الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ميزانية البنتاجون ولعبة الأدوات المالية

ميزانية البنتاجون ولعبة الأدوات المالية
12 مارس 2008 02:31
على الرغم من عيوبه الكثيرة، إلا أن الرئيس الأميركي الأسبق ''جيمي كارتر'' لديه في الوقت الراهن فكرة جيدة هي تطبيق المبدأ الحسابي القائم على إعداد الميزانيات بدءاً من الصفر، ولو تأملنا هذه الفكرة، على خلفية الميزانية الفيدرالية المقترحة من قبل الرئيس ''بوش'' والتي تقدر بـ3,1 تريليون، فسوف نجد أنها تستحق منّا نظرة جديدة· ولكن ما المقصود بإعداد الميزانيات بدءاً من الصفر؟ المقصود هو أن تبدأ دورة الميزانية الخاصة بالوكالات الحكومية كافة في الولايات المتحدة انطلاقاً من نقطة الصفر، على أن يتم بعد ذلك تحديد ميزانية السنة المعنية، ليس من خلال الإضافة إلى نقطة الانطلاق وهي الصفر، بما يعكس معدل التضخم الحالي، ومخصصات البرامج الجديدة الموافق عليها من قبل الكونجرس، وإنما من خلال النظر إلى مهام كل وكالة حكومية على حدة، ومعرفة أهدافها، والعقبات التي تقف في طريق تحقيق هذه الأهداف، ثم تحديد ما تحتاج إليه من برامج، وقوى بشرية، ومعدات، وأموال للتغلب على تلك العقبات· للمزيد من التوضيح علينا النظر إلى الميزانية المقترحة من قبل ''البنتاجون'' لعام 2009 والبالغة 515,4 مليار دولار، فعندما نستمع إلى مسؤولي ''البنتاجون'' وهم يتحدثون عن تلك الميزانية، فإن ما يقولونه سيجعلنا نقتنع بأن هذه الميزانية الهائلة بالمقاييس كافة هي ميزانية عادية بل وضئيلة أيضاً، وهؤلاء المسؤولون يقودوننا إلى هذه النتيجة من خلال مقارنة الميزانية بالناتج القومي الإجمالي للولايات المتحدة، ثم القول بعد ذلك إنها لا تشكل سوى نسبة محدودة من هذا الناتج، وهم يعتمدون على تلك الوسيلة في مخاطبة الرأي العام، وإفهامه أن إنفاق ''واشنطن'' على الدفاع، هو أقل كثيراً اليوم عما كان عليه في السابق وأن نسبته لا تزيد حاليــاً عن 4 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، في حين أنهــا كانــت تتراوح مــا بين 13- 14 في المائــة زمــن الحرب الكورية، وما بين7-8 في المائة زمن الحرب الفيتنامية· ووزير الدفاع ''روبرت جيتس'' ورئيس هيئة الأركان المشتركة ''مايك مولين'' من الخبراء في هذه اللعبة، حيث يقول لنا ''مولين'' على سبيل المثال: ''إنني اعتقد أن نسبة الأربعة في المائة هذه هي أقل ما يمكننا القبول به، خصوصاً إذا ما أخذنا التطورات الحادثة في العالم، والتهديدات التي تواجهنا في الحسبان''، وهذا الذي يردده المتحدث باسم البيت الأبيض ''جيف موريل''، بقوله: إن وزير الدفاع يعتقد أن الكونجرس، يجب أن يخصص 4 في المائة من الناتج القومي الإجمالي لتوفير نفقات الدفاع عن أمننا القومي؛ لأن هذه النسبة هي النسبة الأقل التي يعتقد الوزير ''أنها تساوي الثمن الذي يجب أن ندفعه من أجل حماية مصالحنا في العالم''· ولكن من أين جاءت نسبة الـ4 في المائة هذه؟ وألن يكون المعقول أكثر هو أن نعمل على تقييم التهديدات الفعلية التي تواجهها بلادنا أولاً، ثم القيام بعد ذلك بتحديد الوسائل المثالية لمواجهة مثل هذه التهديدات، أو ردعها بدرجة كافية من الثقة، ثم نضيف نفقات الحصول على تلك الوسائل في نهاية المطاف، بعد أن نقوم بذلك، ليس مهماً أن تصل تلك التكلفة إلى 1 في المائة أو حتى 20 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، فالمهم بالنسبة لنا هو حماية بلادنا من أي هجمات محتملة في المقام الأول، وليس تحديد نسبة معينة منذ البداية والتأكيد على أنها ضرورية ولازمة، فالتسلسل المنطقي للتفكير يقول: إننا يجب أن نبدأ بتصميم برنامج دفاعي مناسب، وتحديد تكلفة مكوناته، ثم نقدم فاتورته الإجمالية للكونجرس، وندافع عنها أثناء المناقشة من خلال الإجابة على الأسئلة كافة المتعلقة بمدى أهمية كل بند من البنود، والمبررات التي تدعو لتخصيص مبلغ معين له، وسواء تقلص الاقتصاد الأميركي- كما هو متوقع- خلال الشهور الماضية، أو توسع - كما نأمل- فإن ذلك يجب ألا يكون له أي علاقة بميزانية ''البنتاجون''، الذي يجب أن يحصل على كل ما يريده للتعامل مع التهديدات الحقيقية· إن استخدام أدوات قياس حسابية غير ذات صلة فيما يتعلق بإعداد الميزانية، مثل تحديد نسبة 4 في المائة، قد يساعدنا -إلى حد ما- على فهم الأسباب التي تدفع القوات المسلحة الأميركية إلى امتلاك عدد كبير للغاية من ملاعب الجولف، وما يزيد عن 700 قاعدة عسكرية في مختلف أنحاء العالم على الرغم من أن الغالبية العظمى من تلك القواعد -ناهيك عن الملاعب- ليست ضرورية للدفاع عن الوطن· والحقيقة أن لعبة أدوات القياس المالية التي تمارسها واشنطن عند مناقشة الميزانيات، ليست سوى نوع من الخداع اللفظي؛ لأن تثبيت ميزانية الدفاع، أو ميزانية أي وزارة أو وكالة حكومية أخرى، من خلال تحديد نسبة تقديرية مسبقة من الناتج القومي الإجمالي، ليس إلا نوعاً من التمويه الصريح والتعمية على الأمور في رأيي· لماذا؟ لأنه وبدلاً من مناقشة تهديدات محددة، ثم معرفة كم سيستلزم التصدي لتلك التهديدات، فإن ما يحدث عادة، هو أن الأمر ينتهي بنا إلى التساؤل عما إذا كان يجب علينا أن نخصص 4 في المائة من الدخل القومي الإجمالي أو 3,9 في المائة أو 4,1 في المائة للميزانية العسكرية وأي من تلك النسب أفضل من الآخر· وعندما يشاهد دافعو الضرائب الأميركيون فصول هذه التمثيلية وهي تتكشف تدريجياً أمامهم، فإن السؤال الذي يجب أن يسألوه لأنفسهم هو: لماذا لا تستطيع ''البنتاجون'' الدفاع عن البلاد الآن بتكلفة أقل من تلك التي كانت تحتاجها خلال الحرب الباردة؟ على الرغم من حقيقة أننا كنا نواجه زمن تلك الحرب عدواً رهيباً، يمتلك قوات مسلحة ضخمة وحديثة، ويمتلك أيضاً الآلاف من الصواريخ النووية الموجهة العابرة للقارات؟ روبرت هيجس زميل رئيسي في الاقتصاد السياسي في إندبندانت إنستيتيوت بأوكلاند- كاليفورنيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©