الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رحيل مع الصدى

رحيل مع الصدى
24 مارس 2016 13:20
لعلّ أكثر ضحايا الترجمة هم الشعراء، والحال أنّ ثمة خللاً عند ترحيل مقول الشاعر، يقتضي التفطن إليه. إذ غالباً ما نحمّل المترجم الوزر الأكبر فيه، ولكن المتلقّي أحياناً مقصّر، لا يتسنّى له هجران عوالمه، حسْبُه ما وجد عليه آباءه. يغدو سجيناً لذوقه ودأبه، في حين اللقاء بالشعر هو انبساط ينافي الانقباض، وهو رحيل يجافي المكوث. لا أقول نلغي ذائقتنا التي تربّينا عليها، بل نثريها ونجعلها شفّافة، قادرة على اللقاء بالآخر وهضمه ومحاورته وبشكل عام، نصادف في الشعر غبطة أو لوعة أو فكرة، ولعلّه المثلّث المتحكم بمدونة الشعر وبالذاكرة الشعرية للبشر. ذلك الزخم المتكامل ما يجعلني حذراً عند نقل الشعر، سواء إلى العربية أو إلى الإيطالية، فلا أقتصر في الغرض على الغبطة معزولة عن مكملاتها؛ بل أجدني مدفوعاً لترحيل الشعر رفقة الفكرة، الرسالة. وأحرص على أن تمرّ شاعرية الشاعر المسبوكة داخل نمط الكتابة لديه، بخاصياتها العملية وأنظمتها التقنية، وأيضاً بأخلاقياتها ومثلها العليا. ومن هذا الباب انتقينا هذه القصائد الإيطالية لترجمتها إلى العربية، حيث كل قصيدة تحوي قيمة بذاتها، كونها تعبيرية متطورة عن شاعرية ذلك الشاعر، ونصاً يمثله خير تمثيل. هذه الباقة من القصائد التي نقدّمها للقارئ العربي توفر خبراً عن واقع الكشف الشعري في لغة غير لغتنا، أردناها احتفاءً بالشعر أينما صدح وبالشعراء أينما غنّوا. ترجمة وتقديم - عز الدين عناية باولو روفيللي إيطالي من مواليد 1949، نشر عدداً من المجموعات الشعرية منها: «فطور بسيط» سنة 1987، التي نالت الجائزة الأميركية للشعر، و«يوميات نورمانديا»، الحاصلة على جائزة مونتالي أيضاً، سنة 1992، و«الفرح والحداد» سنة 2001. كما نشر مؤلّفيْن: الأول بعنوان «حياة إبوليتو نيفو»، و«حياة وحبّ وروائع للسيد كارلو غولديني» 1993. ترجم لكل من جبران وطاغور ولبعض الميتافيزيقيين الإنجليز، بالإضافة إلى ترجمة «الصراط السوي» لطاو. على راحتيكِ على راحتيك أخطُّ رسالة: قسمات وجهك امرأة ناعمة وجسورة، بمراس عنيد.. لا تلين أبداً للخواء ولا تشتهيه دائماً على أهبة للرحيل بعيداً.. عاشقة حنونة، مفعمة عشقاً وجريئة في فعلها.. داخل فرادتك سطوةٌ تمسكين فيها أنتِ بمفتاح السجن حلاوة باذخة خلف العتاد وسحرُ أناملكِ.. يدا عذراء يدا محاربة يدا رِيتَا. .................................................. أندريا زنزوتو من مواليد بييفي دي سوليغو بتريفيزو سنة 1921، مجاز في الآداب من جامعة بادوفا. بعد الحرب العالمية الثانية عاش طويلاً في فرنسا وسويسرا، ثم قفل راجعاً إلى بلده حيث اشتغل بالتدريس. برز كشاعر منذ سنة 1951 بنشر مجموعته «خلف المشهد» التي أُتبعت بـ«مراثٍ وأشعار أخرى» 1954، و«الكياسة» 1968، و«آداب الغاب» 1978. كما نشر ديوان «السلك» بالعامية سنة 1976. طُبعت جلّ أعماله في الكازانوفا لفيديريكو فلليني، وجُمعت أعماله الشعرية والنثرية معاً في كتاب نُشر سنة 1990، أمّا مداخلاته النقدية فقد طُبعت في كتاب بعنوان: «تطواف في آداب القرن العشرين» 1994. زيفٌ حشد هائل من السفاهات.. بلدٌ ينحدر إلى القاع ليولّد في الحين ديداناً متحوّلة إلى (...).. هكذا تزحفُ في متاهاتها وتحشد مجازفات عابرة من زيف إلى زيف إلى ما لا نهاية هناك في الزيف عناد وغمّ هناك مع الصّدق زهو وأعراس زائف أنا حقّاً.. مستخلَصٌ من زيف كثير إجهاضٌ أسوأ من سلفه جمعٌ من الأقوال سخيفٌ أو زيادة، أكثر منكِ تنازلت لصوتك دويّ فاضح استنزفه الاستجداء. ماريا لويزا سباسياني وُلدت في تورينو سنة 1922 وعاشت بين ميلانو وباريس. تقيم حالياً في روما. من إبداعاتها الشعرية: «ربيع باريسي» 1954، و«البدر اللومباردي» 1956، و«جدوى الذاكرة» 1966. من أعمالها النثرية: «نساء شاعرات» 1992، إضافة إلى كتابتها أعمالاً قصصية ودرامية، منها «جزيرة تيبيرنا» و«الأرملة غولدوني». ترجمت لكل من غوته وشكسبير وجيد وغومبريك. ذكريات أبَتي أصلٌ ونور واصلْ شدّي من يدي في أكتوبر الموشّى بذكرى اليوم الأول للمدرسة. ترحل السنونوات مغرّدةً، خلال خمسين عاماً سنتذكّر. نيلو ريزي ولِد في ميلانو سنة 1920 ويعيش في روما. أقام طويلاً في باريس. ترجم لكفافيس ولافورغ وسوفوكل وغيرهم، بالإضافة إلى أنه مخرج سينمائي وتلفزي. من بين أفلامه الأكثر شهرة «يوميات مصابة بالفصام»، و«فصل في الجحيم» حول حياة رامبو و«عمود التعاسة» المستوحى من عمل لمانزوني. نشر عدة مجموعات شعرية نذكر منها: «عزم الفتى» 1956 و«الرنين» 1987، و«تحولات» 1991، و«العالم رهْن يديك» 1994. في حماكَ أَبتِي من هؤلاء الطائفون ببدلات عسكرية وهراوات طويلة؟ في شارع «دوريني» ولا بوّابة مشرعة. بدَفْعة انتهيتُ بين ترسه والحائط سباب، نحيب وزجاج مهشّم فاق دوي الغناء «... بموتِ ماتيوتي» نعيش السُّكرَ. شُدَّني منتصباً حتى لا أرحل.. مع الصدى. .................................................. روبارتو موسابي وُلد في كونيو سنة 1952، حاصل على الإجازة في الآداب من تورينو سنة 1977. منذ العام 1982 يعيش في ميلانو حيث يشرف على سلسلة «الشعراء» لدى دار نشر جاكا بوك. أعدّ ترجمات لبيكيت وبونيفوي ومالفيلو وويتمان ووالكوت. تتكون مجموعاته الشعرية من الأعمال التالية: «اثنا عشر شهراً» 1979، و«مخاطر السماء» 1984، و«جولة في الظهيرة» 1990، و«الغبار والنار» 1997. نشر نصوصاً مسرحية: «أصوات العتمة» 1992، و«الكهف الإزوردي» 1999. كذلك كتب الرواية، لديه عملٌ بعنوان: «توستيللا» 1990 وآخران للأطفال. بكاء بوذا ما رأيتك قَطّ تبكي لكن لعلّه وهم قطرة ذلك المطر المباغت في الحديقة. فأنت الآن بالداخل ووَهْم الفانوس سيحوّلك شبهاً لي للحظة، فإذا ما بكيت أنتَ أو توهّمتُ بكاءك صار وجهك في أبولو لاتسيو أنا بوسعي كبْحَ ما لديّ لكنّ غيري ينتحب دعِ المطر الهاطل خارجاً لا تُبالِ. فاليريو ماغريللي من مواليد روما 1957، مجاز في الفلسفة. يدرّس الأدب الفرنسي في جامعة كسّينو ويشرف لدى دار نشر إيناودي على سلسلة «كتّاب يترجمون كتّاباً»، من بين مجموعاته الشعرية: «زمن العيون المغمضة» 1980، و«طبيعة وتوشية» 1987، و«قصائد» 1996. هو ناقد أدبي أيضاً، من مؤلفاته: «في أحضان الفكر.. مقدمة لأعمال جوزيف يوبارت» 1995، إضافة إلى إسهامه في إعداد أنطولوجيا «شعراء فرنسيون من القرن العشرين» 1991. المستقبل الوجل العتال منهمك يخلي الغرفة.. يقوم بعملي نفسه. أنا أيضاً مشغول بتغيير مواضع الكلمات. كلمات ليست لي وأمدّ يداً لِما لا أَفْقَه دون أن أدري ما أحوّره. أحوّرُ ذاتي مترجماً الماضي في الحاضر وهو يسافر مختوماً مرسوماً في الصفحات أو داخل صناديق كُتب عليها «هشّة»، أجهل ما بداخلها إنه المستقبل الوجل.. الزمن اليدوي قديم.. عمل جهيد لممتهني الشجن. .................................................. ماريو لوتسي من مواليد مدينة فلورنسا سنة 1914، وفيها حصل على الإجازة في الأدب الفرنسي. استهل مشواره الشعري بنشر مجموعة بعنوان «القارب» سنة 1935، زمن كان الشغف بالثقافة الهرمسية رائجاً. في ذلك الجو كان لوتسي يتعاون مع عدة مجلات طليعية مثل «فرونتيسبيسيو» و«كامبو دي مارتي». مع السنوات اللاحقة توالت مجموعاته الشعرية: «باكورة الصحراء» 1952 و«شرف الحق» 1957، ثم أُتبعت بـ«صواب الحياة» 1960. وله مجموعات أخرى نُشرت منها «في أتون التناقض» و«جُمل ومفردات لنشيد السلام». كما يشتغل لوتسي بالترجمة والكتابة النثرية أيضاً. النبتة الباكية سمعتُ النبتة تبكي في الغرفة المتاخمة ليلاً، في البيت العتيق في الظلمة الدانوبية وفي منتهى عالم الألوان. لأي فضاء متاح هائمة، خلف كل تباينات الأحقاب واللغات. سمعت جيداً سمعت يقيناً عزفها الصاخب على القيثار وقد توارى في جنح الظلام في النوم وفي اللاوعي الساكن في العتمة الخفية لمعرفة ممقوت هتك سرها إلى متى؟ .................................................. لوتشانو إيربا ولِد سنة 1922 بميلانو وفيها يعيش، درّس الأدب الفرنسي في الجامعة، وأنجز ترجمات شعرية عدة. تتكون مدوّنته الشعرية من: «خطّ الكاف» 1951، و«البلد الطيب» 1955، و«الشر الأصغر» 1960، و«الدائرة المنفرجة» 1983، و«وشاح فرس النهر» 1989. أعدّ بمعية بييرو كيارا «أنطولوجيا الجيل الرابع» 1954. وفي سنة 1991 نشر مجموعة ترجمات شعرية بعنوان «بلور طبيعي»، وهو كاتب كذلك لعمل نثري بعنوان «فرانسواز» 1982. في السماء صوت آخر يراودني حلم أحياناً بقيادة الترامواي على غير سكة الحديد. بين حقول البطاطس والتين الأخضر حيث العجلات في التربة لا تغوص، متجنباً ما يرعب الطير والعرائش. أطلُّ في سبتمبر وأكتوبر للقاء الركاب شوق عارم يشدني إليهم. لحظة الصحو ينجم شك دفين ما إذا كانت الحياة حدثاً عابراً وعزلتنا حواراً ذاتياً حزيناً. بين أسئلة وإجابات صيغت على عجل أعتقد، لا أعتقد، لم أعتقد.. حبّذا لو تحملني إلى الآخرة قليلاً هناك رفقة الخدش المرسوم على فخذي. فما الأمر؟ يبدو كما قيل في السماء صوت آخر، حقّ آخر. ميلو دي أنجليس من مواليد 1951 بميلانو، بها يقطن وفيها يزاول مهنة التدريس. نشر المجموعات الشعرية التالية: «مليمترات» 1983، و«والد قصيّ» 1989 و«سباق الأردية» 1979، و«سيرة ذاتية موجزة» 1999. ترجم من الفرنسية واللاتينية لكل من بودلار ولوكريسيو وفرجيليو. يترأس في الوقت الحالي إدارة المجلة الشعرية «نييبو». يقين اقبض على الفكرة حجراً حجر تبقّى مما هاجر من المحجر. كانت اليد ذاتها التي تدير إلى ما لا نهاية المقبض هي من تلوّح بيقين بياضها الجلي لانبلاج الصباح عظيمة مدرسة النهاية والعود إلى الحبّ. .................................................. شيزاري فيفياني من مواليد مدينة سيينا سنة 1947 ويعيش في ميلانو أين يزاول مهنة التحليل النفسي. نشر المجموعات الشعرية التالية: «التيه الحميم» 1973، و«عشرية الأرواح» 1997، و«صمت الوجود» 2000، إضافة إلى نشره رواية «الشوفان المعتوه» 1987 ومجموعة كتابات من بينها: «حلم التأويل» 1989 و«العالم ليس فرجة» 1998. هذا الوجود املأ الحياة الجديدة بزهوِ اللحظات فالهوّة غائرة تحثُّ على التدبّر في نهاية أبيّة لهذا الوجود مثلما أُبدع أو كما كان.. هناك سعي رغبة جامحة، توحّد إصرار الكائنات الصغيرة في الفضاءات العاصفة والسماوات الصافية.. لا ينمو سوى بتأثير الأعالي ذلك اللحم، أَوَيأتي من الأشعة أي اشتعال وأي غذاء؟ فلا قوتَ لمّا يعزّ النور الساطع ويتلاشى بهيجاً خصيباً، لكن دائماً لاحِقاً يتشظّى ويسْودّ. هكذا الإزهار المباغت يأتي من جواهر نائية منحلّة ومنثورة. الفيلسوف المجنّح يا أيّها المغرّد في الضحى أهواك إن تنشد وإن لم تنشدِ الفن فيك سجية لا صنعة والحب عندك كالطبيعة سرمدي فإذا سكتّ فأنت لحن طائر وإذا نطقت فأنت غير مقلّدِ لله درّك شاعراً لا ينتهي من جيّد إلا صبا للأجْوَدِ مرح الأزهار في غنائك والشذى وطلاقة الغدران والفجر الندي وكأن زورك فيه ألف كمنجة وكأنّ صدرك فيه ألف مردّدِ إيليا أبو ماضي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©