السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

التباسات المفاهيم تنعكس على تنفيذها

التباسات المفاهيم تنعكس على تنفيذها
28 ديسمبر 2015 23:21
محمد عبدالسميع (أبوظبي) شهدت قاعة الماس بفندق روتانا بيتش أبوظبي، أمس الأول أعمال الجلسة الثالثة لندوة «أزمة المفاهيم حول الحريات وحقوق الإنسان»، المنعقدة على هامش الدورة الـ26 لمؤتمر الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب الذي تستضيفه العاصمة أبوظبي. شارك في الجلسة: د. ريمون غوش (لبنان)، د. مصطفى الكيلاني (تونس)، طلال الرميضي (الكويت)، وأدارها سعيد حمدان. مفاهيم جديدة قدم د. غوش ورقة بحثية بعنوان «أزمة المفاهيم حول الحريّات وحقوق الإنسان» أشار فيها إلى أن أزمة مفاهيم الحريّات العامة وحقوق الإنسان تعود إلى التلاعب في الديموقراطية الحقيقية ومحاولة الأفراد والشركات والدول أن تستغلّ الآخرين تحت أقنعة مختلفة، مبيناً أن الديمقراطية تكفل للإنسان حريّة التعبير عن النفس وتحفظ الأمن الشخصي لجميع أفراد المجتمع ولممتلكاتهم، وبالتالي تحفظ كرامات الأفراد وتمنع التعدّي عليهم، ولكن العولمة والنيوليبرالية التي ابتكرت مفهوم «حرية السوق» وفوضى التعامل وحرية الأرباح عملت على نقل المفاهيم الراسخة التي تربّت عليها الأجيال بمفاهيم جديدة تجعل الاضطراب النفسي والعلائقي مسيطرًا على العقول. وأشار إلى أن واقع الحرية وحقوق الإنسان في عالمنا العربي اليوم متخلّف عن العالم الغربي حيث نمت وازدهرت الديمقراطية، فالتطور الحاصل هناك طال وعي الأفراد والجماعات. والفكر النقدي والمساءلة والمواطنة وحقوق الإنسان هي مبادئ نشأت عليها الأجيال وترعرعت فيها ثقافات وقامت بداخلها ثورات هزّت العروش والإمبراطوريات ورفعت شعارات الإخاء والمساواة والحرية لتبني الديموقراطية الحقيقية. أما نحن فقد حاولنا أن ننهض ببلداننا ملوكاً وحكاماً وشعوباً وسلاطين طوال القرن الماضي، غير أن الجهل والتخلف والتبعيّة وما رافق ذلك من فساد سياسي واقتصادي وأخلاقي وتربوي وحتى ديني حالت دون أن نحقق أمانينا في الحرية والديموقراطية. وأضاف: «ولكي ننهض علينا تحقيق التالي: بعث الروح القومية التي تأصّل فينا النشوء والارتقاء، وتأسيس دول تعمل من أجل تحقيق استقلالها عن طريق تقوية اقتصادها ومجتمعاتها وعلومها وآدابها بهدف الولوج إلى الحداثة، ووضع أسس الديموقراطية التي تتمشى مع تراثنا، والتي تدفع نحو بناء المواطنة الحقة، ووضع أسس تعليم ونشر حقوق الإنسان التي تقودنا إلى احترام كرامة الآخرين وقبول اختلافهم والمشاركة معهم في خلق مجتمع حر، وبناء مفهوم الدولة-الأمة في بلداننا العربية بإرساء دولة القانون والحق والجدارة والمساواة، وتعميم وحدة العلم في العالم العربي وتعليم الفلسفة التي من شأنها تنمية الفكر النقدي الذي يبعدنا عن كل أشكال الميول المذهبيّة». التباس المفاهيم وجاءت ورقة د. الكيلاني بعنوان «عن أيّ حريّة، وعن أيّ حقّ نتحدّث اليوم؟ في أحوال الأفراد ووقائع الأوطان». أشار فيها إلى أن الحرية والحق والواجب موضوع صعب البناء متعدد الاختصاصات متداخل في علوم كثيرة منها الفلسفة السياسية والاجتماع وعلم النفس والدراسات الفكرية وغيرها. وتسأل كيف مارسنا حريتنا وهل مارسناها حقاً؟ وهل تراجعت الحريات الفردية والعامة في عالمنا اليوم منذ أن أغرقت العولمة عالمنا؟ وأشار إلى أن هناك مفهومين مختلفين متواصلين للحريّة: الحرّيّة الطبيعيّة والحرّيّة العمليّة، ولا إمكان لِفهم الثانية إلاّ بالأولى. وأضاف: الحرّيّة الّتي نعني تحديداً في هذا السياق البحثيّ هي الحرّيّة العمليّة، وهي مفهوم أخلاقيّ تسْتدعي بالضرورة النظر العميق في سؤال الفرد والفرديّة والحقّ والواجب. وتطرق إلى مفهوم الحرية من منظور كانط، وسبينوزا، وآرثر شوبنهاور، وشلايرماخر، مؤكداً أن هذه الحرّيّة الّتي ضمنتها القوانين والدساتير الوضعيّة في المجتمعات الغربيّة، لا تزال إلى اليوم مَشروعًا متعثِّراً في مجتمعاتنا العربية. وقال: كما التبس مفهوم الحرّيّة بين الطبيعة والمجتمع، بين الماهية الأُنطولوجيّة وبين الحياة المدنيّة والسياسيّة سَاد الديموقراطيّة في الذهن العامّ العربيّ الإسلاميّ غموض حادّ. وأشار إلى أنّ الالتباس القائم اليوم بخُصوص الديموقراطيّة في حياتنا العربيّة والإسلاميّة هو وليد التباس المفاهيم الأخرى الخاصّة بالحُرّيّة الطبيعيّة والحرّيّة العمليّة. ولا إصلاح لحياتنا السياسيّة إلاّ بإطلاق تنفيذ مشروع المُواطنة الحُرّة المسؤولة. وذكر أن الحُريّات وحقوق الإنسان أضحت اليوم شعارات تُستخدم في الغالب للدعاية الإعلاميّة خدمةً لِمقاصد وخطط هيمنيّة عسكريّة وتهيئة الرأي العامّ لتقبّل العدوان واحتلال البلدان والتحريض على الانتفاض وإثارة الفِتن بالنعْرات القبليّة والدينيّة والطائفيّة. لذا حرصنا على تحديد سؤالنا بدْءاً ومرجعاً بـ: عن أيّ حرّيّة وعن أيّ حقّ نتحدّث اليوم؟ التجربة الكويتية أما الرميضي فقدم ورقة بعنوان «قراءة في مفاهيم الحريات وحقوق الإنسان بالكويت»، أشار فيها إلى أن دولة الكويت تعيش أجواء من الحرية ينعم بها المواطن والمقيم على حد سواء، وسط منظومة قانونية يسودها العدل والمساواة والأمن. وقال: «المجتمع الكويتي عاش منذ القدم على إبداء القول والرأي في الأمور العامة وممارسة الأفعال والسلوكيات بكل حرية، فكانت الحريات ممنوحة للجميع دون استثناء، والحقوق متساوية بينهم، وبعد ظهور مؤسسات المجتمع الحديثة للدولة اكتملت هذه الحريات بطوق من النصوص القانونية التي وضعها المشرع الكويتي في الخمسينيات من القرن الماضي، وبعد استقلال الكويت في عام 1961م، واصلت التشريعات الجديدة على تأكيد ما اعتاد عليه الأجداد الأوائل من مفاهيم عامة مترسخة فيهم، حيث سن الدستور الكويتي في عام 1962م، والذي يعتبر من أحدث الدساتير العربية وأكثرها عمقاً وتطوراً في مفاهيم حقوق وحريات الإنسان». وأكد على أن الدستور الكويتي حافظ على وجوه العديد من الحريات، منها حرية الاعتقاد وهى صورة من صور حرية الرأي، وعدم المساس بحرية ممارسة غير المسلمين لشعائر أديانهم، وحرية الرأي والبحث العلمي، وحرية الصحافة وغيرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©