ما زالت العاصفة الثلجية التي تضرب عددا من دول الشرق الأوسط والتي تعرف باسم “أليكسا” مستمرة امس وزادت من معاناة السوريين المحاصرين منهم في الحرب الأهلية واللاجئين الفارين من القتال، في حين أدت الى شل الحركة في القدس المحتلة بينما غمرت المياه مئات المنازل في قطاع غزة وسجل تساقط للثلوج في القاهرة للمرة الأولى منذ عقود، حيث من المتوقع أن تستمر حتى اليوم السبت مصحوبة بالمزيد من الثلوج والأمطار مع انخفاض درجات الحرارة في مناطق شاسعة من تركيا وسوريا ولبنان والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية.
وتلحق الأحوال الجوية السيئة التي بدأت يوم الأربعاء أضرارا كبيرة بنحو 2.2 مليون لاجئ يعيشون خارج سوريا و6.5 مليون نزحوا داخل بلادهم. واجتاح البرد القارس والأمطار الغزيرة مخيم الزعتري الذي يأوي 80 ألفا من بين ما يزيد على نصف مليون لاجئ سوري في الأردن. وفي لبنان هناك ما يربو على 835 ألف سوري يعيشون في خيام أو مبان مهجورة أو مع أصدقائهم وأسرهم. وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن الاحتياجات تفوق ما يمكن أن توفره هي والمنظمات المتعاونة معها. وفي تركيا قال مصطفى ايدوجو المتحدث باسم هيئة إدارة الطوارئ والكوارث التابعة لرئاسة الوزراء، إن السلطات وزعت أغطية وملابس شتوية إضافية على كثيرين من اللاجئين السوريين البالغ عددهم 206 آلاف لاجئ في المخيمات الكائنة على طول الحدود.
وأدت العاصفة الثلجية الى شل الحركة في مدينة القدس حيث علق مئات من سائقي السيارات، مما دفع رئيس بلديتها الى أن يستنجد بالجيش الاسرائيلي بينما غمرت المياه مئات المنازل في قطاع غزة حيث تقوم فرق الدفاع المدني باجلاء سكانها بزوارق.
وقال رئيس البلدية الاسرائيلية للقدس نير بركات في بيان “نواجه عاصفة ثلجية شديدة ونادرة”، وصفها احد معلقي الأرصاد الجوية “بالتاريخية”. وأوضح بركات ان سماكة ثلوج في المدينة المقدسة بلغت حوالى 37 سم والى اكثر بكثير في المناطق النائية.
وفي الضفة الغربية دعا الدفاع المدني الفلسطيني السكان الى البقاء في بيوتهم “في ظل اشتداد المنخفض الجوي والثلوج ونظرا لتوقعات الرصد الجوي دخول المرحلة الثالثة والأشد عمقا من المنخفض في الساعات القادمة”.
وأغلقت الثلوج الطرق “بشكل كامل امام حركة المرور دخول وخروج وداخل المدينة نفسها في محافظات رام الله والخليل ونابلس”ن كما ذكرت الشرطة الفلسطينية.
واعلن الدفاع المدني في بيان أن ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح في انهيار حظيرة للمواشي والدجاج في بلدة جبع جنوب جنين بسبب تراكم الثلوج عليه.
وأضاف ان طواقم الدفاع المدني “تعاملت مع ما يزيد عن 1650 حالة إنفاذ تم خلالها مساعدة ما يزيد على 2600 فلسطيني عالقين داخل مركباتهم في الساعات القليلة الماضية بسبب دخول المنخفض مرحلة عميقة”.
أما في قطاع غزة، فقد غمرت مياه الأمطار امس مئات المنازل واضطر أفراد الدفاع المدني للاستعانة بقوارب صيد صغيرة لإجلاء عائلات.
واكد ايهاب الغصين المتحدث باسم حكومة حماس في غزة على صفحته على موقع فيسبوك أن 458 أسرة من اصل 662 أسرة تفقدتها الحكومة في قطاع غزة، تضررت بهذه الأحوال الجوية السيئة.
من جهته قال اشرف القدرة المتحدث باسم وزارة الصحة في حكومة حماس ان “66 فلسطينيا أصيبوا في موجة الصقيع” بينهم “ثلاثة إصاباتهم خطيرة لرجلين مسنين وطفل”.
وحث الدفاع المدني في غزة عشرات الأسر التي تسكن في محيط وادي غزة على اخلاء منازلهم خوفا من غرقها بسبب ارتفاع منسوب المياه في الوادي بشكل كبير.
واكد الغصين ان حكومته “مستنفرة بشكل كامل للتعامل مع المنخفض وبدأت بتنفيذ خطة أعدتها لجنة حكومية خاصة للتعامل مع الكوارث”.
ويمر هذا المنخفض الجوي الأصعب على قطاع غزة في ظل أزمة كهرباء مستمرة منذ مطلع نوفمبر الماضي تؤدي الى انقطاع التيار لأكثر من 18 ساعة يوميا بسبب توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة نتيجة نفاد الوقود الصناعي. ودعا اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة قادة العالم للتدخل لحل ازمتي الكهرباء والوقود في غزة.
وأكدت لجنة الطوارئ في قطاع غزة أن اسرائيل فتحت السدود المقامة على الحدود مع القطاع ما احدث فيضانات كبيرة تأثرت منها مناطق وادي غزة وبيت حانون ووادي السلقا.
وأعلنت حكومة حماس، إيواء المتضررين في عدد من المدارس الحكومية في القطاع. وقضى كمال العربي ليلته مع أطفاله وزوجته فوق سطح منزلهم الذي غمرته مياه الأمطار في مدينة غزة في انتظار الدفاع المدني لإجلائهم من الحي الذي أدى تجمع مياه الأمطار الى تعطل النقل فيه.
وقد تجاوز منسوب المياه في شوارع هذا الحي الذي يقع وسط مدينة غزة المتر.
وقدر موظفون في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ارتفاع المياه في بعض المناطق بثلاثة أمثار وتصل الى “الطابق الثاني عند بعض المباني”، كما قال المتحدث باسم الوكالة.
وأوضحت الوكالة انها عملت “في قطاع غزة مع البلديات والمجالس المحلية لإجلاء عشرات ضحايا الفيضانات وبالأخص في المناطق الشمالية التي شهدت فيضانات شديدة”.
من جانبه اكد مصدر مطلع في حماس فضل عدم الكشف عن هويته ان “الساعات المقبلة ستشهد انفراجا في أزمة الكهرباء في غزة بعد اتصال هاتفي بين هنية وأمير قطر الذي اتصل بدوره بالرئيس الفلسطيني”، دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وكان اسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في غزة دعا مساء الخميس قادة العالم للتدخل لحل ازمتي الكهرباء والوقود في غزة.
وأشار، خلال جولة تفقدية للمنازل المتضررة بسبب العاصفة الثلجية، الى انه اجرى في الساعات الـ24 الأخيرة اتصالات هاتفية مع الرئيس محمود عباس ورئيسي وزراء قطر وتركيا ووزير خارجية روسيا سيرجي لافروف.
وأوضح انه دعا في اتصالاته الى التحرك في كافة الاتجاهات “من اجل تخفيف معاناة أهلنا في قطاع غزة وحل ازمتي الوقود والكهرباء وإنهاء الحصار المفروض”.
وقال هنية أمام عدد من الصحفيين إن طواقم الدفاع المدني والبلديات والطوارئ بإمكاناتهم المتواضعة ونشطاء حركة حماس يعملون “لتقديم الإغاثة العاجلة لأبناء شعبنا المتضررين في هذا المنخفض”.
وفي مصر، غطت الثلوج أماكن متفرقة بينها ضواحي للقاهرة اكتست باللون الأبيض للمرة الأولى منذ سنين طويلة بحسب المسؤول في الهيئة العامة للأرصاد الجوية في مصر، علي عبد العظيم. وقال لفرانس برس “بالنسبة للقاهرة الأمر يحدث للمرة الأولى منذ سنين طويلة جدا”.
وغطت الثلوج مدينة “مدينتي” شمال شرق القاهرة ومدينة راس البر على ساحل البحر المتوسط شمال البلاد وهو ما تكرر في مدينة سانت كاترين في وسط شبه جزيرة سيناء.
واستيقظ كريم خيرت الذي يسكن في مدينة “مدينتي” خارج القاهرة بفعل صوت ارتطام الثلوج بنوافذ منزله. وقال لفرانس برس عبر الهاتف “استيقظت من النوم السادسة صباحا اثر ارتطام الثلوج بنافذة غرفتي. حديقة منزله اكتست بالكامل باللون الأبيض”. وأضاف كريم “هذا يحدث للمرة الأولى في حياتي. حرصنا على التقاط الصور في سعادة”. وغطت الثلوج البيضاء كثير من أرصفة وشرفات مدينة مدينتي الراقية، بحسب المهندس كمال خير الدين. وبشكل اقل كثافة، تكرر الأمر في مدينة الرحاب والشروق على مشارف القاهرة. وقال العامل مختار حسين “لم نستطيع الخروج ولم نغادر المنزل مطلقا حيث إن الثلج غطى كل انحاء المدينة”. واكتست شوارع وحدائق وسيارات مدينة رأس البر في اقصى شمال دلتا النيل باللون الأبيض بعدما هطلت الثلوج بغزارة، بحسب رانيا المبشر التي قالت عبر الهاتف لفرانس برس “أرى هذا المشهد لأول مرة في حياتي”.
الأمر ذاته في مدينة الاسكندرية الساحلية شمال البلاد حيث هطلت الثلوج وان لم تغط شوارع المدينة. وقال احمد بدراوي “الأمطار لم تتوقف منذ امس الأول والثلج تراكم في الشرفات لكنه لم يغط الأرض، بينما أدت العواصف والرياح القوية الى سقوط الكثير من اللوحات الإعلانية واشارت المرور. وقررت السلطات المصرية اغلاق ميناءي الاسكندرية والدخيلة أمام حركة الملاحة لليوم الثالث علي التوالي نظرا لسوء الأحوال الجوية وزيادة سرعة الرياح، حسبما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية. وافاد التلفزيون المصري انه جرى اغلاق ميناءي السويس وجنوب سيناء بسبب الظروف الجوية ذاتها.
أما في الأردن، فقد دعت السلطات الأردنية امس، الأردنيين الى عدم الخروج من منازلهم مع اشتداد حدة العاصفة الثلجية التي تسببت بإغلاق معظم الطرق في المملكة.
وأغلقت كافة الطرق الداخلية في محافظة البلقاء (شمال غرب عمان) ومحافظة الطفيلة (جنوب المملكة)، إضافة الى طرق رئيسية في معان ومحافظات اخرى. وكانت السلطات قررت تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية والبنوك والمدارس والجامعات امس الأول بسبب سوء الأحوال الجوية والتساقط الكثيف للثلوج.
الثلوج في فلسطين الأعنف منذ 140 عاماً وتنسيق مع إسرائيل للتعامل مع حالات الطوارئ
غزة ( وام، وكالات) - ذكر موقع طقس فلسطين امس أن الثلوج التي تساقطت على فلسطين الليلة قبل الماضية هي الأعنف منذ عام 1878 في مثل هذا الوقت من السنة أي منذ حوالي 140 سنة.
ووفقا للموقع فقد ضربت عاصفة ثلجية البلاد في منتصف ديسمبر في عام 1878 وخلفت 43 سم من الثلوج في القدس ولم يعلم كم وصلت الثلوج في نابلس والخليل ورام الله آنذاك لذلك قد تكون عاصفة “يالو” الثلجية الأقوى منذ مئات السنين أيضا. ولفت الموقع إلى أن مدن جنوب الضفة الغربية أول من تأثر بالمنخفض ليصل إلى شمال ووسط الضفة. وأشار الموقع إلى أن الأقمار الصناعية تظهر أن ثلوجا “نموذجية” تتساقط في مناطق نابلس ورام الله وسلفيت وتساقطات ثلجية تاريخية على المناطق التي تزيد على 400 متر فوق سطح البحر في طولكرم وجنين وسلفيت وقلقيلية أيضا حيث بلغت التراكمات الثلجية في جبال نابلس ورام الله أرقاما تاريخية قياسية وفي نابلس يستمر الهطول الثلجي للساعة العاشرة على التوالي وقد تجاوزت الثلوج 50 سم في الجبال وهي الأعلى منذ عاصفة 28 يناير 2000. من جهة أخرى عقد مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون اجتماعا في مدينة الخليل بالضفة الغربة الأسبوع الحالي وهو الأول من نوعه لتعزيز التنسيق المشترك في التعامل مع حالات الطوارئ المدنية مثل الحرائق والحوادث، والتوصل الى أفضل الوسائل لحماية البيئة المحلية، بشكل مشترك. وشارك في الاجتماع الذي عقد بإدارة التنسيق والاتصال في منطقة الخليل بالجيش الاسرائيلي ممثلون عن الادارة المدنية وقوات الأمن وإطفاء الحرائق من ادارة الحرائق والإنقاذ الاسرائيلية، ونظيرتها الفلسطينية. وجرى ترجمة التفاهمات التي توصل اليها المشاركون امس الأول على أرض الواقع، عندما انضمت جرافتان فلسطينيتان الى اثنتين إسرائيليتين في تطهير الطريقين 36 و60 بعد هطول عاصفة ثلجية شديدة عطلت الطريقين اللتين تخدمان السائقين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وصرح مصدر من إدارة التنسيق والاتصال في منطقة الخليل لصحيفة “جيروزاليم بوست “ الاسرائيلية “نحينا السياسة جانبا وركزنا على عمليات إنقاذ أرواح البشر التي تأتي قبل كل شئ”. وأضاف المصدر، الذي لم يذكر اسمه “ ننسق بشأن تطهير الطرق في منطقة الخليل في حالة حدوث فيضانات، وأيضا الجهود المشتركة لإطفاء الحرائق التي لاتعرف حدودا”.
عدد اليوم
