الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صعود «وول ستريت»

25 ديسمبر 2014 23:47
في كتاب «الطوفان.. الحرب العظمى، أميركا وإعادة تشكيل النظام العالمي 1916-1931»، يعود بنا الكاتب والمؤرخ «آدام توز»، إلى بدايات الحرب العالمية الأولى وتداعياتها الواسعة على خارطة القوى المتشكلة في تلك الفترة، متناولا الحرب العالمية الأولى التي كتب عنها الكثير من منطق مغاير يبتعد عن الصراعات الجيوسياسية بين الإمبراطوريات القديمة، ليفتح نافذة الاقتصاد باعتباره العامل الذي ساهم في صعود أميركا كقوة عظمى. فقد وجدت البلدان الأوروبية نفسها في مساحة جغرافية محدودة بدأت تضيق عن طموحاتها السياسية وتوسعاتها الجغرافية، فكانت الحرب التي دمرت أوروبا وغيرت وجه العالم. وبسبب الطابع الكوني للحرب، كانت التداعيات عالمية، وهنا يركز الكاتب على التبعات الاجتماعية والمالية قائلا: «قد تكون الحرب بدأت في أعين العديد من المشاركين كصدام بين الإمبراطوريات، وبين القوى التقليدية، لكنها انتهت بتداعيات أدت إلى انبثاق نظام عالمي جديد». وبالطبع، يقول الكاتب، كان اللاعب الجديد الذي ظهر على الساحة الدولية هو الولايات المتحدة التي استخدمت سلاح الاقتصاد والمال لتكريس نفسها كقوة عالمية ولتصبح الريادة العسكرية نتيجة لاحقة على البروز المالي والاقتصادي لأميركا وتدخلها في الحرب بأدواتها الهائلة التي رجحت كفة الحلفاء وجعلتهم مدينين لأميركا. فقد انخرط ويلسون في تمتين العلاقات الاقتصادية مع أوروبا من خلال قروض وصلت مليارات الدولارات استغلتها أميركا لاحقاً في إعادة صياغة ميزان القوى. فأميركا، ومن خلال عمليات الإقراض الكبيرة أنقذت بريطانيا وفرنسا وإيطاليا من الإفلاس بسبب نفقاتها العسكرية، جنت من خلال عمليات استعادة الدين نفوذاً جيوسياسياً كبيراً.وهكذا لم تتردد أميركا في تقديم نصحها لكل من شرع يئن تحت وطأة الديون الثقيلة، بتقليص النفقات العسكرية والتوقف عن توسيع رقعته الإمبريالية.. حينها فقط، يقول الكاتب، بدأت تتكشف تداعيات الحرب المدمرة بعد انتهاك معاركها، حيث كان لها دور سلبي على اقتصادات الدول وخرّبت البنيات الإمبريالية للإمبراطوريات المحاربة، مثل الإمبراطورية النمساوية والمجرية ونظيرتاها الروسية والعثمانية، ليلقي ذلك بظلاله على مجمل الاقتصاد العالمي ويعكس فترة الازدهار والرخاء التي سادت ما قبل الحرب.وكانت النتيجة النهائية لانهيار الإمبراطوريات القديمة جرّاء سنوات الحرب الطاحنة، أن انكشف النظام المالي أمام التقلبات والاعتلالات الاقتصادية الأخرى متمثلة في ارتفاع معدلات التضخم، وتوسع الركود الاقتصادي في دول أوروبية عديدة.. ليترسخ تفوق أميركا التي أضحت الدولة الدائنة الأولى في العالم، وظلت أراضيها بمنأى عن الدمار والخراب اللذين عما القارة العجوز. هذا الواقع الجديد الذي تميز بطغيان الأزمة الاقتصادية على أوروبا، ترافق مع تنامي المشاعر القومية وصعودها، لاسيما في الصين والهند وتركيا وبلدان أخرى، في ظل الأجواء الثورية التي عمت العالم ووصلت ذروتها مع الثورة البلشفية في روسيا، لكن تبقى الثورة الحقيقية في نظر الكاتب هي صعود أميركا وظهور «وول ستريت» كلاعب أساسي في النظام العالمي. زهير الكساب الكتاب: الطوفان.. الحرب العظمى، أميركا وإعادة تشكيل النظام العالمي 1916-1931 المؤلف: آدام توز الناشر: فايكينجز تاريخ النشر: 2014
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©