الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أحب البر

26 ديسمبر 2014 23:30
في جوف المنخفض الرملي كان هناك من يقوم بطهي الطعام ويتسلى، ويبدو أن هبات الهواء الخفيفة المائلة إلى البرودة كانت توزع السوالف ممزوجة برائحة الشواء، كانت الأخوات يطبخن من جهة والبنات والأولاد يأتون بالحطب والرجال يورونه من جهة. لمة الأهل في البر على هذه الوجبة والمسامرة و«النسيم الحلو يسري كل حين، فيغذي كلما مر الصدور» وليعذرنا شاعرنا القديم فتحت شهيتنا فاقتبسنا منه هذه الأبيات التي كان يتضمنها المنهج المدرسي في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، فقصيدته لم تمت في نفوسنا، رحلة البر أحيتها. هكذا سحر البر، حياة تغنى بها كل من تغنى و«شعر فيها» أي جادت قريحته بالشعر كل من شعر. «أحب البر» وذكريات السنة الفائتة وقبلها ومعها لمة البر اليوم، في حضن الطبيعة القديم جديد، وبدلا من الخيام التي وصفها الشاعر في قصيدة القرن العشرين، تتسيد إلى جانبها في رحلة البر اليوم «الكرفانات» ولوازمها ومولدات الكهرباء وأدوات الشواء الحديثة و.. و... كما تذكرك «مواقعها التي تقهقرت إلى أبعد الحدود» كما تقول جارتنا أم محمود، في جملة ذكرياتها حين وفدت إلى البلاد في منتصف الستينيات وكانت أيامها عروساً، تذكرك «بالتمدد العمراني الهائل» كما تقول فاغرة عينيها، كي تتساءل عن المدينة التي بدأت تزحف إلى البر وتختلط به ليأخذ شكلا آخر. فيما هؤلاء الأجانب هواة رحلات السفاري يلوحون لك عن بعد وكأنهم لسان حال الشاعر القديم القائل «كم قضينا الوقت فيه لاعبين، وجرينا في نشاط وسرور». مشاعر من الحنين تنتابك فتتذكر مناطق مثل «السرة» و«وادي العمردي» و«عوافي» وغيرها. وطر جميل من حياتنا يمضي، صفحات من تاريخ حافل بالذكريات والأحداث هو البر، الذي لم يكن في يوم مجرد طبيعة صامته. وما أن تتذكر هذا حتى تتمنى أن يعرف ذلك أبناء هذه الأرض وكل المقيمين داخلها وخارجها. فأين هي مناهجنا المدرسية من تقديمه لهم في مقررات وطنية، تاريخية، أدبية إبداعية، جغرافية، توضح بشكل علمي مبسط أن هذه التضاريس أبعد مما نتصوره في الواقع. البر كما هو البحر كما هي الجبال والمناطق الزراعية في بلادنا، حياة حافلة بالأحداث المهمة عبر تاريخ هذه الأرض الطيبة، ونحن مطالبون بإطلاع أنفسنا قبل الآخرين عليها، لو التم الجميع حول هذا الهدف.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©