الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عُمان تخصص محمية طبيعية للنمر العربي المهدد بالانقراض

عُمان تخصص محمية طبيعية للنمر العربي المهدد بالانقراض
15 ديسمبر 2013 20:57
يوسف علي البلوشي (مسقط) - يعتبر النمر العربي من الحيوانات النادرة التي توجد في سلطنة عمان، وتحديداً في محمية جبل سمحان الطبيعية في محافظة ظفار، التي تبلغ مساحتها 4500 كم مربع. ويظل هذا الحيوان النادر من الحيوانات المهددة بالانقراض في سلطنة عمان ما استدعى حشد الجهود لدرء عوامل الانقراض والمحافظة عليه. تمتاز سلطنة عمان بثرائها البيئي، ووجود حيوانات ذات أهمية علمية وتاريخية واجتماعية كبيرة، تعيش في بيئتها الطبيعية المتخمة بالتحديات، التي جعلت هذه الحيوانات تعد من الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض، ومنها النمر العربي، تلك السلالة النادرة التي اتخذت من الجبال موئلاً لها فانحسرت بعد ذلك لتستقر في جبال ظفار. ومؤخرا شرعت السلطنة في تنفيذ مشروع تطويق النمر العربي داخل المحمية بهدف دراسة دورته الحياتية، وهجرته السنوية، ومواسم التكاثر وغير ذلك من المعلومات ذات الأهمية العلمية لدراسة هذا النوع من الكائنات. خطر محدق حول الخطر المحدق بالنمر العربي في السلطنة، يقول الدكتور سيف الشقصي، المدير التنفيذي للمركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة «ما يجعلنا أكثر حساسية لهذا الموضوع، تصنيف النمر العربي ضمن القائمة الحمراء للحيوانات المهددة بالانقراض ضمن تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، فوجود هذا الحيوان المفترس يعد تكملة للسلسلة الغذائية المتكاملة في البيئة الطبيعية الواحدة، ومن دونه يحدث خرق في التكوين البيئي، ناهيك عن أهميته الاقتصادية والسياحية والاجتماعية لما يمثله من إرث يجذب اهتمام الباحثين والسائحين والمهتمين». ويضيف «تأتي أهمية المحافظة عليه من منطلقات كثيرة، يسهم فيها الجميع من مؤسسات وأفراد»، مشيرا إلى أن سلسلة الجهود للمحافظة على هذا الكائن النادر بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي، ولا تزال تلك الجهود ممثلة في جهاتها المختلفة، مستمرة وبخطى وثابة، مستفيدة من الدراسات والبحوث السابقة، ومستلهمة من تجارب الآخرين في هذا الشأن. ويوضح أن «إجراء الدراسات والبحوث عن النمر العربي يتطلب جهدا مضاعفا وتمويلا كبيرا لما يكتنفه من صعوبات الوصول إلى مكان عيشه من قساوة التضاريس، والتي تتطلب في كثير من الأحيان استخدام الجمال والحمير، وفي المرتفعات الشاهقة إلى الطائرة العمودية، فالتقاط صورة واحدة يقف خلفها الكثير من المعاناة والتحمل، ولكن كل ذلك يسهل في سبيل المحافظة على إرث عمان البيئي الطبيعي». ويلفت الشقصي إلى أن اهتمام عمان بالبيئة ظهر مبكرا منذ بزوغ فجر النهضة، إدراكا منها لما يسببه التمدن من تحولات جذرية في الحياة، تأخذ مقوماتها من مكنونات الطبيعة وتؤثر عليها سلبا. ويزيد «لما كان لا بد من الارتقاء والتطوير خدمةً لبني الإنسان، فإنه كان من المحتم إيجاد التوازن بين ما تقدمه الحضارة من تمدن وبين ما تفقده البيئة من مكتسبات، وعمان تمتاز بثراء بيئي ضخم وتنوع أحيائي فريد وخصائص طبيعية نادرة، جعلت منها فردوس الزائرين ووجهة الباحثين ومقصد العلماء المتبحرين»، لافتا إلى أنه حفاظا على هذه المعطيات الطبيعية فقد تبلور الاهتمام في إنشاء العديد من الهيئات والمؤسسات التي تعنى بالبيئة والمحافظة عليها، كل يؤدي دوره بصورة تكاملية، ويأتي المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة لبنة أخرى في هذا البناء، وهو معني بسبر أغوار البيئة العمانية بشكل علمي وتقني. دعم فني يقول يورس بريتينموسر، ممثل الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، الذي زار سلطنة عمان لغرض الوقوف على الدور الذي تقوم به عمان للحفاظ على النمر العربي إن «أهمية المحافظة عليه تكمن في إقامة المؤتمرات والدراسات والبحوث، ومتابعة النتائج والتوصيات ومشاركة المجتمع المحلي في وضع هذه الاستراتيجيات التي تهدف إلى الحفاظ على حيوان النمر العربي من الانقراض». ويؤكد أن الاتحاد يقدم الدعم الفني إلى دول العالم التي تهتم بالبيئة وصون الأحياء الفطرية، مشيرا إلى الجهود الطيبة والملموسة التي تقوم بها السلطنة في حماية البيئة والحفاظ على التنوع الأحيائي لديها، والحفاظ على الحيوانات المهددة بالانقراض. إلى ذلك، قامت عمان بتخصيص موقع لهذا النمر المهدد بالانقراض سمته محمية جبل سمحان، تتكون من حروف صخرية مقابلة للسهول الساحلية ونتوءات حادة إلى الشمال وتشمل المحمية أيضا خلجانا، وسواحل نيابة حاسك. وتزخر محمية جبل سمحان بتنوع في الموارد الفيزيائية والحيوية حيث التكوينات الجيولوجية المهمة والأودية والجروف الصخرية والأخاديد العميقة التي أوجدتها نظاما إيكولوجيا للكائنات الطبيعية من نباتات وحيوانات تكيفت وفقا للظروف في دوراتها الطبيعية. ومن هذه الموارد الفيزيائية المرتفعات الجيرية والمنحدرات الصخرية والأودية وبرك المياه، بينما الموارد الحيوية عبارة عن حيوانات النمر العربي والوعل النوبي والذئاب والضباع والغزلان ومجموعات أخرى من الحيوانات البرية. وتزخر محمية جبل سمحان الطبيعية بوجود الكثير من الحيوانات البرية التي لا تزال تعيش وتتكاثر داخل مختلف جنبات المحمية نتيجة لقلة الاستيطان البشري داخلها، ووجود الفرائس، وازدهار الغطاء النباتي في كثير من الأودية، كما أن وجود المياه المتمثلة في العيون والينابيع والبحيرات التي تخلفها الأمطار، أسهم في عيش الحيوانات العاشبة التي تشكل الحلقة الأساسية لوجود الحيوانات البرية. ويتربع النمر العربي، الذي لا يزال يرتع في كثير من أرجاء المحمية، على قمة عائلة الحيوانات المفترسة، حيث تعد هذه المحمية الوحيدة عالميا التي تخصص لحماية هذا النوع المهدد بالانقراض. وتمتلك المحمية إرثاً جيولوجياً كبيراً، حيث توجد الكثير من الكهوف الطبيعية الكبيرة التي تتميز بوجود ظواهر طبيعية داخلها، وتكاد تكون جميع الأودية الجنوبية للمحمية تحتوي على كهوف جديرة بالدراسة، وخاصة وادي ريكوت، ووادي حضبرم، ووادي دحنوت، ونتيجة لذلك قامت الوزارة بإنشاء مركز للبحث البيئي بنيابة حاسك. ندوة دولية نظمت عمان مؤخرا ندوة دولية كبرى حول حماية النمر العربي، بمحافظة ظفار، نظمها المركز الوطني الميداني في مجال حفظ البيئة، وناقشت الندوة مسودة الاستراتيجية والخطة التنفيذية المرفقة بها. وتم الاتفاق على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة وعملية لحماية وصون النمر العربي من الانقراض في بيئته الطبيعية، كما خرج المؤتمر بأهمية وجود الشراكة مع المجتمع المحلي مع الأخذ في الاعتبار المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية مع الأخذ في الاعتبار وجود آليات لتعويض من يتضرر من جراء وجود النمر في بيئته الطبيعية، وإقامة منطقة حماية مخصصة لإكثار النمر العربي مزودة بكامل التجهيزات لخدمة الباحثين والسائحين وأهالي المنطقة، والتأكيد على بناء القدرات البيئية في بيئة النمر العربي، وتمكين المجتمع المحلي معرفيا من المشاركة في هذا الدور، وإجراء البحوث العلمية الميدانية والمراقبة باستخدام أحدث التقنيات في هذا الشأن، بالإضافة إلى الاستفادة القصوى من الخبرات الدولية في هذا الحقل. وأوضحت حلقات العمل على أبرز المهددات التي تواجه النمر العربي والتي تسببت في نقصان أعداده، وهي النظرة التقليدية للنمر العربي كونه عدواً للإنسان، والتصحر وتأثيره على الموارد الرعوية، ونقص الوعي لدى السكان المحليين بأهمية النمر العربي وكيفية المحافظة عليه وكيفية التعامل معه، وقلة وجود مكاتب أو جهات حكومية مختصة لتوعية الناس، وقلة الحراس والموظفين المسؤولين في المنطقة لحماية المواطنين والنمر العربي معا، ووجود العمالة الوافدة غير القانونية في المنطقة واحتمالية قيامها بصيد النمر العربي لبيعه والاستفادة منه، والزحف العمراني والتنمية السكانية المتزايدة. وتم خلال المؤتمر طرح 5 محاور أساسية من خلال 16 ورقة عمل، حيث تناول المحور الأول وضع النمر العربي وفرائسه داخل وخارج مناطق محمية جبل سمحان. وهدف هذا المؤتمر إلى تقييم الوضع الحقيقي للنمر العربي في جبال محافظة ظفار، وإيضاح دور الجهات المختلفة ذات العلاقة في السلطنة في الحفاظ على هذا الحيوان من الانقراض، وتقييم الوضع الحالي للتنوع الأحيائي في المحافظة، وتحديد الخطوات القادمة والإجراءات العلمية والعملية للحفاظ على النمر العربي في السلطنة، ومناقشة خطة إدارة محمية جبل سمحان وأهم التحديات التي تواجه الخطة، ووضع خطة وطنية لحماية النمر العربي في جبال محافظة ظفار، وأهمية ورفع مستوى الوعي البيئي وتعزيز بناء القدرات لدى السكان المحليين للحفاظ على التنوع الحيوي في محافظة ظفار. النمر العربي.. حيوان ليلي سريع التأقلم النمر العربي، الذي يتراوح طول جسمه ما بين 160 و180 سم، مغطى ببقع سوداء مفتوحة على خلفية ذات لون بني وذهبي فاتح، وغالبا ما يتأقلم اللون مع المنطقة التي يعيش فيها. كما يمتاز وجه النمر، الذي قد يصل وزنه إلى نحو 30 كجم، بعدم وجود الخط الأسود الذي يمتد من الحافة الداخلية للعين إلى زاوية الفم بخلاف ما هو عليه الحال عند الفهد الصياد، وقد وفر له صغر الحجم القدرة على العيش على القليل من الطعام حيث يستطيع أن يعيش على 3 كيلوجرامات من اللحم في اليوم. والنمر العربي حيوان ليلي، ولكنه قد ينشط خلال فترة قصيرة من النهار. ويعيش معيشة فردية بعيدا عن الإنسان. ويتخذ من الجحور البعيدة والوعرة في المناطق الجبلية ملجأ له. وقد يكون ذلك أحد أهم الأسباب لبقائه حتى اليوم. كما أن موسم التزاوج لحيوان النمر يحدث غالبا في فصل الشتاء. وتقدر فترة حمل الأنثى بنحو 95 يوما تلد بعدها من اثنين إلى أربعة صغار، حيث تكون عمياء لمدة عشرة أيام. وتقوم الأم بإرضاع الصغار لمدة ثلاثة أشهر، وتصبح مستقلة عن الأم بنهاية العام الأول من عمرها. ويصل حيوان النمر إلى سن البلوغ بعد عامه الثالث، ويعمر لفترة تقارب 21 سنة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©