الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكومة الأميركية... ولا دستورية جمع البيانات الهاتفية

17 ديسمبر 2013 23:27
في انتقاد شديد لعمليات جمع البيانات الهاتفية المثيرة للجدل التي تقوم بها الحكومة الأميركية، أمر قاض فيدرالي في واشنطن وكالة الأمن القومي بالكف عن جمع البيانات الهاتفية حول شخصين وإتلاف أي بيانات تم جمعها حولهما من قبل. وأصدر القاضي الأميركي «ريتشارد ليون» أمره القضائي يوم الاثنين الماضي بعد أن خلص إلى أن عملية جمع المعلومات، التي كانت سرية في الماضي قبل أن يكتشف أمرها، تمثل على نحو شبه مؤكد انتهاكاً لضمانات الخصوصية، التي نص عليها التعديل الرابع من الدستور الأميركي. ومن باب الحذر، أصدر القاضي «ليون» حكمه مع وقف التنفيذ في انتظار استئناف مرتقب من قبل الحكومة. ولكن القاضي أضاف قائلاً: «إنني أمنح الحكومة هنا الإشعار اللازم بأنه إذا ما تم تأييد الحكم الذي أصدرتُه (في مرحلة الاستئناف)، فإن هذا الأمر سيدخل حيز التنفيذ بشكل فوري». ويأتي هذا الحكم في مرحلة مبكرة نسبياً من دعوى قضائية مدنية تتهم الحكومة بخرق الدستور الأميركي وقانون مراقبة المعلومات الاستخباراتية الأجنبية. وكان المدعيان قد طلبا من القاضي إصدار أمر مؤقت للحكومة يقضي بوقف عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية خلال المحاكمة. والحال أنه حتى يُصدر القاضي مثل هذا الأمر المؤقت، يجب عليه أن يجد «احتمالاً كبيراً» لكسب مدعيي القضية في النهاية. ورغم أن القضية قُدمت في شكل ابتدائي فقط في هذه المرحلة، فإن القاضي «ليون» لم يترك أي شك بشأن ميله للحكم في هذه القضية لاحقاً، حيث كتب في رأي قضائي يقع في 68 صفحة: «أنني لا أستطيع أن أتخيل انتهاكاً أكثر عشوائية وتعسفاً من هذه العمليات الممنهجة لجمع البيانات الشخصية والاحتفاظ بها باستعمال التكنولوجيا العالية حول كل مواطن تقريباً لأغراض الاستعلام والقيام بتحليلها بدون إذن قضائي مسبق». وكتب ليون يقول: «إن مثل هذا البرنامج يمثل، بكل تأكيد، انتهاكاً لتلك الدرجة من الخصوصية التي نص عليها الآباء المؤسسون في التعديل الرابع (من الدستور)». وأضاف: «والواقع أنه ليس لدي شك في أن محرر دستورنا، جيمس ماديسون، الذي دعانا للحذر من «التعدي على حرية الشعب من خلال الانتهاك الصامت والتدريجي من قبل من يوجدون في السلطة» كان سيشعر بالصدمة. هذه القضية كانت من بين عدد من الدعاوى التي رُفعت في يونيو الماضي عقب تسريبات المتعاقد السابق مع وكالة الأمن القومي «إدوارد سنودن» بشأن برامج المراقبة التي تقوم بها الحكومة الأميركية. وقد رُفعت اثنتان من هذه الدعاوى من قبل «لاري كلايمان»، وهو محام ومؤسس منظمة «فريدم ووتش»، وتشارلز سترينج، وهو والد محلل كان يعمل مع وكالة الأمن القومي وقُتل في أفغانستان عندما تم إسقاط مروحيته. ويركز حكم القاضي «ليون» على السؤال الدستوري المتمثل في ما إن كانت العمليات السرية لجمع البيانات الهاتفية تمثل انتهاكاً للخصوصية مثلما هو منصوص عليه في التعديل الرابع. وقد أشار القاضي في ثنايا الحكم الذي أصدره إلى أن محرري الدستور كانوا يسعون إلى حماية الناس ومنازلهم وأوراقهم وأغراضهم من عمليات تفتيش وحجز غير معقولة»، وخاصة المذكرات العامة التي كانت تسمح للسلطات البريطانية بتفتيش منزل بكامله بحثاً عن أدلة اتهام. ويذكر هنا أن التعديل الرابع من الدستور الأميركي يشترط تفتيشاً أكثر تحديداً لا يُسمح به إلا بعد أن تقنع السلطات قاضياً محادياً بأن ثمة سبباً وجيهاً للاشتباه في ارتكاب مخالفة القانون. وبالمقابل، يقول «ليون»، فإن برنامج جمع البيانات يتم بدون أي اشتباه في وقوع مخالفة للقانون قد تبرر البحث عن بيانات شخصية وتخزينها. وفي هذا الإطار، قال القاضي:«إن جوهر المسألة .. هو ما إن كان المدعيان لديهما توقع معقول بشأن الخصوصية التي تُنتهك عندما تقوم الحكومة على نحو عشوائي بجمع بياناتهما الهاتفية إلى جانب بيانات مئات الملايين من المواطنين الآخرين بدون اشتباه في وجود مخالفة للقانون، وتحتفظ بكل تلك البيانات لخمس سنوات، ثم تقوم بتحليلها والتحقيق فيها بدون موافقة قضائية مسبقة على المستهدفين بالتحقيق». دفاع الحكومة قال إن المواطنين الأميركيين لا يتوقعون أن تبقى بياناتهم المتعلقة باستعمالهم للهاتف سرية، مجادلين بأنهم حالما يقوم هؤلاء بمكالمة هاتفية، فإن الإشارات الإلكترونية التي تصدر وتدخل النظام تصبح في ملك النظام ولا تبقى سرية. وأشار القاضي ليون إلى أن الحكومة اعتمدت على حكم سابق صادر عن المحكمة العليا ويتعلق بأساليب المراقبة القديمة. وقال في هذا الصدد: «قبل أربعة وثلاثين عاماً، عندما كان الناس يريدون بعث «رسائل نصية»، كانوا يكتبون الرسائل ويضعون عليها طوابع بريدية». وفي عام 2013، يتابع القاضي، أصبحت لدى الناس علاقة مختلفة تماماً مع الهواتف. فـ«هذا التحول الكبير والسريع نحو ثقافة تركز على الهاتف الخليوي بات يعني أن البيانات الهاتفية الخاصة بكل شخص تعكس كماً هائلاً من التفاصيل حول علاقاتهم العائلية والسياسية والمهنية والدينية والجنسية». وتابع يقول: «إن السجلات التي كانت تكشف في الماضي عن بضعة معلومات حول شخص ما باتت اليوم تكشف عن- فسيفساء كاملة – مشكِّلةً صورة دينامية تتجدد باستمرار حول حياة الشخص!». وارن ريتشي واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©