الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وقائد الجيش الباكستاني

13 ديسمبر 2013 23:32
ترك قائد الجيش الباكستاني المتقاعد الجنرال أشفق كياني الأسبوع قبل الماضي دفة قيادة أقوى المؤسسات في دولته إلى الجنرال رحيل شريف. وبالطبع، يزيد اعتلاء هذا الوجه الجديد هرم قيادة الجيش الباكستاني آمال الولايات المتحدة في علاقة أقل تخييباً للآمال، لاسيما أن التعامل مع كياني خلال الأعوام الستة الأخيرة اتسم بكل شيء عدا المرونة. ورغم ذلك، على الولايات المتحدة أن تكون واقعية، وأن تبقي توقعاتها في إطار من الحيطة والحذر. وأدار نواز شريف الذي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث فترات، والذي تربطه علاقة بقائد الجيش الجديد، عملية الاختيار بعناية شديدة، لا سيما أنه يدرك من خلال خبرته الشخصية مدى خطورة اللعبة المدنية العسكرية. وفي عام 1999، أجبر الجنرال برويز مشرف، شريف بعيد اختياره له لشغل المنصب العسكري الأرفع في الدولة، على ترك منصبه كرئيس للوزراء، ونفيه لما يقرب من عقد خارج الدولة. ويكاد يكون ذلك أسوأ مصير يواجهه رئيس وزراء باكستاني على يد قائد جيش اختاره بنفسه، بعد عام 1976 عندما اختار رئيس الوزراء آنذاك ذوالفقار علي بوتو الجنرال ضياء الحق بسبب عدم اكتراث الأخير بكافة الأمور السياسية، لكن ضياء خالف التوقعات، وأطاح بوتو في العام التالي، وشنقه بعد عامين. وعند اختيار رحيل شريف، آثر رئيس الوزراء تنصيب ثالث أرفع ضابط في الجيش، في مخالفة للتقاليد العسكرية المعمول بها، فقد تجاوز مرشح أشيع عنه محاباتة كياني، وترك جنرالاً آخر توافق عليه واشنطن. وبفعل ذلك، أظهر نواز شريف استقلالاً سياسياً عن كل من الجيش والولايات المتحدة الأميركية، وهما أكبر قوتين تسيطران على معظم ما يحدث في باكستان. وأبقى رئيس الوزراء على سرية اختياره حتى اللحظة الأخيرة، وهو ما أثار إحباط المراقبين الذين رأوا أن تأجيله يعتبر دليلاً على التردد، لكنه كان في الحقيقة تفويتاً للفرص بذكاء على مثيري الشغب. وتحتاج باكستان بإلحاح قادة مدنيين قادرين على إدارة علاقاتهم مع الجيش، وإذا تمكن “الشريفان” من إدراك التهديدات الأمنية الرئيسة التي تحيق ببلدهما، بداية من حركة “طالبان” الباكستانية والعنف السياسي الإثني في كراتشي، عندئذ يمكنهما تشكيل أفضل ثنائي نشط لم تشهده إسلام آباد منذ عقود. ولن تكون هذه بالخطوة الهينة، ففي ظل المخاوف الأميركية القائمة من أن تنتقص باكستان على عقبيها، فستضطر واشنطن إلى الترحيب بنجاحهما. ويعني ذلك أن المصالح الأميركية والباكستانية لم تتوافق أبداً بشكل كامل، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الهند والحرب في أفغانستان والترسانة النووية الباكستانية الكبيرة، والواقع المؤلم بأن بعض أسوأ الجماعات الإرهابية في المنطقة لا تزال تجد ملاذاً آمناً على الأراضي الباكستانية. ولابد أن تتوقع واشنطن عناد رحيل شريف المبدئي بشأن هذه الأمور القائمة، إذ إنه تربى تماماً في هذه المؤسسة التي يقودها الآن. وعلاوة على ذلك، فإنه مثل أي مسؤول تنفيذي جديد لمؤسسة كبيرة سيسعى إلى بسط نفوذه على كافة الأجزاء الحيوية فيها، وإلى جانب تعيين وترقية المخلصين، سيرغب بالتأكيد في كسب سمعة باستقلال كبير عن الولايات المتحدة، لاسيما أن قائدي الجيش السابقين كياني ومشرف دائماً ما تعرضا لانتقادات من الجنود والضباط بسبب تعاونهما الوثيق مع واشنطن. ولأسباب مماثلة، سيرغب “رحيل شريف” في إظهار موقفه الصارم إزاء الهند، والذي يعتبر من بين المؤهلات الأساسية لوظيفة قائد الجيش الباكستاني. وبالتأكيد سيتعامل شريف مع أية أزمة أو مناوشات مع الهند، نتيجة أي هجوم إرهابي أو نزاع حدودي، بالطريقة التاريخية التي تصرف بها سابقوه. وللحيلولة دون تكرار هذا النموذج الخطر، ينبغي أن تحافظ أجهزة الاستخبارات الأميركية على مراقبة شديدة للحدود الهندية الباكستانية خلال الأشهر المقبلة. ومن أجل فتح قنوات التعامل مع قائد الجيش الباكستاني الجديد، على الدبلوماسيين الأميركيين أن يطلبوا من الحكومة المدنية في باكستان حضور الجنرال في الجولة المقبلة من المحادثات الوزارية في واشنطن، والمزمع عقدها في بداية العام المقبل. وفي المحادثات الأمنية الثنائية، ينبغي أن تقود واشنطن عروضاً هادئة للتسليح والتدريب وتبادل المعلومات الاستخباراتية بهدف مساعدة إسلام آباد في حربها ضد المسلحين المنتمين لحركة «طالبان» الباكستانية. دانيال ماركي باحث في الشؤون الهندية والباكستانية لدى «مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة “إم. سي. تي انترناشونال”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©