الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فارس التميز يدرك الجمال بحسه ويجسده في لوحاته

فارس التميز يدرك الجمال بحسه ويجسده في لوحاته
18 ديسمبر 2011 20:57
لديه حس فني يفوق أقرانه، حركة أنامله الصغيرة وتخيلاته لفتتا الانتباه إلى موهبة، أشبه بلؤلؤة مكنونة في قاع محيط، لذا فهي تحتاج إلى يد غواص ماهر تلتقطها بحنان، لتكتشف قدرات فارس التميز الذي يدرك الجمال ويجسده في لوحاته، وهو الأمر الذي استوقف عصام الدين سيد أخصائي التأهيل المشرف عليه، وتأكد أن الطالب س.ع،«رفض والده ذكر اسمه»، يمتلك جزءاً كبيراً من أساسيات مهارة الرسم الحر، وإن كان ينقصه بعض الخبرات والمهارات لتنمية هذه الموهبة. قال عصام الدين سيد خبير التأهيل المهني والفني بأحد المراكز المتخصصة في أبوظبي، إن الفن يعتبر من أهم الأنشطة التي تقدم للأطفال المصابين بالتوحد، كونه يساعدهم على تنمية إدراكهم الحسي، وذلك عبر تنمية إدراكهم البصري بواسطة الإحساس باللون والخط والمسافة والبعد والحجم، وكذلك تنمية الإدراك باللمس عن طريق ملامسة السطوح والتعرف على الفروق بين الأسطح المختلفة، وما قد يكون بها من جماليات. وأوضح أن الفن وسيط ناجح في علاج الاضطرابات المختلفة التي يعاني منها الكثير من الأفراد، ويساهم بشكل كبير في عمليات العلاج والارتقاء بقدرات الكثير من حالات ذوي الاحتياجات، كما أنها جزء أساسى من برامج تنمية المهارات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وبالطبع منهم الأطفال التوحديون. مهارات الاتصال وأشار إلى أن الفن يلعب دوراً مهماً في تنمية وإثراء وعلاج عملية الاتصال لدى الأطفال الذين يعانون اضطرابات في النمو أو في مهارات الاتصال، ويعتبر لغة في حد ذاته تتيح للأفراد سواء كانوا أطفالا أو مراهقين عاديين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، فرصة للتعبير عما بداخلهم والاتصال بالآخرين ومن هنا يصبح الفن بجانب أنه وسيلة تطهيرية، يعد أداة تساعد على علاج المشكلات الاتصالية لدى الأفراد، ويعمل على إيجاد علاقة اتصالية بين الفرد والقطعة الفنية، وبالتالي يبدأ اتساع نطاق الاتصال بالبيئة المحيطة به بمختلف مكوناتها من أشياء أو أفراد. وبخصوص حالة الطال يقول عصام الدين، لاحظت أن أحد طلاب المركز وعمره ثلاثة عشر عاماً، حيث يمكن الرمز إليه بـ«س . ع» بناء على رغبة والده، لديه حس فني تجاه الرسم والالوان دون غيره من اقرانه، بدأت بتقييم حالته الفنية للوقوف على مدى امتلاكه للمهارة والموهبة، وكانت ملاحظاتي أن الطالب يمتلك جزءاً كبيرا من أساسيات مهارة الرسم الحر، وإن كان ينقصه بعض الخبرات والمهارات لتنمية هذه الموهبة، ومن هنا بدأت بأعداد خطة مناسبة لطفل وتجهيز المتطلبات من مواد ومكان وتنظيم عملية الجلسات، بحيث تؤتي عملية تنمية قدراته أكلها في أسرع وقت، وقمت بتحديد زمن كل جلسة سواء كانت فردية أو جماعية. علاج بالرسم ويلفت عصام الدين إلى أنه بدأ مع الطالب بالرسم بالقلم الرصاص وشرح تفاصيل رسم كل عنصر على حدة بدءاً بالطبيعة الصامتة وما يتخللها من ظلال وأنوار، ومرورا بالنباتات وتفاصيل رسم الأوراق والأغصان والجذر، ووقوفا عند الإنسان والحيوان ونسب الأجزاء الخاصة بكل عنصر من تلك العناصر التي يمكن أن يتشكل منها أي عمل فني. ومع التدريب والخبرات الفنية التي مر بها “س . ع”بمراحلها المختلفة، وتمت فيها عمليات الملاحظة والاكتشاف والتعرف والتمييز والتدريب الإدراكي والتحليل والتفصيل الجمالي والتذوق للفن الذي نما القدرات التحليلية لدى الطالب، أخذت موهبة الطالب في التبلور وبدأ تأثير البيئة ينعكس على أعماله الفنية، حينها كان القرار بتدريب الطالب على الرسم الزيتي واستغلال التأثير البيئي ومخيلة الطالب في تنمية مهاراته الفنية. وعلل عصام الدين ذلك بأن الرسم بالالوان الزيتية أو التصوير الزيتي يحتاج إلى مهارة وموهبة من نوع خاص، ويغلب دائما على من يمارس الرسم الزيتي الاحساس بالعناصر والاشياء وإدرك جمالها للتعبير عنها، ومن خلال المناظر التي تأثر بها الطالب بدئنا باللوحات الصغيرة والبسيطة واللوحات الرقمية ومع التدريب وتنمية المهارة، بدأت شخصية الطالب تظهر في أعماله ورسوماته من حيث طريقة اختيار اللقطة المناسبة للرسم والتصوير وتحديد النسب واخيرا اختيار الالوان واللمسات النهائية للوحة. ويخلص عصام الدين من تجربة س. ع، إلى أن الفن له فوائد عديدة للأطفال بالنسبة للأطفال المصابين بالتوحد، فهو يساعد على إطلاق الشعور التعبيري والانفعالي لدى الطفل وذلك من خلال تطور التفاعل الإنساني بينه وبين العمل الفني وبين المعالج، يعمل على تنمية وعي الطفل بنفسه وأنه قادر على إخراج عمل جميل ومتميز، يساهم في تنمية إحساس الطفل بنفسه حتى ينمو إحساسه بالبيئة من حوله. وأكد عصام الدين أن الفن يثري الأسلوب النمطي الروتيني الذي يتبعه التوحديين في الرسم، ويجعل أسلوبهم أكثر ليونة فيما يتعلق بالأعمال المصنعة، ومن خلال هذه الطرق يتعلم الطفل الكثير من طرق التواصل مع البيئة المحيطة تلك الطرق التي يحرم منها العديد من الأطفال التوحديين، كما أن دعم الطفل أثناء إنتاجه الفني بالخبرات اللفظية التي تربط بين الشكل واللفظ، تسهل عملية الاكتساب وتخزين المعلومات، وتسهل عملية الاستدعاء وقت الحاجة لهذا المخزون المعلوماتي الذي يتكون عبر التجارب الفنية المختلفة وما يتخللها من نصح وإرشاد وتوجيه. طفل التوحد أوضح عصام الدين سيد خبير التأهيل المهني والفني أنه على الرغم من أهمية دور الفن في المساعدة في عملية العلاج، غير أن الفن لا يستطيع وحده تقديم العلاج الشافي لطفل التوحد، فهو قد يقوم بدور الوسيط في تنمية بعض المهارات لدى الطفل أو المساعدة في تنمية عمل بعض الحواس، ومن ثم يكون للفن دور فاعل في عملية العلاج وتنمية القدرات دونما الاعتماد عليه بشكل رئيس في الارتقاء بمصابي التوحد على اختلاف حالاتهم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©