الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الدعاة والحرص على هداية الناس

15 فبراير 2018 23:14
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام، وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:. أخرج الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي ?هُرَيْرَةَ – ?رضي ?الله ?عنه?- ?أَنَّ ?رَسُولَ ?اللَّهِ - ?صَلَّى ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ- ?قَالَ : (?مَنْ ?دَعَا ?إِلَى ?هُدًى كَانَ ?لَهُ مِنْ الأَجْرِ ?مِثْلُ ?أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ?لا ?يَنْقُصُ ? ذَلِكَ مِنْ ?أُجُورِهِمْ ?شَيْئًا، ?وَمَنْ دَعَا ?إِلَى ضَلالَةٍ ?كَانَ ?عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ ?مِثْلُ ?آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ?لا ?يَنْقُصُ ? ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ ?شَيْئًا) (أخرجه مسلم)?. وهذا الحديث حديث صحيح أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب العلم، باب مَنْ سَنَّ ?سُنَّة ?حسنة ?أو ?سيئة، ?ومن ?دعا ?إلى ?هدى ?أو ?ضلالة?. لقد أثنى الله سبحانه وتعالى على العلماء والدعاة الذين يحرصون على هداية الناس والأخذ بأيديهم من الظلمات إلى النور، وذلك في قوله سبحانه وتعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}(سورة فصلت الآية 33). فهم أحسن الناس قولاً لأنهم ورثة الأنبياء، وهم الذين يحملون لواء الدعوة من بعدهم، وميدان عملهم هو أشرف ميدان؛ لأنهم يقومون بتعريف الناس بالحلال والحرام، كما جاء في الحديث الشريف: (...إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) (أخرجه الترمذي). وقد ذكر صاحب كتاب «صفوة التفاسير» في تفسير الآية السابقة: ({وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ}، أي دعا إلى توحيد الله وطاعته ، بقوله وفعله وحاله، وفعل الصالحات، وجعل الإسلام دينه ومذهبه، قال ابن كثير: وهذه الآية عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث: أن يكون مؤمناً معتقداً لدين الإسلام، عاملاً بالخير، داعياً إليه، وما هم إلا طبقة العلماء العاملين) (صفوة التفاسير للصابوني 3/123). الدعاة لا تنقطع أجورهم من المعلوم أن الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى من أعظم الناس أجراً، كما جاء في الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَنْ ?دَعَا ?إِلَى ?هُدًى كَانَ ?لَهُ مِنْ الأَجْرِ ?مِثْلُ ?أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ?لا ?يَنْقُصُ ?ذَلِكَ مِنْ ?أُجُورِهِمْ ?شَيْئًا، ?وَمَنْ دَعَا ?إِلَى ضَلالَةٍ ?كَانَ ?عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ ?مِثْلُ ?آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ ?لا ?يَنْقُصُ ? ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ ?شَيْئًا)?. إن هذه الشريحة الحريصة على هداية الناس تُحب الخير للناس جميعاً، فهم يُشِفقون على غيرهم ويتمنون لهم السير على الطريق المستقيم وتطبيق شرع الله، كما جاء في الحديث: (لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) (أخرجه البخاري)، كيف لا ؟ وقدوتهم هو رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الذي كان أحرص الدعاة على هداية البشرية جمعاء إلى الخير، كما جاء في قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (سورة التوبة الآية 128). أجرُ الدُّعاةِ خَيرٌ مِنْ حُمْرِ‏? ?النَّعَمِ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن سَهْل‏? ?بْن? ?سَعْد:? ?أَنَّ ?رَسُولَ ?اللَّهِ?- صَلَّى? ?اللَّهُ ?عَلَيْهِ ?وَسَلَّمَ- ?قَالَ ?يَوْمَ? ?خَيْبَرَ ?لعليّ ?بن ?أبي ?طالب – ?رضي ?الله ?عنه- ?:? )?... ?فَوَاللَّهِ ?لأَنْ ?يَهْدِيَ ?اللَّهُ ?بكَ ?رَجُلاً ?وَاحِدًا ?خَيْرٌ? ?لَكَ ?مِنْ ?أَنْ ?يَكُونَ ?لَكَ ?حُمْرُ? ?النَّعَمِ) (?أخرجه مسلم)?. وعند دراستنا للحديث السابق نتعرف على الأجر العظيم الذي جعله الله سبحانه وتعالى للدعاة المخلصين، وعندما نتأمل هذه المكرمة التي أكرم الله سبحانه وتعالى بها الداعية عندما يكون سبباً في هداية رجل واحد، فكيف إذا كان الداعية سبباً في هداية أمة أو جماعة من الناس؟، وكذلك إذا كان سبباً في إحداث تغيير واضح وملموس في حياة الأمم والشعوب، فلا شكَّ أن أجره سيكون أكبر وأعظم عند الله سبحانه وتعالى. فهنيئاً للدعاة الهداة أجرهم وكرامتهم وفضلهم فهم المصابيح الهادية، حيث إنهم حريصون على هداية الناس وإسعادهم في كل زمان ومكان. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ بي مِن النَّارِ عند دراستنا للسنة النبوية الشريفة نجد أن رسولنا- صلى الله عليه وسلم- كان حريصاً على هداية الناس إلى الإسلام والحق والخير في جميع الأوقات، ومن ذلك ما رُوي عَنْ أَنَسِ بن مالك- رضي الله عنه- (أَنَّ غُلامًا يَهُودِيًّا كَانَ يَضَعُ لِلنَّبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضُوءَهُ وَيُنَاوِلُهُ نَعْلَيْهِ، فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ عَلَيْهِ وَأَبُوهُ قَاعِدٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يَا فُلانُ قُلْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَنَظَرَ إِلَى أَبيهِ فَسَكَتَ أَبُوهُ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَظَرَ إِلَى أَبيهِ، فَقَالَ أَبُوهُ: أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ الْغُلامُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، فَخَرَجَ النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَهُ بي مِن النَّارِ) (أخرجه أحمد). انظر أخي القارئ إلى حرص نبينا- صلى الله عليه وسلم- على دعوة هذا الغلام إلى الإسلام رغم مرضه الشديد؛ حرصاً منه- صلى الله عليه وسلم- على هدايته، فهذا درس لنا جميعاً بوجوب الحرص على هداية الناس في جميع الأوقات، وهذه هي المهمة الأساسية للدعاة الذين يحملون هذه الأمانة ويبلغونها، فأهمية الدعوة تكمن في أنها تهدف إلى إسعاد البشرية في كل وقت، ونحن في هذه الأيام في أمسِّ الحاجة إليها؛ لإقامة المجتمع الفاضل الذي يقوم على الحق والخير والمحبة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. بقلم الشيخ الدكتور/ يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©