الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نتاجات الكُتّاب الجدد تحتاج إلى قراءة برؤية مختلفة

7 ديسمبر 2012
أثارت الندوة الثقافية التي نظمتها دار النشر الإماراتية “كُتّاب” مساء أمس الأول في “كافيه أريبيا” حول العلاقة بين الإعلام والكتاب الجدد عدداً من الأسئلة المتعلقة بتجربة الكتابة وعلاقة الكاتب بالإعلام والجمهور، ومحتوى الكتابة، والدور الذي يمارسه النقد، وهموم النشر وغير ذلك. وأظهرت الندوة التي أدارها الكاتب الدكتور سليمان الهتلان واستضافت القاصة والروائية سارة الجروان والكتاب: حمد الحمادي، وناصر الجابري، ونهى بن غافر، وحضرها لفيف من الكتاب والمعنيين بالشأن الثقافي، أن هناك فجوة بين الكتاب الجدد وبين الكتاب القدامى – إن جازت العبارة – من جهة، وبينهم وبين الإعلام من جهة ثانية، كما أظهرت الحاجة إلى قراءة هذه النتاجات برؤية جديدة، غير تقليدية، فضلاً عن ضرورة البحث عن تصنيف لهذه الكتابات الجديدة التي تزدهر في وسائل الاعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت. وتحدث المشاركون في الندوة عن تجربتهم في النشر، فيما تحدثت الكاتبة سارة الجروان التي بدأت الكتابة منذ ثمانينيات القرن الماضي، عن الاختلافات والفوارق بين كتاب اليوم وكتاب الأمس، وعن التشابه الذي يسم الكتابات الجديدة في مقابل الهوية الخاصة التي كانت تميز الكتاب السابقين. ولفتت إلى الدور الذي كان الإعلام الثقافي يقوم به سابقاً، مؤكدة أن الملاحق الثقافية في الماضي كانت تنفد في يوم صدورها. وألمحت الى أن النقد في السابق كان يحتفي بالكتاب، بل إن بعض القصص وليس المجموعات او الكتب فقط، كانت تجد الاهتمام النقدي، مستشهدة بقصة ناصر الظاهري المعروفة “اتحاد، خليج، بيان”، وبقصتها “ألف خيانة وخيانة”، لتخرج في نهاية المقارنة إلى أن هناك قصور في النقد بشكل عام، وأن الكاتب الجديد لا يلقى الدعم الحقيقي في الإمارات. وفي ما يخص المحتوى المنشور أشارت إلى أن النص لا يجد النجاح إذا لم يكن متفرداً في طرحه وأسلوبه، ودعت الكتاب الجدد الى قراءة من سبقوهم وعدم استعجال النجاح، وعدم الركون إليه أو الاغترار به إن جاء، مشيرة إلى أن الكتابة بحاجة الى معرفة، وتمهل، لكي تنضج التجربة على نار هادئة جداً. النشر وهمومه في تناوله لمسألة النشر وطبيعته ودور الناشر شخَّص الكاتب جمال الشحي، صاحب دار “كُتّاب” الذي يتبنّى منذ فترة نشر إبداعات الشباب ويعمل بهمّة واضحة على نشرها وتسويقها، عدداً من العقبات التي تواجه النشر سواء لجهة الرقابة أو الذائقة التقليدية التي تضع قوالب محددة وتحاكم النصوص الجديدة بناء عليها، في حين أن هذا الجيل الجديد يتحدث بطريقة مختلفة. وقال الشحي “النشر حق للجميع، والكاتب الذي ينشر ربما لا يطمح الى الفوز بنوبل بقدر ما يرغب في التعبير عما يجول في خاطره، مستحضراً تجارب الكتاب والصحافيين الأوروبيين والممثلين وغيرهم من فئات المجتمع الذين ينشرون كتبهم وتجد رواجاً كبيراً، في حين ينظر الى تجارب من هذا النوع في عالمنا العربي بأنها فاشلة”. ويرى جمال الشحي أن مجرد ترداد المقولة التقليدية التي مفادها “لقد أعطيتهم فرصة التجربة الأولى أو إصدار الكتاب الأول، لنرَ ماذا سيفعلون في التجربة الثانية”، هذه المقولة بحد ذاتها هي حكم بالفشل على التجربة. مشيراً إلى أن هذه النظرة التقليدية هي السبب في تراجع النشر الذي يرى أنه صناعة، ويستلزم من الناشر جهوداً كبيرة في توزيع الكتاب وتسويقه والتعريف به، آخذاً على الكثير من الناشرين العرب أنهم ينتهون من همّ الكتاب بمجرد نشره ووضعه فوق الرفوف في معارض الكتب”. معايير النجاح تساءل الدكتور سليمان الهتلان عن معايير النجاح، وهل نسب التوزيع تكفي للحكم على نجاح الكاتب أو فشله؟ وهل يسهم الإعلام في هذا النجاح؟ وأين يقف النقد في هذه المعادلة؟ وتعددت آراء الكتاب المشاركين بين من يرى الدور الذي يقوم به الإعلام مهما وبين من يرى أن تأثيره محدود جداً، وأن قنوات الاتصال الاجتماعي هي الأكثر تاثيراً وانفتاحاً. أما مسألة المحتوى الذي يحمله الكتاب فقد وجدت نقاشاً متسعاً لا تتسع المساحة لإيراده لكن المحصلة تؤكد على أن الكتاب الجدد يختلفون في فهمهم للكتابة وأهدافها ومنطلقاتها ودورها عن الفهم الذي يرى للكاتب دوراً رسالياً أو تنويرياً أو مسؤولية مجتمعية لا بد أن يضطلع بها، وأن الكتابة معرفة أو هي على الأقل فعل معرفي يؤسس ويؤطر ويسأل ويتوقع ويحمل هواجس الارتقاء بالقارئ وذائقته ووعيه. ولعل أهم ما أبرزته هذه الندوة حاجة هذه النصوص الجديدة إلى قراءة مختلفة، قراءة ترتهن إلى أن هؤلاء الكتاب يسعون من خلال الكتابة للتعبير عما يجيش في صدورهم، والتنفيس عما يعتمل في دواخلهم، والوصول الى الإنسان العادي الذي يرون أنه عازف عن القراءة، وأن جذبه إلى عالمها يتطلب منهم كتابة بسيطة، (استخدمت البساطة هنا ضد العمق وهي عادة توصف بـ “السطحية”)، وأنهم لا يتوجهون إلى القارئ النخبوي ويكتبون لكل الناس. ما قيل كثير، بعضه مهم جداً ويحتاج إلى التفاتة واعية من النقاد والدارسين، وبعضه يؤشر على الأثر الواسع الذي تركته طبيعة التغيرات المجتمعية والثقافة الاستهلاكية على وعي الجيل الجديد وقناعاته المختلفة حول الكتابة والنشر ودور المثقف المعاصر بشكل عام.. لكن السؤال الملح يبقى: من هم الكتاب الجدد؟ هم هم أصحاب نهج جديد في الكتابة؟ هل هم الذين شرعوا في النشر بعد الألفيتين؟.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©