الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا تخاطر بانتحار سياسي

27 ديسمبر 2015 21:38
فيما ساعد انهماك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوريا على تهدئة الصراع في شرق أوكرانيا، وقدم نافذة للإصلاح والتعافي من الركود هناك، فإن خلافات تعصف بإدارة كييف. وقد أكدت المعركة التي دارت هذا الشهر في البرلمان، والشتائم المتبادلة بين وزير وحاكم إقليمي، على الشقاق الذي يهدد بغرق الحكومة وتعطيل حزمة الإنقاذ التي يقدمها صندوق النقد الدولي بقيمة 17.5 مليار دولار، أما نقطة الوميض المقبلة فستكون في التصويت على موازنة 2016. وبينما لا تزال ذكريات فشل الثورة البرتقالية ماثلة، فإن أوكرانيا تخاطر بجعل الخلافات الداخلية تخطف المحاولة الثانية في عقد واحد للتحرر من ماضيها الشيوعي. فالإصلاحيون يشتبكون مع المصالح الخاصة المتحكمة بقطاعات كبيرة من الاقتصاد، والتي طالما كانت هدفاً للمحتجين الذين طردوا الرئيس السابق الموالي لروسيا عام 2014، مطالبين بتحقيق الشفافية على الطراز الأوروبي. وقد انعكست حزمة الإنقاذ التي قدمها صندوق النقد، علاوة على مساعدات أخرى بمليارات الدولارات قدمتها الدول الحليفة، في ارتفاع عائدات السندات. وفي هذا السياق، قال «يورج فوربيج»، المسؤول في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة في برلين: «بالنظر للأحداث الأخيرة، فإن أوكرانيا على وشك ارتكاب انتحار سياسي. فالاقتتال الداخلي في كييف لا يفيد أحداً أكثر من موسكو. وإذا ضعف التزام أوكرانيا بتحقيق التغيير، واندلع الاقتتال الداخلي، وتعثر التقارب مع الغرب، فإن موسكو تكون قد حققت هدفها بفاعلية». ويتعرض الرئيس «بترو بوروشينكو» ورئيس وزرائه «ارسيني ياتسينيوك»، المدعومان من الولايات المتحدة وأوروبا، لضغوط الفشل في الوفاء بالوعود وترويض الفساد والحد من سيطرة بعض النافذين، وقد جاءت أوكرانيا في المركز الـ142 لمنظمة الشفافية الدولية من بين أسوأ 175 دولة بالنسبة لتصورات الفساد، بينما قال البنك الدولي في أكتوبر إن أوكرانيا «أمامها طريق طويل لتقطعه». وهناك حالة من الغليان في البلاد؛ ففي 11 ديسمبر، قام مشرع من حزب بوروشينكو الذي يريد تغيير رئيس الوزراء بمقاطعة خطاب يلقيه «ياتسينيوك» في البرلمان، مما أدى إلى حدوث مشاجرة جماعية. وبعد عدة أيام، استغل «ميخائيل ساكاشفيلي»، رئيس جورجيا السابق وحاكم منطقة أوديسا الحالي، انعقاد اجتماع لمناقشة الإصلاح ليتهم وزير الداخلية «أرسين أفاكوف»، وغيره من أعضاء الحكومة، بالكسب غير المشروع. ومن ناحية أخرى، فإن الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم الذي فاز بأغلبية ساحقة في انتخابات العام الماضي، تؤجل التصديق على موازنة العام المقبل، وتؤخر صرف نحو 5 مليارات دولار من المساعدات الدولية، فيما يكافح الاقتصاد كي يتعافى من 18 شهراً من الانكماش. وقد ذكر صندوق النقد الدولي يوم الجمعة أن البرلمان ينبغي أن يمرر موازنة تعالج العجز البالغ 3.7% من الناتج الاقتصادي، كما اقترحت الحكومة، وإلا فسيتم وقف عمليات الإنقاذ. ومن جانبه، ذكر وزير الخزانة الأميركي «جاكوب ليو» لرئيس الوزراء «ياتسينيوك» أن أوكرانيا تحتاج للوفاء بالتزاماتها لصندوق النقد الدولي لتجنب التأخير في تقديم الدعم الدولي. وربما يعارض البعض دعوات للقيام بجهود أكثر حماساً لمكافحة الفساد وتدخل صندوق النقد الذي يريد تشديد الضغوط على الموازنة، وفقاً لمدير أموال في شركة «أبردين» لإدارة الأصول في لندن «فيكتور زابو». وأضاف «زابو»، الذي يساعد في الإشراف على 12 مليار دولار من ديون تطوير أوكرانيا، أن «الخطر الرئيسي يتمثل في أن بعض كبار السياسيين سعداء بتفجير الموازنة في محاولة للحفاظ على صندوق النقد بعيداً، ومنع جهود مكافحة الفساد». وقال: «إذا تعطل اتفاق صندوق النقد، ستكون هناك صدمة ثقة سلبية أخرى، ولن يكون هناك نمو خلال العام القادم». وتؤثر هذه التوترات على أسواق الدَّين. فالعائد على السندات الدولارية الأوكرانية المستحقة عام 2019 قفز بأكثر من نقطة مئوية ليصل إلى 10.112% منذ أول تداول لهذه السندات قبل شهر من الآن، مما يقوض حالة التفاؤل التي سادت بعد إعادة الهيكلة. وقالت «فاليريا غونتاريوفا»، محافظ البنك المركزي الأوكراني، الأسبوع الماضي: إن التوترات السياسية كانت عاملا في جعل واضعي السياسات يبقون على سعر الفائدة عند مستوى 22%. وقد دفع الخلاف بين ساكاشفيلي وأفاكوف قادة أوكرانيا إلى إعادة التأكيد على وحدتهم وإبطال أي حديث عن تعيين رئيس وزراء جديد، وفي بيان مشترك، ألقى بوروشينكو وياتسينيوك ورئيس البرلمان «فولوديمير جرويسمان»، باللوم على «القلة المتنفذة»، كونها المحرِّض على حملة هيستيرية لمناهضة الحكومة والدولة، وقالوا إن التضامن مهم لإحداث «تغييرات ناجحة» في أوكرانيا. *دارينا كرازنولوتسكا* *كاتبة ومحللة سياسية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©