الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«دبي السينمائي» يثبت أقدامه على طريق المنافسة العالمية

«دبي السينمائي» يثبت أقدامه على طريق المنافسة العالمية
15 ديسمبر 2011 20:27
وكان يوم الختام.. سبعة أيام من الأضواء المسلطة بإحكام على ملامح نجوم يسيرون بخطى واثقة فوق السجاد الأحمر، أثمرت في محصلتها عن جوائز وشهادات تقدير وكثير من الانفعال والتأييد، كما خالجها شيء من خيبة الأمل أيضاً، ذلك أن الجائزة وإن كانت ترضي حائزها فهي قد تثير تساؤلات آخرين ممن يحسبون أنفسهم، وعن حق، جديرين بها، على اعتبار أن الفوز الحقيقي إنما يتكرس لحظة وضع اللمسات الأخيرة على العمل المنجز، الذي لا بد له أن يكون قد تعرض للكثير من المعيقات والعراقيل، ما يشجع على اعتباره، بمجرد تحققه، مستحقاً لجائزة السعي إلى صياغة الأفضل، أما الحصيلة الواقعية فهي تخضع لمعايير لجان تحكيم ليس من الضروري أن تكون فوق المساءلة.. (دبي)- يمكن لمن تابع فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان السينمائي أن يجزم بكون المهرجان نفسه الفائز الحقيقي، حيث تمكن، على حد قول رئيسه عبد الحميد جمعة، ووفقاً لانطباعات المشاركين، من خوض منافسة مع ذاته والخروج منها رابحاً، ما يتيح الاطمئنان إلى صوابية المسار ودقة المسير. يشير جمعة الذي يبدو واثقاً من سلامة الأداء، إلى ميزة إيجابية أساسية تدمغ سلوكية القيمين على المهرجان، محورها التوازن الدقيق بين الأعمال المدرجة في سياقه، وهنا ثمة مجال للتوقف عند فروقات واسعة الحدود تفصل الأعمال المعروضة بعضها عن بعض، حيث بوسع المهرجان نفسه أن يحتضن فيلماً بتكلفة إنتاجية باذخة إلى حدود بعيدة، تصنعه أيد محترفة، ويقوم بأعبائه نجوم مخضرمون، وبمحاذاته آخر متواضع الإمكانات ينهض به مبتدئون طامحون نحو امتلاك شرعية الدخول إلى نادي النجومية، هذا التعامل المدروس مع الأعمال المختلفة هو ما يمنح مهرجان دبي بعض ملامح هويته المتميزة، على حد قول جمعة، الذي يعد بالأفضل دوماً في الدورات اللاحقة، حيث “لم يعد بوسع مهرجان سينمائي انطلق من الصفر قبل أعوام ثمانية وأدرك خلال فترة زمنية متواضعة نسبياً، مرتبة عالمية، تضعه على قدم المساواة مع مهرجانات عريقة لدول تمثل السينما خبزها اليومي، أن يحجم عن تقديم الجديد والمدهش في كل دورة، ذلك أن النجاح أيضاً هو قدر في بعض الحالات”. مشروع ذكرى بعد أسبوع من العروض السينمائية والندوات النقاشية والأنشطة المصاحبة جاء زمن الحصاد، تجمع الناس في القاعة الرحبة التي أمكنها أن تحتضن أحلام عالم بكامله، الجميع كان يترقب ما ستؤول إليه الأمور، والجميع كان يرى نفسه متأرجحاً بين الفوز والخسارة، هنا لا تحتاج أن تكون صاحب فيلم، أو ممثلاً فيه، أو مساهماً في بنيته التقنية كي تكون معنياً بالنتيجة، يكفي أن تكون قد آمنت بكون أحد الأفلام التي شاهدتها يستحق الفوز حتى تصبح شريكاً في لعبة الترقب.. أعلنت النتائج متدرجة، ومع كل إعلان فوز كانت القاعة تلتهب تصفيقاً، بعض المساهمين في لعبة الضوء كان عليهم أن يتسلقوا درج المنصة أكثر من مرة، حيث فازت أعمالهم بأكثر من جائزة، في مفارقة تشير إلى أن الإنجازات أيضاً لا تأتي فرادى، مع كل جائزة جديدة كانت فعاليات المهرجان تمعن في التحول من واقع يومي إلى مشروع ذكرى محببة، حتى أوقات قليلة خلت كان الجميع منغمسين إلى آخر ذرة منهم في نشاط حيوي يحاولون استنفاد كل ما تتيحه لحظاته المباغتة، أما الآن فصار التحدي مختلفاً، وغدا السؤال: كيف يسعنا الخروج من هذه المتاهة المحببة بذكرى عذبة تمنح الحاضر الجميل قدراً من الاستمرار.. توهج الذهب في أيدي حامليه، ومثله فعلت الملامح القادمة من شتى أنحاء الأرض، وارتسمت على وجوه الحاضرين علامات دهشة، المؤكد أن حالة عارمة من اختلاط المشاعر قد أمكن رصدها في تلك اللحظات الحاسمة، لكن الإحساس الطاغي جاء على شكل سلسلة من علامات الاستفهام المبهمة: كيف يمكن لهذا الكم الهائل من الجهود والأحلام والقدرات المسفوحة على مذبح الإنجاز أن تقبل التكثف والاندماج في قطعة معدنية مهما بلغ حجم بريقها؟؟ إرهاق عاطفي تسارع الإعلان عن أولئك الذين سيبقون في الذاكرة المضيئة، والذين ستضاف علامة مميزة إلى سجلهم المهني، فيلم «حبيبي رأسك خربان» للمخرجة سوزان يوسف حاز أربع جوائز كانت كفيلة بإرهاق مخرجته عاطفياً، ووضعها على شفير الانهيار، عبثاً حاولت سوزان أن تتحدث معربة عن فرحتها بالمفاجأة، بعد محاولات متعددة كان عليها الاكتفاء بالتعبير عبر دموع مدهشة قبلها الجمهور وصفق لها بحرارة ما كان لأبلغ تعابير الأرض أن تستدرجها. الفيلم هو الروائي الطويل الأول للمخرجة، وقد سبقت له المشاركة في مهرجان فينسيا الدولي، قسم “أيام البندقية”، سوزان مواطنة أميركية لأب لبناني مهاجر وأم سورية، وهي مقيمة في هولندا، متزوجة من صيني، أما عملها السينمائي المقبل، كما أوضحت لنا بتمتمة خافتة وقد اختنق صوتها جراء الانفعال، فسيكون يابانياً. يدور الفيلم ذو الجوائز الأربع في قطاع غزة الفلسطيني، وهو يتناول الواقع الفلسطيني بين الاحتلال وإشكاليات الصراعات السياسية، ينطوي على بعد شخصي، فهي سبق لها الذهاب إلى غزة حيث ارتبطت بقصة عاطفية مع أحد الشبان الفلسطينيين، حكاية الحب البريء كان لا بد لها أن تتأثر بما يدور في فضاءات المكان من سلوكيات أبعد ما تكون عن البراءة، لم ينجح الحب لكن الفيلم الذي يروى حكايته نجح وبشدة. حكاية الغربة أيضاً من مسابقة المهر الإماراتي حاز فيلم “أمل” للمخرجة نجوم الغانم على الجائزة الأولى، وقد سبق لفيلم “حمامة” لنجوم نفسها، أن حاز جائزة في الدورة السابقة من مهرجان دبي، يبدو أن نجوم اعتادت على الفوز، يقول أحد المتابعين.. ويبدو أنه محق في ذلك، الفيلم يتناول حكاية الممثلة المسرحية السورية أمل حويجة، يروي قصة مجيئها إلى الإمارات في عقد عمل كان الظن أنه لن يستغرق أكثر من سنة، وبقائها فيها لأكثر من عشر سنوات، أمل التي كانت فنانة مسرحية معروفة في بلادها تحولت إلى شبح في الغربة، الأوقات الملأى بصخب الأصدقاء وحضورهم انحسرت مخلية المكان لوحدة موحشة، عشر من السنوات أمضتها في الظل تحاور الأزهار والجدران، وتنتظر عبور الذكرى لتدمع عينها.. حلم عنيد كذلك حاز فيلم “آخر ديسمبر” للمخرج الإماراتي حمد الحمادي الجائزة الثانية، يدور الفيلم حول رجل مسن يعشق البحر، لكن ظروفه الصحية لا تسمح له بركوبه كما كان يفعل في صباه، معاناة جارحة يعيشها الرجل الذي يعبر عن وجعه بكثير من الصبر واليقين من أنه سيحقق حلمه يوماً، عندما تضيق به الأيام يلجأ للنوم في أحد المراكب القديمة الراسية على الشاطئ، هو يعيش ما تبقى له من حياة مع ابنة معطاء تحرص على رعايته، وفي لحظة يقرر الذهاب في رحلة بحرية مع ابنته، ويحدد لها موعداً “آخر ديسمبر”! تحريك جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة المهر الإماراتي نالها فيلم “أطفال” للمخرج محمد فكري. ينتمي الفيلم إلى تقنية التحريك، وهو يصور حكاية أم وأطفالها يسعون للهروب من وحش يترصدهم ويحاول الإيقاع بهم، يمارس فكري براعة مدهشة في إيصال فكرته إلى المشاهد اعتماداً على الحركة وحدها، وبالرغم من تكرار الحركات نفسها إلا أنه تمكن من تضمينها أبعاداً جديدة في كل مرة. في مسابقة المهر الإماراتي أيضاً، حاز فيلم “لندن بعيون امرأة محجبة”، للمخرجة الإماراتية مريم السركال شهادة تقدير، وهو يتناول حكاية فتاة إماراتية (هي مريم نفسها) تذهب بمفردها للدراسة في إحدى الجامعات البريطانية، الأمر الذي يعرضها لمساءلة اجتماعية صارمة، إذ إنه من غير المألوف أن تأخذ فتاة مثل هذا القرار، وما يرتبه عليها من نتائج، ليس أقلها أن يحجم الشاب عن الاقتران بها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©