الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فعاليات اليوم الوطني إعلاء لمشاعر الانتماء وحب الوطن

4 ديسمبر 2012
التربية الوطنية تمتد بامتداد الحياة، وتتسع باتساعها، وتتنوع بتنوعها، فكل ما يحيط بالإنسان من قوى وعوامل له دوره في التأثير على الإنسان وتشكيل شخصيته. ومن الحقائق المؤكدة اليوم أنَّ المجتمع لا يستطيع تحقيق أهدافه دون وجود تعاون وتنسيق بين جميع مؤسساته وتنظيماته التي تُسْهم في تربية أفراده، وغرس قيم الوطنية وروح الانتماء والولاء في نفوس أبنائه. فتربية الأفراد تتم مشاركة بين مؤسسات التربية النظامية وغير النظامية والتنظيمات المجتمعية، وأنَّ هذه المؤسسات والتنظيمات جميعاً تلتقي حول أهداف عامة لتوفر بيئة تربوية ووطنية لتنشئة الشخصية سواء أكان ذلك بطريق مباشر أم غير مباشر. خورشيد حرفوش (أبوظبي) ـ تربية النشء لا تقتصر على المؤسسات التربوية فحسب، وإنَّما تتم من خلال جميع مؤسسات وتنظيمات المجتمع سواء كانت نظامية أو غير نظامية كالمدرسة والأسرة وأماكن العبادة ووسائل الإعلام والجمعيات الأهلية والمهنية وغيرها شريطة أنْ تتكامل وتتناسق فيما بينها لتحقيق الأهداف الوطنية المنشودة. المدرسة تعد من أهم المؤسسات التربوية والمجتمعية التي يقع على عاتقها مسئولية تربية الأبناء تربية شاملة ومتكاملة ومتوازنة، وتعديل سلوكياتهم واتجاهاتهم وقيمهم، وإعدادهم للحياة بالطريقة التي يرغبها المجتمع ويؤمن بها، لأنَّ التربية بمفهومها الواسع وبمختلف أنماطها تشترك في إحداثها وتفاعلاتها جميع مؤسسات المجتمع، وهي لا تقف عند حدود سن معينة أو مرحلة عمرية معينة، تشترك فيها جميع وسائط التربية في المجتمع ومنها المدرسة. وإذا كانت الأسرة هي البيئة الطبيعية التي تتعهد الطفل بالتربية، ولاسيما في السنوات الأولى من حياته، فإنَّ المدرسة هي المؤسسة التي أنشأها المجتمع عن قصد لتعمل مع الأسرة على تربية وتنشئة الطفل سليمة تجعله عضواً صالحاً في المجتمع الذي يُعدّ له. ومن المنطقي أنَّ الأسرة لا تستطيع القيام وحدها بعملية التربية الوطنية، بل اكتسبت التميز عنها وعن باقي المؤسسات والتنظيمات في القيام بمهمتها في تربية النشء تربية وطنية طموحة بما تقدمه من خبرات منظمة ومفاهيم صحيحة وأنشطة متنوعة. إسهام فعال يؤكد الدكتور حسن أحمد الحوسني، مدير عام مدرسة عبد الجليل الفهيم للتعليم الأساسي للبنين “الحلقة الثانية” أن المدرسة تستطيع أن تُسْهِم الإسهام الفعَّال في بناء شخصية الفرد بما تهيؤه من مناخ صحي يساعد على النمو المعرفي والانفعالي والجمالي والاجتماعي والديني، لا بما تقدمه من معلومات نظرية فقط بل بالممارسة العملية وما يعنيه هذا من تكامل بين المعرفة النظرية والممارسة العملية، وهذا يعني أنَّ دور المدرسة في عملية التنمية والتدعيم لأبعاد التربية الوطنية ليس نظرياً فقط، بل هو نظري وتطبيقي في ضوء حقائق واعتبارات أهمها أنَّ العملية التربوية تعتبر في الأساس عملية خُلُقية من الدرجة الأولى، فالمدرسة وحدها لا يمكن أنْ تتم هذا الجهد بدون مشاركة كافة تنظيمات المجتمع وهيئاته ومؤسساته، وهذه المشاركة في تنمية وتدعيم أبعاد القيم الوطنية. فالمدرسة هي الحاضنة الأخرى والأقوى للطفل، ولها تأثير كبير ومباشر في تكوين شخصيته، وصياغة فكره، وتوضيح معالم سلوكه. وذلك من خلال الفعاليات والأنشطة التي يقدمها الطلاب في المناسبات الوطنية التي يعتز بها أبناء الإمارات، ويأتي اليوم الوطني في مقدمتها”. ويضيف الحوسني: “لم تعد المناهج الدراسية مجرد استعراض وتعليم للمقررات الدراسية فحسب، لكن هذه المناهج امتدت لتشمل مجموعة الخبرات وأوجه النشاط التي توفرها المدرسة داخل جدرانها أو خارجها لكي تحقق للطلاب أقصى نمو وتحقق للمجتمع أقصى فائدة ما دام أنَّ هذه الخبرات وتلك المقررات وأوجه النشاط خاضعة لتوجيهات المؤسسات التعليمية وإرشاداتها وتحت إشرافها، فالعنصر الأساسي في وضع المنهج الدراسي في مراحله الأولى خاصة هو العنصر التربوي الهادف، فالمنهج الدراسي هو المسئول عن توضيح المفاهيم الخاصة بالتربية الوطنية والعقلية والدينية وغيرها، وهو المسؤول عن غرس القيم الجمالية والأخلاق النبيلة في ذهن الطفل، وهو الذي ينبغي أنْ يعوده الحياة السليمة، وغير ذلك من قيم كالصدق والصبر والإيمان والنظافة والأناقة والالتزام بالنظام، وجميع هذه القيم يصب في النهاية في معناها الوطني الذي يعزز مشاعر الانتماء والولاء للوطن”. الابتكار والإبداع كذلك يشير الاختصاصي الاجتماعي ماجد عبد الله التميمي، إلى تأثير الفعاليات المدرسية في تعزيز مشاعر الانتماء والولاء للوطن عند الأبناء، ويقول: “على الرغم من القيمة النفعية لأي نشاط أو فعالية، فإن مفهوم الوطنية ليس مجرد شعار، بل هو جزء من التربية يعطيها ويضفي عليها الأهمية والقيمة، وتلعب المناهج الدراسية والفعاليات والأنشطة التي يمارسها الطلاب في اليوم الوطني أو غيره من مناسبات وطنية، دوراً كبيراً في التوعية بمفهوم التربية الوطنية وحب الوطن والانتماء إلى ترابه، دون أن نهمل تكامل دور المؤسسات والتنظيمات المجتمعية في تدعيم هذا الجانب، فإعداد الأفراد ورعايتهم مسئولية تربوية مشتركة بين المدرسة والأسرة وكافة التنظيمات التربوية والمجتمعية ولا يمكن تغييب أي من هذه التنظيمات المجتمعية في المشاركة المثمرة في القضايا التربوية والوطنية، وتأتي الأسرة على رأس هذه التنظيمات، وعلى الرغم من وجود العديد من المؤسسات التي يمكن أن تضطلع بتوجيه سلوك الإنسان، أو تعديله أو التأثير فيه لتأصيل للقيم والاتجاهات والمعايير المتعلقة بتربية الإنسان تربية وطنية سليمة، فالطفل يفتح عينيه يجد الأسرة منذ اللحظة الأولى لميلاده، وتأثيرها عليه يؤدي دوراً كبيراً في تشكيل وتكوين اتجاهاته وسلوكياته بشكل عام”. ويكمل التميمي: “من الوظائف الأساسية للمدرسة أن تعمل على تحقيق وظائف التربية الوطنية لدى الطلاب من خلال توجيهها لكل سلوك فيها، فالبيئة المدرسية ونشاطاتها المتاحة يمكن أنْ تعمل على تحقيق وظائف التربية الوطنية، ويمكن للمؤسسات التربوية أنْ توضح وظائف التربية الوطنية من خلال المعلم، حيث يحتل المعلم في العملية التعليمية موقعاً بارزاً حيث يقوم بالدور الأساسي في العمل المدرسي لأنَّه أكثر أعضاء المدرسة احتكاكاً بالطالب، وأكثرهم تفاعلاً معه، ومن ثم يمكن استثمار احتفالات اليوم الوطني في تعزيز هذا التأثير الإيجابي للمعلم، وتنمية الحس الوطني للطلاب، لأن الطالب يرى المعلم مثلاً سامياً وقدوة حسنة، وينظر إليه باحترام واهتمام كبيرين، وينـزله منـزلة عالية في نفسه، وهو دائماً يحاكيه ويقتدي به، وينفعل ويتأثر بشخصيته”. ثقافة النشء أما أحمد الطنيجي الاختصاصي الاجتماعي، فيرى أن الطالب يمكنه من خلال المشاركة في فعاليات اليوم الوطني من أن يكتشف مواهبه وتنميتها وترشيدها. إن وظائف التربية الوطنية تكتسب دينامية جديدة إذا ما شعر الفرد بأهميتها بالنسبة له، وبالنسبة للجماعة والمجتمع الذي ينتمي إليه، فالمدرسة لها دور فاعل في تدعيم التربية الوطنية من خلال المشاهد والآثار والإرشادات والممارسات الإيجابية، لأن القيام ببعض الأدوار الاجتماعية من خلال فعاليات اليوم الوطني ـ على سبيل المثال ـ لها انعكاساتها التربوية والوطنية على شخصية الطلاب، وتكوين وتوجيه الرأي العام لديهم، وتحقيق الاتصال بين أفراد المجتمع، وحل مشكلات المجتمع، والإسهام في خدمة المجتمع. فالمدرسة وما تتيح لطلابها من أنشطة وإسهامات تسهم في تثقيف الناشئة وتربيتهم تربية وطنية سليمة، بما تقدمه لهم من خبرات متنوعة وأنشطة مختلفة،لأن المدرسة تعلم الأبناء كيفية رؤيتهم للأشياء، ثم تغرس في نفوسهم حب الوطن في كل شيئ. وتحاول اكتشاف ميول الأبناء واهتماماتهم لتنمى هذه الأشياء وفى هذا مشاركة حقيقية في تحقيق هدف هام من أهداف التربية الوطنية بمفهومها الشامل. فالطالب هو العنصر الأساسي في النشاط المدرسي، ويكتمل دوره الحقيقي من خلال التعاون مع بقية أفراد المجتمع، والعمل الجماعي يحتاج إلى تحقيق التوازن بين الروح الفردية، والروح الجماعية عن طريق التربية المتوازنة، فالفردية تتبدل شيئاً فشيئاً إلى أن تذوب في روح العمل الجماعي، ويجب توافر المناخ المناسب مع اختيار أساليب العمل، التي تحول دون التسلط وتنمية المبادرة الذاتية، وترسيخ مبدأ روح الفريق، وهو ما نشاهده في كافة مفردات الفعاليات، من أعمال فنية أو رياضية أو ثقافية أو غيرها». تنمية روح الولاء تؤكد الاستشارية الأسرية إنعام المنصوري أن مشاركة الأبناء الطلاب والطالبات بهذه الصورة المبهرة في الاحتفالات والفعاليات والأنشطة التي نشهدها في عموم ربوع الوطن إنما هي حالة تربوية وسلوكية إيجابية ووطنية طموحة ومشرقة، لأن انصهار الاتجاهات والمشاعر في حالة حب من شأنها أن تغرس لدى الأبناء روح الولاء والانتماء في وقت مبكر، ويصبح ذلك جزءاً أساسياً ومركباً نفسياً في شخصياتهم، لأن تربية الأبناء على القيم الوطنية، تبدأ من حسن استثمار وشغل أوقات الفراغ، وتنحية الأنانية الذاتية، والاندماج والذوبان في العمل الجماعي الترويح الهادف المنضبط، ونكران الذات، وتنمية روح الفريق، والتنافس الشريف، وتنمية الإحساس والشعور بأهمية السلوك الحسن، كما تنمي لديهم العادات الجمالية بحيث ينعكس ذلك على سلوكياتهم وتصرفاتهم”. وتضيف المنصوري: “إن العمل الجماعي في مثل هذه المناسبات الوطنية وسيلة فعالة لتمكين الطلاب من العمل المنسجم كوحدة متجانسة، فلكل واحد منهم أولوياته الخاصة، لكن هذه الأولويات تنصهر وتحمل نوعا من الارتباط المادي والمعنوي بين أعضاء فريق العمل ككل، من حيث وحدة الأهداف والاتجاهات والنتائج الإيجابية التي تشكل صورة أساسية في نجاح أي عمل جماعي متكامل ومدروس في آن واحد. فإذا سادت روح العمل الجماعي بين الطلاب نجد أن أداءهم يتسم بالإنتاجية العالية والروح المعنوية المرتفعة والجودة في الأداء، ويحسن ويطور الاتجاهات الإيجابية، والتمتع بدافعية عالية للأداء، وممارسة النقد الذاتي، والمحافظة على إحساس كل فرد في الجماعة، وتسهيل التفاعل بين الطلاب، وتأكيد الأهداف، وإيجاد درجة عالية من الوعي والالتزام بهذا الهدف وهو الانتماء والولاء. فعندما تسود بين الطلاب رؤية مشتركة، وهدف واحد، فتوحد الأهداف هو الوقود الذي يسمح للطلاب بتحقيق نتائج غير مألوفة. وعلى الجميع العمل كفريق واحد، والعمل بسلاسة وتفاهم وود وحب، حتى تخرج الصورة النهائية جميلة ومبهرة”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©