الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: تنبوءات تحديد موعد قيام الساعة خرافات محرمة

العلماء: تنبوءات تحديد موعد قيام الساعة خرافات محرمة
19 ديسمبر 2013 21:14
أحمد مراد (القاهرة) - بين الحين والآخر، تتردد في دول العالم الغربي تنبوءات تؤكد اقتراب يوم القيامة ونهاية العالم، وكان آخر هذه التنبؤات التي ملأت صفحات ومواقع الإنترنت، تلك النبوءة التي زعمت أن عام 2012 سيشهد نهاية العالم خاصة في الشهر الأخير منه، وهي النبوءة التي تنبأ بها بعض ممن يسمون أنفسهم بـ «الغيبيين»، وقد تنبأ هؤلاء بوقوع يوم القيامة في الحادي والعشرين من ديسمبر من العام الماضي، وفي السابق ثبت كذب العديد من التنبؤات، والتي كان أشهرها ما تردد عن أن عام 2000 سيشهد نهاية العالم.. فما موقف الإسلام من هذه التنبؤات ؟ وكيف حسم الإسلام هذه المسألة؟ يؤكد د. أحمد عمر هاشم، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، أن ما يتردد من نبوءات تتعلق بيوم القيامة أو نهاية العالم مجرد خرافات وأوهام وأباطيل، وهي دليل على جهل من يرددها أو يؤمن بها، فرغم التقدم العلمي الكبير الذي حققه الغرب، خاصة في العقود الأخيرة إلا أن أبناء الغرب يعانون فراغا روحيا ودينيا. الإسلام يرفضها يقول د. عمر هاشم: الإسلام يرفض مثل هذه النبوءات ويحرمها، وقد حددت الشريعة الإسلامية ملامح الحياة الدنيا ومعيشة الناس فيها، وحددت أيضا ملامح الحياة الأخروية، والتي هي الباقية والسرمدية، وأكدت الشريعة الإسلامية في أكثر من نص قرآني ونبوي أن هذه الدنيا منتهية والكل فان. كما قال الله تعالى في كتابه العزيز: «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام»، فكل من على وجه الأرض سيموت وينتهى، ولابد من يوم القيامة أن يأتي، وهو اليوم الذي لا يعلمه إلا الله فلا يعلم الساعة إلا هو، فيقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: «إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام...»، فهذه مسألة محسومة في الإسلام، فلا يعلم ميعاد يوم القيامة إلا الله تعالى وحتى النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف ميعادها ولا تحديدها، فقال صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عنها: «ما المسؤول عنها أعلم من السائل». ويضيف: الرسول صلى الله عليه وسلم تحدث فقط عن علامات يوم القيامة وأماراتها، وقد ظهرت كل العلامات الصغرى التي أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن العلامات الكبرى لم تظهر بعد، ومن هذه العلامات ظهور المسيح عليه السلام الذي سينشر العدل في الأرض ويفيض المال، وسوف يقضي على المسيخ الدجال الذي يصور للناس أنه يستطيع أن يدخلهم الجنة أو النار.. ويشير هاشم إلى أن أي مسلم يصدق هذه النبوءات يعتبر خارجا عن الملة، فالغيب لا يعلمه إلا لله «عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا»، فهذا أمر معلوم من الدين بالضرورة، ومن ثم فإن من يصدق النبوءات التي تتردد بين الحين والآخر عن يوم القيامة يكون منكرا لأمر معلوم من الدين بالضرورة، فعلى كل مسلم ومسلمة ألا يصدق تلك الخرافات. غياب الإيمان وتؤكد د. إلهام شاهين ــ أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر ــ أن نبوءات نهاية العالم ليست بالأمر الجديد، فهي تتردد بين حين وآخر في البلدان غير الإسلامية، وتلقى رواجا كبيرا، خاصة في البلدان الغربية، وهذا مرده إلى غياب الإيمان وضياع الجانب الروحي عند الكثيرين من أبناء هذه الدول، فهناك الكثيرون ممن اتجهوا إلى الإلحاد في تلك البلدان، وهذا الخواء الروحي يدفعهم لتصديق ذلك مما يجعل القلق والهلع والذعر هو السلوك السائد عند سماع تلك النبوءات التي تقول بنهاية العالم. وتقول: هذه النبوءات التي تهم الكثير في الغرب والشرق، لا تجد صدى لها في عالمنا الإسلامي والسبب في ذلك هو الإيمان وثبات العقيدة، فنحن نؤمن إيمانا جازما أن يوم القيامة هو في علم الله، ولا يستطيع أحد أن يعرف متى يكون يوم القيامة، فحتى الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعرف ذلك. كما أنه صلى الله عليه وسلم حذر من تصديق الكهنة والعرافين ومن يدعون علم الغيب، فقال: «من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد» فكل هذه النبوءات وغيرها هي من قبيل ادعاء علم الغيب حتى وان بنيت على بعض الحسابات والأرقام، فعلم الغيب هو لله وحده، ولذلك فإن تلك الدعوات والنبوءات لا تجد من يسمعها في عالمنا الإسلامي من منطلق إيماني، بل تقابل بنوع من السخرية والاستهزاء من هؤلاء المتنبئين ومن يصدقونهم. وتضيف: نحن هنا لا نرى مشكلة تتعلق بالجماهير المسلمة، ولكن نجد مشكلة في وسائل الإعلام التي تركز كثيرا على نشر مثل هذه النبوءات وإلقاء الضوء عليها، رغم أن هذا الأمر بالنسبة لنا محسوم وهو من أسس الإيمان والعقيدة. الخوف من المستقبل ويقول د. هاشم بحري، أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر: تاريخ الإنسانية الطويل شاهد على أن كل ماهو مجهول وغامض مصدر قلق وخوف للإنسان، وهو يسعى لكشف غموضه والتوصل إليه، واليوم الآخر أحد الأمور الغامضة التي يسعى الإنسان لكشفها، بعد أن تأكد أن النهاية أمر حتمي لهذا الكون، فلا يوجد شيء يستمر للأبد، ورغم حديث الدين عن نهاية العالم وقيام الساعة، فإنه لم يحدد يوما معلوما لذلك، ولكن هناك علامات لها، والإنسان في حالة قلق وخوف بسبب غموض هذا اليوم، والقلق يمثل حالة نفسية صحية طالما أنه يدفع إلى اكتشاف المجهول والوصول إلى الجديد، ولكنه يتحول إلى أعراض مرضية إذا عطل أمور الحياة، والحقيقة أن المجتمعات الغربية رغم تقدمها العلمي فإن الإنسان فيها يعيش كحالة الإنسان البدائي في الخوف من المستقبل و أمام كل شيء غامض، ومن ثم تلقى النبوءات والدعوات بنهاية العالم قبولا واسعا، فهناك من يستسلم لمجيء هذا اليوم وهناك من يستعد لذلك بالدروع المادية والنزول في المخابئ، وكلها تعبر عن قلق الإنسان وخوفه من المستقبل. ويشير بحري إلى أن ما يحدث ربما يكون دعوة لإعادة الناس إلى الجانب الروحي والغيبي الذي بعد عنه الناس في الغرب الذي يعيش الحياة المادية بكل صورها وأشكالها، وربما يكون عمليات تجارية لتحقيق المكاسب المادية من خلال هذه النبوءات، فيمكن من خلالها تحصيل مبالغ كبيرة نتيجة الذهاب إلى المخابئ والتحصينات، ولا شك أن الرجوع إلى الدين أمر ضروري في مواجهة هذه الأمور، وقد حسم الإسلام الحنيف هذه المسألة ومن ثم فإن المسلمين لا يهتمون كثيرا بهذا الأمر. ثقافة مادية ويوضح د. رفعت عبد الباسط، أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان، أن الشعوب الغربية لها ثقافتها الخاصة البعيدة عن ثقافة الشعوب في البلاد الإسلامية، ففي الوقت الذي نجد الدين مكونا رئيسيا لثقافتنا وحضارتنا وهويتنا، نجد للغرب ثقافته الخاصة البعيدة عن كل ذلك، فبعد العصور الوسطى والتي عانت فيها أوروبا من سيطرة الكنيسة ورجال الدين وما أثر عليها من تخلف وتراجع، دخلت أوروبا عصرا جديدا بعد أن حاربت كل ذلك، فبدأ عصر التنوير والاتجاه إلى الجانب المادي، وقد استطاعت أن تحقق الكثير من التقدم في مناحي الحياة المختلفة وعلى كافة الصعد، وكانت بدايتها مع الثورة الصناعية، وخطت خطوات كبيرة في مجال البحث العلمي والتقدم التكنولوجي. ويقول: ونظرا لهذا التقدم العلمي الكبير، خاصة في مجال الفلك والاستنساخ وزراعة الأعضاء البشرية، كان السير في طريق محاولة كشف الغيب والتعرف على الأمور الغيبية، ومن ثم تظهر بين الحين والآخر محاولات ونبوءات من خلال أرقام وحسابات تضع ميعادا ونهاية للحياة في هذا العالم، وهذا يتماشى مع الثقافة المادية التي طغت على الحياة هناك بالإضافة إلى التقدم العلمي الكبير الذي تحقق خاصة في السنوات الأخيرة. تجارب ومحاولات يضيف د. رفعت عبد الباسط قائلاً: السير في طريق معرفة نهاية العالم وتحديد ميعاد ووقت له، أمر لن يتوقف عنه الغربيون ومن على شاكلتهم، وقد يقول قائل إن كل المواقيت التي حددت من قبل باءت جميعها بالفشل ولم تصدق، وأن هذا كفيل بأن يتركوا هذا الأمر الغيبي ويبتعدوا عنه، فنقول لهم إنهم ينظرون إلى كل ما سبق على أنها تجارب ومحاولات لابد أن تستمر حتى يمكن الوصول إلى الميعاد المحدد، فهم ينظرون إلى ذلك على انه مجموعة من التجارب، وهم من منطلقهم المادي والعلمي البحت لن يتوقفوا عن البحث والتحرك في مناحي الحياة بما فيها نهاية هذا العالم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©