الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عبده وازن: روايتي حيلة فنية لكتابة سيرتي الذاتية وهي رسالة إلى أبي لن تصل

عبده وازن: روايتي حيلة فنية لكتابة سيرتي الذاتية وهي رسالة إلى أبي لن تصل
13 ديسمبر 2013 23:35
يمزج الشاعر والروائي اللبناني عبده وازن في كتابه الجديد «غرفة أبي» بين حيرة الكائن المتروك في معية اليتم الوجودي، وبين حيرة المكان المتسرّب نحو صور وذاكرات طافحة بالطفولة والتأملات، كما في مشاهد الحرب واشتراطاتها القاسية. وتستفيد رواية وازن، الصادرة عن دار منشورات ضفاف ومنشورات الاختلاف، من تقنيات التجريب البصري في السينما والمتاهات السردية التي تتيح مجالاً أوسع للإيغال والسفر الذهني باتجاه ما يمكن أن نطلق عليه مجازاً «أرض الحوافّ»، حيث الكلمات الهاربة والمحصورة في ذات المقام تبحث عن ملاذ مؤقت وعن نوافذ وشرفات تكون فيها رغبة التحليق مساوية أيضاً لرغبة الانتحار!. تأتي هذه الرواية بعد رواية «قلب مفتوح»، وبعد عدد من الدواوين الشعرية والنثرية، لعل أهمهما كتاب «حديقة الحواسّ». وحول مناخات روايته الجديدة قال عبده وازن لـ «الاتحاد»: ««غرفة أبي» هو عمل يجمع بين السيرة الذاتية وفن الرواية، أو كما يسمى في النقد الغربي (الأوتو بيوغرافي)». وأضاف أن الرواية تنطلق من وقائع شخصية ثم يعاد صياغتها في قالب روائي، بحيث يظل «أنا» الراوي أو الضمير المتكلّم موجوداً، ولكن في سياق من التخيل السردي. البحث عن الأب وحول ما يميز هذه الرواية بالذات مقارنة بروايته السابقة «قلب مفتوح»، قال وازن: «اشتغلت في «قلب مفتوح» على مزج وتفريق الخطوط السردية، ولكنني في «غرفة أبي» قدمت مزيداً من التجريب السردي، لأنه كتاب وباختصار يمثل تجربة البحث عن الأب، وهو هنا أبي الذي فقدته وأنا في العاشرة من عمري، ولا أذكر عنه سوى القليل القليل. أتذكره وكأنه طيف، مجرد طيف، أما المفارقة فإنني أسترجع صورة أبي الضبابية بعدما اكتشفت أنني أصبحت أكبر منه، فهو مات شاباً، ماذا يعني أن يصبح الابن أكبر من أبيه؟، هذا هو السؤال الذي دفعني لكتابة هذه الرواية، وهكذا استعيد الأب من خلال ذكريات الآخرين عنه، وعلى الأخص أمي وبعض أصدقائه المقربين منه، الذين لا يزالون أحياء وعجزة، إضافة إلى بعض الوثائق والمرويات والصور التي يظهر فيها أبي مع أمي أو في العمل والمنزل والحيّ». وحول توظيفه لسيرة الذات بإزاء سيرة المكان وذاكرة الحرب الأهلية في لبنان، يقول وازن: «استطعت من خلال الرواية أن أكوّن لوالدي الراحل شخصية أو كينونة مستقلة ربطتها بزمنه أو بعصره من خلال الأحداث المهمة التي شهدها في ذلك الزمن، مثل الحرب الأهلية التي وقعت في عام 1958 ثم التيارات التي ظهرت والتغيرات الاجتماعية والثقافية كظهور التلفزيون في الحيّ، ومجيء الهاتف، وكرة القدم التي كان يهواها، وغيرها من الأحداث». وأضاف وازن: «بدا واضحاً في الرواية انحياز الابن إلى زمن الأب، الذي طالما اعتبره أجمل من زمنه هو بوصفه ابناً، إلا أن البحث عن الأب لم يتم فقط من خلال الذكريات والوثائق بل عبر خط ثان أيضاً هو خط الأدب والروايات العربية والعالمية، حيث يعلن الراوي أنه كان مهووساً بالكتب التي تتحدث عن الأب، لا سيما الروايات، وهكذا يسرد بطريقة روائية الأشعار والكتب التي تناولت الأب، ومنها رواية لمحمد شكري وسهيل إدريس، وفرانز كافكا، وصموئيل بيكيت وبول أوستر، ودوستويفسكي، وسواهم، وهناك بالطبع إدوارد سعيد في سيرته الذاتية «خارج المكان» وكيف كتب عن أبيه، فكل هذه المراجع تحضر حضوراً روائياً في متن العمل وهامشه». رسالة لن تصل وعن تقنية الكتابة التي لجأ إليها في الرواية، أشار وازن إلى أنه أراد كتابتها في شكل رسالة طويلة إلى والده الذي لم يعرفه، وقال: «أعلم أنها ليست سوى حيلة روائية لكتابة هذه السيرة الذاتية، وهي بالتالي رسالة لن تصل إلى الأب لأنه لم يعد موجوداً». وعن وجوده ومشاركته في الدورة الأخيرة من معرض الشارقة للكتاب الذي احتفى بلبنان كضيف شرف، قال وازن: «أنا من الصحفيين الذين رافقوا معرض الشارقة الدولي للكتاب منذ سنوات بعيدة، أي منذ 15 سنة تقريباً، وأحب هذا المعرض كثيراً، فهو كان سبّاقاً في حقل المعارض الخليجية والعربية، وكان يتمتع بخصائص تميزه عن سائر المعارض في الخليج العربي». وأضاف وازن: «يحمل معرض الشارقة للكتاب همّاً ثقافياً بحتاً، وكانت ندواته ولا تزال مهمة وعميقة وفاعلة وذات أثر، وهي تجذب المثقفين، كما كان هو نفسه نقطة لقاء حقيقية، ومحطة حوار مع الأفكار والتيارات الفكرية الحديثة، وكانت تحضر أسماء مهمة من العالم العربي وتلتقي الجمهور وتتناقش معه، وما يجب الاعتراف به أن معرض الشارقة كان سبّاقا إلى التوثيق الإلكتروني والمعلوماتي، وسبق أكبر المعارض العربية في هذا المجال». وأوضح وازن أنه ما زال يذكر حماسة مدير المعرض السابق الدكتور يوسف عيدابي والأنشطة التي كان يقترحها مع كوكبة من المثقفين الإماراتيين واتحاد الكتاب الإماراتي الذي انطلق بموجة القصة القصيرة التي عرفت أسماء مهمة حينذاك. وعن الظواهر الجديدة التي لمسها في الدورة الأخيرة من المعرض، قال وازن: «اليوم وفي أقل من أربع سنوات، تطور معرض الشارقة كثيراً، ودخل عصر الحداثة الرقمية والعولمة، وتحول إلى معرض عالمي الأهداف، وإلى سوق لعقد الاتفاقات بين الناشرين العرب والعالميين، وأصبح مثل معرض أبوظبي، رائداً في ترسيخ حقوق النشر والحفاظ على حقوق المؤلف، لقد دخل معرض الشارقة عصر المكننة والكمبيوتر والنشر الرقمي، ولكن من دون أن يفقد أصالته، وبات منبراً عربياً مفتوحاً أمام التجارب الجديدة والأصوات الحديثة، وأمام كل أنواع الحقول الأدبية والمعرفية».
المصدر: الاتحاد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©