الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تطرح سندات دولارية في الأسواق الدولية

مصر تطرح سندات دولارية في الأسواق الدولية
14 ديسمبر 2013 21:59
انتهت وزارة المالية المصرية، بالتعاون مع كل من إحدى المؤسسات المالية الدولية والبنك الأهلي المصري، من إعداد مشروع لطرح سندات دولارية في السوق العالمية بقيمة خمسة مليارات دولار، خلال الربع الأول من العام المقبل. والمنتظر طرح هذه السندات على شريحتين، الأولى بمبلغ ثلاثة مليارات دولار تستخدم في تمويل مشروع المحطة النووية لتوليد الكهرباء بمنطقة الضبعة، بينما تبلغ قيمة الشريحة الثانية ملياري دولار تستخدم في تعزيز قدرة الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي الذي يدور حول 17,4 مليار دولار حالياً. والمنتظر أيضاً أن يتراوح سعر العائد على هذه السندات بين 2 و2,5%، وهو أعلى قليلاً من المتوسط العالمي للعائد على السندات الحكومية المتداولة في الأسواق الدولية، علماً بأن هذا العائد يقل بواقع 1,5% عن متوسط سعر العائد على السندات المصرية التي كانت الحكومة السابقة في ظل حكم الإخوان المسلمين قد طرحتها واشترت معظمها قطر، حيث بلغ العائد عليها حينذاك 3,75%. وتأتي هذه الخطوة من جانب وزارة المالية المصرية في إطار خطة متكاملة لطرح سندات في السوق الدولية للحصول على تمويل لعدد من المشروعات الكبرى المدرجة في خطة التنمية الاقتصادية على مدار العامين القادمين، مستفيدة في ذلك من إقدام مؤسسات التصنيف الدولية على رفع درجة الجدارة الائتمانية لمصر مؤخراً، الأمر الذي يعني القدرة على طرح وتغطية هذه السندات. وحسب معلومات حصلت عليها «الاتحاد»، فإن وزارة المالية تلقت تعهدات من عدد من الصناديق السيادية ومؤسسات مالية عربية لشراء هذه السندات وتغطيتها بالكامل حال طرحها، الأمر الذي دفع الوزارة إلى سرعة الانتهاء من الترتيبات اللازمة لعملية إصدار السندات قبل نهاية شهر ديسمبر الجاري، تمهيداً لإعلان شروط الطرح مع مطلع العام الجديد. تمويل المشروعات وتعد خطة طرح السندات الدولارية أحد أبرز محاور استراتيجية وزارتي المالية والتخطيط لاجتذاب تمويل خارجي متعدد الأشكال لمشروعات البنية التحتية اللازمة لتطوير مجمل الأوضاع الاقتصادية بالبلاد في المرحلة القادمة، وتعزيز خطة البنك المركزي بزيادة الاحتياطي النقدي للبلاد، بحيث يغطي واردات 4 أشهر على الأقل، بما يعادل 20 مليار دولار، إلى جانب خمسة مليارات أخرى إضافية، يتم تجميعها كوعاء احتياطي يسدد منه التزامات مصر الخارجية، ومنها 1,5 مليار دولار سنوياً تسدد لدول نادي باريس الدائنة لمصر في إطار اتفاق الجدولة الذي تم بين مصر وهذه الدول منذ سنوات عدة، ويقضي بسداد دفعتين سنوياً من رصيد هذه الديون، تتجاوز 17 مليار دولار، بمعدل 750 مليون دولار لكل دفعة تسدد في شهري يناير ويوليو من كل عام. كما تشمل الخطة أيضاً تحفيز آليات اجتذاب تمويل خارجي عبر تعديلات جوهرية تجري حالياً على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهي التعديلات التي تفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية للدخول بقوة في مشروعات البنية التحتية بالشراكة مع استثمارات حكومية أو استثمارات تابعة للقطاع الخاص المحلي، حيث تراهن الحكومة على اجتذاب عشرة مليارات دولار خلال العام الجديد لتمويل مشروعات في مجالات الطاقة والطرق والنقل ومحطات المياه، إلى جانب مشروعات أخرى في قطاع الاتصالات، ومنها مشروعات في مجال الإنترنت فائق السرعة ومشروع التحول إلى التلفزيون الرقمي وتطوير البنية التحتية لعدد من المناطق التكنولوجية ومراكز خدمة العملاء عبر الهاتف، وهي مشروعات متنوعة تسهم في جذب رؤس أموال أجنبية للبلاد خلال الفترة القادمة. وحسب هذه المعلومات أيضاً، فإن التراجع الطفيف في احتياطي البلاد من النقد الأجنبي بعد سداد الودائع القطرية بقيمة 3,5 مليار دولار، والاستعداد لسداد آخر شريحة في هذه الودائع نهاية الشهر الجاري بما يوازي 500 مليون دولار وعمليات المضاربة التي لا تزال تشهدها السوق الموازية على أسعار صرف اليورو والدولار وطلبات تحويل أرباح لمستثمرين أجانب يعملون في السوق المصرية لتسوية مراكزهم المالية قبل نهاية العام، دفعت وزارة المالية لإجراء اتصالات مكثفة مع صناديق وبنوك ومؤسسات مالية إقليمية ودولية لضمان تغطية الشريحة الأولى من السندات البالغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار، وهي العملية المرجح لها أن تتم بعد إجراء الاستفتاء على الدستور المقرر له منتصف شهر يناير المقبل. ويجمع خبراء اقتصاديون على أن عملية طرح سندات دولارية في السوق الدولية لتدبير تمويل للمشروعات الحيوية هو بديل جيد لاسيما في ظل توافر تعهدات من مؤسسات مالية ذات ثقل تفيد بالتزامها بشراء هذه السندات، الأمر الذي يعني إمكانية التغطية، وبالتالي تعزز الثقة الدولية في القدرة المصرية على السداد مستقبلاً. التوقيت الملائم وقال هؤلاء الخبراء إن عملية الطرح يجب أن تتسم بالاحترافية الشديدة، واختيار التوقيت الملائم، نظراً لأن الربع الأول من كل عام يمثل موسماً لطرح السندات الحكومية، حيث تقوم العديد من الدول بمثل هذه العمليات، وبالتالي ربما يكون هناك نوع من توافر المعروض من هذه السندات بما يعني نوعاً من المنافسة السعرية أو منافسة على اجتذاب فائض السيولة المتاح عالمياً، إلا أن تعهدات الصناديق العربية للحكومة المصرية بضمان التغطية ربما يجنب السندات المصرية هذه المنافسة في عملية طرح الشريحة الأولى، إلا أن الشريحة الثانية سوف تتعرض بالقطع لهذه المنافسة، لا سيما أن الشريحة الأولى يتم توجيه حصيلتها لتنفيذ مشروع محدد، وهو مشروع الخطة النووية الذي يمثل جاذبية استثمارية للعديد من المؤسسات والصناديق، بينما الشريحة الثانية سيتم توجيهها إلى زيادة الاحتياطي النقدي، وهذا يقلل من فرص التغطية. وقال أحمد قورة الخبير المصرفي إن عملية طرح سندات مصرية في هذا التوقيت في الأسواق الدولية هو أمر محفوف بالمخاطر، وبالتالي يجب أن تتم العملية بحذر شديد أو يتم إرجاؤها لما بعد إنجاز عملية التحول الديمقراطي وبناء المؤسسات السياسية المنتخبة، وهي عملية لم يبق على إنجازها سوى أشهر قليلة، لأن الطرح بعد عملية بناء المؤسسات سوف يكون أفضل. وقال إن تعهدات المؤسسات والصناديق الإقليمية لا تكفي لأن عملية الطرح كبيرة وتبلغ خمسة مليارات دولار، لا سيما أن العالم يتابع الأوضاع في مصر بدقة ومن ثم ربما لا تقدم بنوك أو مؤسسات مالية دولية على شراء هذه السندات، وتقتصر عملية الاكتتاب على الصناديق والمؤسسات العربية. وأضاف قورة إنه رغم أن هذا التوقيت غير ملائم، فإن عملية الطرح تنطوي على العديد من النقاط الإيجابية، منها أن حصيلة السندات سوف توجه إلى مشروعات محددة، ومنها مشروع الضبعة النووي، وهو مشروع واعد يسهم في حل أزمة الطاقة في مصر على المدى البعيد، ويحدث نقلة نوعية في مجال البنية التحتية للاقتصاد المصري، ومنها سعر العائد الملائم لمصر بما يعني إمكانية استبدال السندات القديمة ذات العائد المرتفع بمثل هذه السندات ذات العائد الملائم، بما يخفف من أعباء خدمة المديونية الخارجية للبلاد. أما الدكتورة أمنية حلمي المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، فتؤكد أن عملية طرح سندات دولارية تأتي بعد رفع التصنيف الائتماني لمصر عالمياً، وهذه نقطة إيجابية في صالح عملية الطرح، كما أنها تأتي في ظل تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي وتوافر نظرة دولية إيجابية متفائلة بشأن مستقبل الاقتصاد المصري، الأمر الذي يعني تقبل السوق الدولية لعملية الطرح. وأضافت أن وجود تعهدات بالتغطية من جانب مؤسسات عربية وصناديق سيادية تعني دعم حكومات عربية لعملية الطرح، وبالتالي هناك إمكانية كبيرة للتغطية، مشيرة إلى أنه رغم توافر التمويل المحلي لمشروع الضبعة النووي وبدء إدراجه في الموازنة العامة الاستثمارية، فإن وجود مكون أجنبي في المشروع يستلزم توافر نسبة من التمويل بالنقد الأجنبي، ولدى الحكومة المصرية أكثر من خيار في هذا المجال، حيث يمكن للشركات العالمية التي سوف تفوز بمناقصة تنفيذ المشروع تدبير التمويل اللازم بمعرفتها، وبالتالي فإن اختيار طرح السندات الدولارية هو خيار احتياطي بما يعني أن الحكومة لديها أكثر من بديل، وهذا يدل على اتساع رؤية صانع السياسات الاقتصادية في مصر في هذه الفترة، ويعني أن الأمور تمضي في الاتجاه الصحيح.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©