كبرى من الغاز الطبيعي المسال في محافظها». وبالنسبة للمنتجين فإن قلة المعروض نسبياً تشير إلى احتمال زيادة عائدات مشاريع الغاز الطبيعي المسال التي طالما خيبت الآمال. أما بالنسبة للمستوردين فإن ذلك يشير إلى أنهم ربما يضطرون إلى تعديل توقعاتهم عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الغاز الطبيعي المسال في تنويعة الطاقة لديهم، وربما يستدعي الأمر مزيداً من المصادر الأخرى، مثل الطاقة المتجددة والطاقة النووية والفحم أو ما لديهم من غاز لتعويض الفجوة المحتملة. عن«فاينانشيال تايمز» ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©