الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مسرح استعراضات جوية لصقور الطيران في سماء أبوظبي

مسرح استعراضات جوية لصقور الطيران في سماء أبوظبي
4 ديسمبر 2012
قدم طيارو فريق “الفرسان” جولتهم الأولى من الاستعراضات الجوية بشكل أذهل الجمهور وخطف أنظار كافة رواد شاطئ كورنيش أبوظبي، سواءً منهم من وُجد هناك مصادفة أم من جاء خصيصاً لمشاهدة الاستعراضات، خال الجميع أنه عرض رسمي وليس مجرد تدريبات عملية استغرقت 26 دقيقة. وحُق لهم ذلك، فقد جمع أداؤهم بين الإبهار والإدهاش والإثارة، بحيث يصعب على أي ناظر أو مشاهد أن يحسَب ولو للحظة أن الأمر يتعلق بتدريبات. (أبوظبي) - عاد الطيارون إلى مسرح الاستعراضات في سماء الكورنيش، على مدار يومي السبت والأحد الماضيين، وقدموا عرضهم الرسمي احتفاءً باليوم الوطني الحادي والأربعين وسط حضور فاق بكثير حضور اليوم الأول، تفاعلوا بطرق متعددة، فصفقوا وصفروا ونصبوا كاميرات هواتفهم الذكية من أول ثانية إلى أن أسدل الصقور الستار على عرضهم تحت أشعة الشمس الشفافة. ما أن دقت الساعة الرابعة عصراً واستوت الشمس في كبد السماء حتى اشرأبت الأعناق واتجهت الأنظار إلى الأفق الذي يعلو سارية أطول علم في كورنيش أبوظبي. اخترق هدير الطائرات ذاك الصمت والترقب، ودخل الطيارون السبعة في سرب واحد موحد، فاتجهوا إلى العلم وحلقوا حوله وفوقه، وقدموا اســتعراضات جماعية، ورسـموا من خلال ألوان العلم الأربعة التي نفثوهــا في السماء الزرقاء الصافية الخالية من الغيوم أشكالاً مختلفة. وإمعاناً في إمتاع الجمهور، اختار الطيارون خلق دينامية مثيرة في أجواء العاصمة، فانسل من السرب أحد الطيارين وقدم حركات بهلوانية رائعة. كان يصعد في السماء كصاروخ ويصل إلى ارتفاع عال جداً إلى أن تحجبه السحب عن الأنظار، ثم يظهر فجأة وينزل بشكل ملولب فيما يشبه السقوط الحر، وتتدحرج طائرته نازلة في الهواء إلى الأسفل ويتساءل العديد من المشاهدين حول ما إذا كانت تلك الدحرجات حركات استعراضية، أم فقداناً للسيطرة على مقود الطائرة. وفي كل مرة يقترب فيها الطيار العبقري من سطح مياه الشاطئ ثم يغير اتجاهه إلى الأعلى شرقاً أو غرباً، كان المشاهدون يتنفسون الصعداء، ويصفقون له ويصفرون إعجاباً وتقديراً لروحه المغامرة. قراءات متعددة قدم الطيارون استعراضات متنوعة فيها قدر كبير من الإبداع والإتقان وتحتمل قراءات عديدة وتأويلات مختلفة، كغيرها من اللوحات التشكيلية التي يملؤها رسامها بالمعاني والرسائل، ويقرؤها الرائي بطريقته، فتكون قراءته لها مفتوحة على كل الاحتمالات، قد يتقاطع مع رسامها في قراءته، قد لا يستوعب من معانيها ورسائلها إلا ما قل أو كثر، كما قد يضيف إليها أشياء تفوق ما ضختها فيها الفرشاة من معان. وهكذا كان حال اللوحات التي رسمها الطيارون السبعة، مع اختلاف في فضاء الرسم وأدواته. فالطيارون استخدموا فضاءً أفسح وأرحب هو سماء ساطعة الزرقة، واستعملوا بدلاً من الأصباغ والأدوات التقليدية أدخنة ملونة وحركات رأسية وأفقية، وحلقوا شمالاً وجنوباً وطافوا فوق البحر وفوق أبراج البر، ونجحوا بمهاراتهم العالية في إحالة سماء كورنيش أبوظبي إلى لوحة فنية متحركة. فدخول الطائرات السبعة في سرب واحد هو تعبير عن إمارات الدولة، واتجاهها مجتمعة شرقاً أو غرباً هو تعبير عن وحدة أهداف إمارات الدولة، وانسلال الطيار العبقري من السرب قد يكون تعبيراً عن قيادة العاصمة أبوظبي لمسيرة الإمارات السبع. فهذا الطيار النجم يتحرك في كل الاتجاهات، لكنه يُظهر قدرات عالية في القيادة ويحلق في كل الارتفاعات، ثم ينضم مجدداً في آخر العرض إلى سرب الطائرات الأخرى، ويشاركها في رسم نخيل وكثبان رملية وأعلام وقلوب محبة ووفاء، ثم تواصل الطائرات السبع مسيرها ورحلتها الاتحادية مجتمعة وهي تشق عباب السماء، ماضية إلى الأعلى في اتساق واتحاد مهيبين. تفاعل كبير تفاعل الجمهور مع هذه الاستعراضات طوال الوقت، فمنهم من شاهدها وهو مفترش رمال الشاطئ، ومنهم من توقف عن السباحة أو التشمس وهرع لجلب هاتفه المحمول لتسجيل هذه الاستعراضات، بينما فضل آخرون مشاهدة هذه اللوحات الفنية المتحركة على كراسي مقاهي الكورنيش وهم يحتسون أكواب الشاي أو القهوة أو المشروبات الساخنة. تعددت زوايا المشاهدة والمتابعة، لكن القاسم المشترك الذي جمع الكل هو توجيه كاميرات هواتفهم الذكية صوب السماء وتتبع حركة الطائرات في الاتجاهات الأربعة. كان الحاضرون من مختلف الأعمار، لكن حضور الأطفال كان طاغياً. أحدهم طفلة إماراتية في الخامسة من عمرها اسمها حصة، كان همها الأوحد هو تتبع ألوان العلم في السماء ومقارنتها مع ألوان فستانها المنسوج بألوان العلم الإماراتي، والهتاف كلما نفثت الطائرات دخاناً ملوناً “أحمر ... أخضر ... أبيض ... أسود ...!”. كانت حصة تتحسر متوجهة إلى أبويها كلما تلاشت هذه الألوان، قبل أن تواسيها الأم مبشرة إياها بأن العرض لم ينته بعد. ولعمري هذا المشهد هو قمة في التعبير البريء عن الوطنية والولاء والانتماء الذي ينغرس في قلوب الأطفال منذ الصغر، فيشبون متعلقين بكل ما يرمز للوطن ويُشكل هويتهم. ولعل رد فعل كهذا يظهر بجلاء دور هذه الاحتفالات الهادفة في غرس قيم الوطن في نفوس النشء وغرسها في قلوبهم، فيكبرون متشبعين لكل ما يرمز لوطنهم، ومتشربين لكل القيم السامية التي يمثلها وطنهم. تشارك الفرحة ماثيو بريطاني خمسيني يزور أبوظبي لأول مرة. يقول باندهاش “روعة .. روعة”. ويضيف “هذه الاستعراضات لا تقل إبهاراً عن تلك التي سبق لي مشاهدتها في مدن بريطانية وأوروبية”. وقد قطع ماثيو استمتاعه بأشعة الشمس الدافئة على الشاطئ وحمل هاتفه كغيره لتسجيل هذا العرض الذي باغته. من جهتها، تقول فاطمة، وهي عربية مقيمة في أبوظبي، إنها تحرص على حضور هذه الاستعراضات الجوية منذ سنة 2009، ولذلك فإنها تجلب أبناءها يوم الثاني من ديسمبر كل سنة للاستمتاع بها، وهي ترى أن مثل هذه العروض هي مناسبة لا يجب تفويتها لأنه لا يتسنى لها ولأولادها الثلاثة مشاهدتها إلا مرة أو مرتين كل سنة. وعن سبب ارتداء أبنائها جميعهم لأزياء وأكسسوارات تقتصر على أربعة ألوان هي لون العلم الإماراتي، تقول فاطمة إنها تحب مشاركة الإماراتيين فرحتهم بهذا اليوم الوطني وتحب أن يترعرع أبناؤها على قيم حب الوطن الذي “لا يعني بالضرورة ذلك البلد الذي نحمل جنسيته، وإنما هذا المكان الذي نستوطنه ونتخذه بلداً ننعم فيه بكل ما ينعم به أهله”. وتضيف أن حضور أبنائها لهذه العروض ينمي فيهم روح المغامرة ويصقل ذائقتهم الفنية ويرفع سقف تطلعاتهم المستقبلية، ولا أدل على ذلك -بحسب رأيها- كون ابنها البكر صار يتمنى أن يصبح طياراً في المستقبل ويشارك في مثل هذه العروض. فهو يرى أن قصة كل طيار من هؤلاء الطيارين الإماراتيين السبعة هي قصة نجاح جديرة بالتقليد والاقتداء والاحتذاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©