الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شراكة أميركا الصعبة مع كرزاي

14 ديسمبر 2013 22:59
ها هو يفعلها مرة أخرى. الرئيس الأفغاني حامد كرزاي يثير ذهول وحيرة بعض المراقبين الغربيين. فبعد عملية دبلوماسية شاقة لتحديد شروط التواجد الدولي المستقبلي في أفغانستان، اعترض في اللحظة الأخيرة. كان الرئيس الأفغاني في الخارج عندما تمت صياغة اتفاقية التعاون الأمني والدفاعي مع المفاوضين الأميركيين في التاسع عشر من نوفمبر. وبعد أقل من أسبوع، صوت اجتماع يضم الوجهاء الأفغانيين والمسؤولين وقادة المجتمع في اجتماعهم المعروف باسم «اللويا جيرغا» بالإجماع ـ كما طلب منهم كرزاي- لصالح توقيع الاتفاق قبل نهاية العام. ولكن كرزاي أعلن فجأة بعد ذلك أنه لن يوقع بعد كل شيء، مصراً على شروط جديدة، مثل إرساء «السلام في أفغانستان»، ووضع نهاية فورية للمداهمات العسكرية لمنازل الأفغان وإنهاء هجمات الطائرات دون طيار. وكان ينبغي على صناع القرار في الولايات المتحدة توقع مثل هذه التصرفات المفاجئة. ففي أفغانستان، وكذلك في أماكن أخرى، كان افتقار القادة الأميركيين للدهاء النفسي، جنباً إلى جنب مع نزعة محسوسة للتخلي أو التقليل من قيمة نفوذهم، هو السبب وراء تقويض مصالح الولايات المتحدة وكذلك تأثر مصالح بعض الشعوب التي تدخلت واشنطن لمساعدتها. وقد كانت أول علامة على اعتزام كرزاي اتخاذ هذا القرار هي قراره بعقد مجلس «اللويا جيرغا» للتصويت على مشروع الاتفاق مع الولايات المتحدة. فهذا الاتفاق من شأنه السماح بوجود وتحديد دور القوات الدولية في أفغانستان بعد عام 2014. ومجلس «اللويا جرجا» الأفغاني هو عبارة عن مؤسسة تقليدية تقوم على توافق الآراء ويمكنها تقديم ضوابط شعبية للسلطة التنفيذية حيث تعود تقاليدها إلى أيام تأسيس الدولة في القرن الثامن عشر وما بعده، قبل وجود الهياكل الحكومية الرسمية. ولكن الدستور الأفغاني أصبح واضحاً الآن: ووفقاً للمادة 90، فإن الجمعية الوطنية هي الجهة المسؤولة عن «التصديق على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، أو إلغاء عضوية أفغانستان فيها». وليس بالضرورة أن تتم دعوة «اللويا جيرغا» على الإطلاق. ولكن تصويت الجمعية الوطنية يكون ملزماً، بينما تقدم «اللويا جيرغا» التوصيات فقط. وهذه المؤسسة، المليئة بالمندوبين الذين يختارهم كرزاي وأعوانه، والتي تناقش العشرات من القضايا السياسية المدمجة في نص مشروع الاتفاق، كان من المتوقع أن تولد مجموعة من الأوراق التي يمكن لكرزاي المناورة بها في وقت لاحق. وكما أنه هو المفسر النهائي للتوصيات المختلفة، فإن كرزاي هو أيضاً المحاور الأوحد الذي تحدد رغباته القضية البارزة -وربما المصيرية- للوجود الأمني الدولي الحالي في أفغانستان، والمساعدات الدولية المالية المرجح أن ترتبط بهذا الوجود. وهذا تماماً هو الوضع الذي يفضله كرزاي، أن يكون بمفرده في مقعد السائق. وقد نجح لسنوات في أن تقتصر الشراكة الأميركية بأكملها مع بلاده على مجرد علاقة شخصية صعبة بينه وبين سلسلة متوالية من المسؤولين الأميركيين. وقد قام بوش بمجاراته من خلال عقد مؤتمر عبر دائرة تليفزيونية مرتين أسبوعياً -في حين أن الجزء الأكبر من الاستثمار الأميركي في الموارد المادية، وكذلك الموظفين إلى جانب وقت وجهد كبار المسؤولين الأميركيين كان مخصصاً للعراق، بينما تركت أفغانستان ومشاكلها المتنامية بشكل كبير بلا مساعدة. وعندما تولى أوباما منصبه، كان عازماً على تحويل التركيز ولكن في نفس الوقت الضغط على كرزاي وحكومته. غير أن مسؤولي أوباما أيضا أثبتوا عدم قدرتهم على إحداث هذا التغيير. فقد يختلفون مع كرزاي، ولكنهم قد يهملون التفكير في تحركاته المضادة المحتملة وأفضل السبل لمنعها. وفي عام 2009، فرض كرزاي كلمته في الانتخابات الرئاسية التي تم تمويلها وتأمينها إلى حد كبير من قبل الولايات المتحدة، حيث ترددت اتهامات حول تزوير ثلث الدوائر الانتخابية على الأقل. وبعد ذلك، أمضى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ في ذلك الوقت جون كيري أياماً في حديقة الزهور بالقصر ينصت بصبر لشكاوى كرزاي، ويستميله ويساومه ليصل لاعتراف بأن التصويت لم يكن صحيحاً تماماً. وفي ذلك الوقت، تمت الإشادة بكيري لتمكنه من إنقاذ «العلاقة». وقد كان في الواقع يقوم بتعزيز نمط العلاقة. وبطريقة أو بأخرى، وفي وقت لاحق، أعاد كرزاي كتابة القصة ليظهر الولايات المتحدة في صورة «الشرير»، ويشكو من «تدخلها» في الانتخابات. ولم يكترث أحد بتوضيح الموقف. وفي مارس 2010، قام أوباما بزيارة مفاجئة لكابول، حيث أثار قضية الفساد في أفغانستان التي ينظر إليها كثيرون كعامل مساعد على تأجيج تمرد حركة «طالبان». وقد استاء كرزاي واندفع خارجاً وهو يهدد بانضمامه هو نفسه إلى «طالبان». وماذا كان رد الولايات المتحدة؟ لقد بسطت السجادة الحمراء لزيارته الرسمية لواشنطن في محاولة لكسب الود مرة أخرى. وعلاوة على ذلك، فقد قيل إن وكالة المخابرات المركزية، أثناء هذه التقلبات، قامت بتوزيع ملايينها في أكياس وحقائب للتسوق مكدسة بالنقود، بلا مساءلة ولا محاسبة. وعلى رغم ذلك، فإن سياسة الولايات المتحدة لا تميل لأن تكون مزدوجة. وبمراجعة ردود أفعال القراء للتغطية الصحفية للنزاع الأخير، يظهر شبه إجماع لصالح الانسحاب الكامل والفوري. أن كرزاي يجازف بمستقبل أفغانستان. ولأن الولايـات المتحـدة تهـدف حاليـاً إلى زيادة اعتمادهـا على الدبلوماسية بدلاً من منطق القوة في الخارج، فإن الدبلوماسيين الأميركييـن والمسؤوليـن المدنييـن، مـن جانبهم، قد يحسنون صنعاً بالانخراط في بعض ورش التفاوض. كما أن القليل من ندوات الدبلوماسية العامة لن يضر كذلك. سارة تشيز زميلة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©