الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الموسوعة الشعرية الإلكترونية.. عودة الروح

الموسوعة الشعرية الإلكترونية.. عودة الروح
23 مارس 2016 21:23
شكلت الموسوعة الشعرية الإلكترونية التي أطلقها المجمع الثقافي في أبوظبي في التسعينيات من القرن الماضي فاتحة لرقمنة الثقافة في الوطن العربي، فقد كانت بمثابة أول أداة يتم تطويرها لتوظيف التكنولوجيا الحديثة في المجال الثقافي، في وقت مبكر من عمر شبكة الإنترنت، كما شكلت الموسوعة تأسيساً احترافياً لأرشفة وتوثيق الشعر والأدب العربي والبحث الميسر فيهما. وبالتزامن مع اليوم العالمي للشعر أعلنت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن نيتها إعادة إحياء هذا المنجز الثقافي النوعي، بعد 19 عاماً من إطلاقه التزاماً منها بإعلان العام 2016 عاماً وطنياً للقراءة في الدولة، لتعطي بذلك دفعة قوية لأول مشروع عربي عملي يهدف إلى توثيق كل ما قيل في الشعر العربي منذ الجاهلية وحتى العصر الحديث، وهو المشروع الذي لاقى استحسان العديد من المنظمات والمعاهد الدولية المعنية بالثقافة والعلوم مثل اليونسكو والإيسسكو ومعهد العالم العربي في باريس. تأسيس الموسوعة يقول الباحث والمحقق المتخصص في الأدب زهير ظاظا الذي كان ضمن الفريق المؤسس للموسوعة ويعمل حالياً ضمن فريق تطويرها: «تجاوزت الموسوعة الهدف الذي أنشئت من أجله، وهو جمع الشعر العربي الذي وصلنا عن طريق المجاميع والدواوين المطبوعة، فحققت نقلة نوعية في عالم البحث في الثقافة العربية، فقبل الموسوعة كانت عملية البحث عن قصيدة أو معلومة تتعلق بشاعر من الأزمنة القديمة تستغرق الكثير من الوقت، خاصة أن بعض الشعراء لم تصدر لهم دواوين، بل ضمنت قصائدهم في كتاب أو كتابين مثل «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة»، و كتاب «نفحة الريحان»، اللذين يجمعان قصائد الشعراء في الألفية السابعة والثامنة». ويتذكر ظاظا أن العمل على الموسوعة بدأ في صيف عام 1995 حيث اتخذ القرار بالإعداد لتنفيذ مشروع الموسوعة الشعرية، رافق ذلك توجيه من الأمانة العامة للمجمّع الثقافي مقتضاه أن كل موظفي المجمع في تلك الفترة موظفون في خدمة الموسوعة الشعرية، كلٌّ حسب اختصاصه ومؤهلاته، وكانت للجان الموسوعة اتصالاتها بمعظم المراكز الأدبية في العالم العربي، وتأسست فرق عمل في دمشق وبغداد والمغرب والإمارات أسفرت في صيف العام 1998 عن إنجاز الإصدار الأول من الموسوعة. ويقول: «كل عام كانت تصدر نسخة محدثة من الموسوعة على قرص ممغنط، وكانت المجموعة المؤسسة تجمع 1160 كتاباً أدبياً من الكتب الشهيرة منذ العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث، إضافة إلى الدواوين المعروفة للشعراء، والتي وصل عددها اليوم إلى 2700 ديوان، وهي كلها متاحة على موقع إلكتروني يتم تحديثه بشكل دوري، ومن خلال العمل في الموسوعة أتفاجأ كل يوم بوجود ديوان جديد أو شاعر لم نكن قد سمعنا به من قبل». وفي النسخة المحدثة من الموسوعة تم تطوير خدمات بحثية تتيح البحث عن مفردة في كل الدواوين والكتب والمعاجم، وتتيح أيضاً البحث عن تاريخ أقدم استخدام للمفردات أو أول استخدام لها، بالإضافة إلى أن كل ديوان مطبوع متوفر في هذه الموسوعة، وبعض الدواوين تتكون من عدة مجلدات قد تصل إلى خمسة أو أكثر. ويقول ظاظا: «تكون فريق العمل في البداية من حوالي 400 باحث متخصص من الوطن العربي وحققوا مجهوداً كبيراً لا تضطلع به إلا الدول، فكانت الموسوعة إحدى أكبر المفاخر التي حققتها دولة الإمارات، فكل المواقع الثقافية التي ظهرت لاحقاً أخذت من الموسوعة بدون أن تصحح حتى بعض الأخطاء التي وردت فيها». كانت الموسوعة بمثابة هدية ثمينة لأي شخص يحب الأدب والشعر، حسب ظاظا، «كثيرون لا يعرفون قيمة الموسوعة إلا عند التعامل معها، وشخصياً يستحيل أن أمضي أقل من 5 ساعات يومياً في البحث فيها، حيث تفيد الموسوعة في البحث التاريخي والأدبي، وكذلك عن المدن العربية وموضوعات الشعر وأغراضه». ويسوق مثلاً على ما يمكن أن تكشفه الموسوعة بقوله: كتاب «الآثار الفكرية» يضم الأعمال الكاملة لعبد الله الفكري أول من سمي وزيراً للثقافة في مصر، ويضم محاضرة كان قد ألقاها في المؤتمر الثامن للمستشرقين في فيينا عام 1896 عن الشاعر حسان بن ثابت واختار له قصيدة «عفت ذات الأصابع» وقال إنها منطقة في دمشق، ولكن تبين لي أنها كنيسة في الشام، وقد قال حسان هذه القصيدة قبل إسلامه، ولولا خصائص المقارنة التي تتيحها الموسوعة لما عرفت ذلك. الحلة الجديدة وبحسب هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة فإن الموسوعة الشعرية في حلتها الجديدة ملتزمة بمعايير الذائقة العربية فيما تقدمه لقرائها من دواوين مختارة لنخبة من شعراء العرب قديماً وحديثاً، فلم تشترط فيما تنشره أن يكون للشاعر ديوان مطبوع، كما لم تلتزم أن تضم نشرتها كل ديوان مطبوع، فهناك الكثير من الشعراء الذين لم يصلنا من دواوينهم سوى قصائد متفرقة هنا وهناك. يتميز الإصدار الجديد بزيادة زاوية تتعلق بمعلومات عن الديوان، وأخرى تتعلق بتوضيح مناسبة القصيدة، كما يتميز بإمكانية البحث عن جملة، وهو الأمر الذي كان يؤرق كل الباحثين في الموسوعة، ثم زيادة قائمة مطولة من الشعراء المعاصرين من مختلف مذاهب الشعر، وذلك نزولاً عند رغبة الكثير من القراء، ثم زاوية النشر الصوتي لمجموعة من كبار شعراء العرب، كانوا قد وفدوا ضيوفاً على دولة الإمارات وأقيمت لهم أمسيات شعرية على مسرح المجمع الثقافي، ومنهم الشعراء الكبار: عمر أبو ريشة، ونزار قباني، ومحمد مهدي الجواهري، وهارون رشيد، وعبد الله البردّوني، وعبد الرحمن الأبنودي، وعبد الوهاب البياتي، وسليمان عيسى، ومحمود درويش، وسعاد الصباح، ومحمد علي شمس الدين، وغيرهم. إعادة اكتشاف العروض ووفق ما يرى المشرفون على الموسوعة، فإن برامج النشر الإلكتروني أثبتت صحة كل ما ذهب إليه الخليل بن أحمد الفراهيدي (100-170هـ) مؤسس العروض، كقوله إن (مستفعلن) الثانية لا يجوز فيها حذف السين، فتتيح الموسوعة النظر في آلاف القصائد المنظومة على البحر البسيط، والتي تظهر كلها عدا قصائد شنقيط ملتزمة هذا القيد، وليس في شعر الجاهلية كله خرق لهذا القيد إلا قول الأعشى: علقتها عرضاً وعلقت رجلاً غيري وعلق أخرى غيرها الرجل فقوله (وعلقت) هو ما منعه الخليل لأن وزنه (متفعلن). أما «كتاب العروض» للخليل بن أحمد فلا يزال في عداد الكتب المفقودة، وقد رجح الدكتور سليمان أبو ستة، أن يكون الخليل قد وضع كتابين في العروض هما: (الفرش والمثال) كانا مصدر ابن عبد ربه الوحيد في تأليف «الجوهرة الثانية: في أعاريض الشعر وعلل القوافي» في كتابه «العقد الفريد». مجاميع للتوثيق وقد اعتمدت الموسوعة على مجاميع شتى لتوثيق الشعر، منها ما يخص قرناً من الزمان، مثل كتاب «يتيمة الدهر» للثعالبي، وذيله «دمية القصر في شعراء العصر» للباخرزي، و«وشاح الدمية» للظهير البيهقي وذيلها «خريدة القصر» للعماد الأصبهاني، وذيل أسامة بن منقذ الذي بعث به هدية إلى ابن الزبير ليودعه كتابه «جنان الجنان ورياض الأذهان» و«الكتيبة الكامنة فيمن لقيناه من الشعراء في المائة الثامنة» للوزير لسان الدين بن الخطيب، و«الغصون اليانعة في شعراء المائة السابعة» لابن سعيد، وغير ذلك كثير، ومنها ما يخص قبيلة من قبائل العرب، وأبرزها أعمال أبي سعيد السكري الذي قضى عمره في جمع شعر العرب وتوثيق دواوين شعرائها، ومنها ما عني بشعراء بلد أو إقليم، مثل «الدرة الخطيرة في شعراء الجزيرة» لابن القطاع الصقلي، ومنه ما اختص بأصحاب مهنة، أو رتبة ومنصب، مثل «أشعار الكتاب» لابن حاجب النعمان، و«أشعار أولاد الخلفاء» للصولي، بل منها ما اقتصر فيه صاحبه على من اتحدوا في الاسم فقط، ككتاب «من اسمه عمرو من الشعراء» لابن الجراح، و«المحمدون من الشعراء» للقفطي، ومنها ما انحصر في ذكر شعراء ملة أو طائفة، مثل «شعراء النصرانية» للويس شيخو، و«الطليعة في شعراء الشيعة» للسماوي، و«شعر الخوارج» لإحسان عباس، ومنهم من اختص بمجموعته كالنساء، فلم يذكر إلا الشواعر من النساء، بل منهم من اقتصر في مجموعته على شعر طائفة من النساء، مثل «الإماء الشواعر» لأبي الفرج الأصبهاني. وبناءً عليه قسمت الموسوعة إلى قسمين رئيسين هما (شعراء الدواوين) و(شعراء المجاميع) بما يكفل مراعاة هذه الأعمال، بينما تقوم خدمات البحث المتنوعة بتلبية رغبة الباحثين في الوصول إلى بغيتهم. خدمة الشعراء كان أبو عبيدة معمر بن المثنى (110 - 209هـ) وابن سلام الجمحي (150 - 232هـ) في كتابه «طبقات فحول الشعراء» وأبو حاتم السجستاني (ت 248هـ) في كتابه «فحولة الشعراء» والزبير بن بكار (173 - 256هـ) في طليعة من تصدى لجمع سير الشعراء وأخبارهم وخلدوا في أعمالهم ملاحظات شيوخ الأدب على الشعر العربي وأعلامه. ويطول الحديث عن كل من له مساهمة في جمع طبقات الشعراء، مثل أبي تمام والبحتري ودعبل الخزاعي، بل يذكر التاريخ أخبار أسرة توارثت خدمة الشعر والشعراء أبا عن جد، وهي أسرة آل المنجم التي نبغ منها سبعة أدباء أسفرت جهودهم عن أول موسوعة مترامية الأطراف لتراجم الشعراء، تضمنت كتاب الشعراء القدماء والإسلامية لجد هذه الأسرة أبي الحسن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجم، وكتاب الباهر لابنه أبي أحمد يحيى بن علي بن يحيى بن أبي منصور (241 - 300هـ) و«تتمة الباهر» لابنه أبي الحسن أحمد بن يحيى بن علي، ثم كتاب البارع وكتاب اختيار الشعراء الكبير لأبي عبد الله هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور (ت 288هـ). وكان أبو عبيد الله المرزباني من أصدقاء هذه الأسرة، ترجم لهم في كتبه واعتنى بذكر أعمالهم، وآلت إليه معظم كتبهم، فأعاد ترتيبها وأضاف إليها حصيلة أربعين عاماً من البحث والتنقيب، يساعده في ذلك ضيوفه المقيمون في منزله، والذين ذكرهم فقال: (كان في داري خمسون ما بين لحاف ودواج معدة لأهل العلم الذي يبيتون عندي). ثورة الشك أكاد أشك في نفسي لأني أكاد أشك فيك وأنت مني يقول الناس أنك خنت عهدي ولم تحفظ هواي ولم تصني وأنت مناي أجمعها مشت بي إليك خطى الشباب المطمئن يكذّب فيك كل الناس قلبي وتسمع فيك كل الناس أذني وكم طافت عليَّ ظلال شك أقضَّت مضجعي واستعبدتني كأني طاف بي ركب الليالي يحدث عنك في الدنيا وعني على أني أغالط فيك سمعي وتبصر فيك غير الشك عيني ولا أنا بالمصدق فيك قولاً ولكني شقيت بحسن ظني وبي مما يساورني كثيرٌ من الشجن المؤرِّق لا تدعني تعذب في لهيب الشك روحي وتشقى بالظنون وبالتمني أجبني إذ سألتك هل صحيح حديث الناس خنت ألم تخني؟ عبدالله الفيصلa
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©