الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«صير بني ياس».. لوحة جمالية نادرة تحـــــــــكي تاريخاً وإرثاً حضارياً

«صير بني ياس».. لوحة جمالية نادرة تحـــــــــكي تاريخاً وإرثاً حضارياً
27 ديسمبر 2015 00:47
أبوظبي (وام) لكل مدينة سحرها وجمالها وميزاتها ولعل أكثر ما يميز العاصمة الإماراتية أبوظبي ما تجمعه من جمال طبيعي فريد يظهر جلياً بالتآلف الجميل بين الرمال الجرداء الرمادية اللون من جهة والبحر الأزرق الهادئ من جهة ثانية وما يجاورهما من جزر ساحرة تنام بهدوء وسط زرقة البحر. وأدرك المسؤولون في الدولة جمال هذا التمازج وفرادته فعملوا على المحافظة عليه من خلال إصدار قوانين تحدد شكل الجزر وكيفية تطويرها. وحظيت جزيرة صير بني ياس- المحمية الطبيعية الفائزة بالعديد من الجوائز العالمية والتي تقوم بتطويرها شركة التطوير والاستثمار السياحي- باهتمام كبير من قبل الراحل المؤسس المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» الذي كان بعيد النظر لأنه أراد أن يحول الجزيرة إلى موطن آمن للحياة البرية سواء كانت من الجزيرة العربية أو آسيا أو أفريقيا. ورؤية الشيخ زايد الثاقبة تلك هي التي جعلت من صير بني ياس وجهة يقصدها الزوار من مختلف أرجاء العالم بعدما تحولت من جزيرة صحراوية قاحلة إلى موئل لمجموعة كبيرة من أنواع الحيوانات البرية. وفي البداية تم تخصيص جزيرة بني ياس لتكون محمية ومنتجعاً للحياة البرية مخصصاً للفصائل الحيوانية الآسيوية والأفريقية.. أما اليوم فقد أصبحت تجربة بيئية وحيوية يشيد بها العالم كله. وعلى هذه الجزيرة تسرح قطعان من 23 فصيلة من الحيوانات، من بينها الزرافات ومجموعة متنوعة من الظباء وأحد أضخم القطعان في العالم من المها العربي المهدد بالانقراض.. أما فصائل الطيور فتضم النحام والنوارس والغاق والدجاج البري وبط البلبول البري وبط الشولر وأبو ساقين أسود الجناح وبط الحذف وزقزاق السرطان وطائر النكات والبلشون الرمادي. ومن الخصائص المهمة لـ «صير بني ياس» أنها تعد موطناً للعديد من الفصائل المهددة بالانقراض أو تلك التي تناقصت أعدادها إلى مستويات حرجة وفقا لتصنيف الاتحاد العالمي لحماية الحياة البرية.. ومن بين هذه الحيوانات السلاحف البحرية وغزلان الصحراء والظباء السوداء وخراف الأورية البرية والمها العربي. وسميت الجزيرة بهذا الاسم نسبة إلى قبيلة بني ياس الذين استوطنوا الجزيرة واستخدموها منطلقاً لرحلاتهم في البحر ومرفأ لسفنهم ومكاناً وفيراً لصيد السمك واللؤلؤ. وكان المغفور له الشيخ زايد قد اختارها بداية الأمر مكانا لقضاء العطلات والاستجمام غير أنه بدأ بعد ذلك نتيجة حبه الشديد للحياة البرية والبيئة بإطلاق فصائل من حيوانات الجزيرة العربية المهددة في موطنها مثل غزلان الصحراء والمها.. ومع الوقت تحولت الجزيرة إلى محمية خاصة قبل أن تفتح أمام العامة على أمل أن توفر لهم فهما لما كان عليه المشهد الطبيعي في المنطقة قبل آلاف السنين من الآن حينما كانت تشبه سهول السافانا الأفريقية وتشترك مع القارة السمراء المجاورة بالكثير من أنواع الحيوانات. وفي إطار برنامج تشجير الصحراء الذي تبناه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فقد تم زراعة أكثر من 18 ألف نخلة منتجة للتمور و5ر2 مليون شجرة ونبتة منها أشجار الزيتون التي تشتهر بها شواطئ البحر المتوسط إلى جانب شجرة العود التي يستخرج منها نوعان من العود يستخدمان في البخور ورغم تشابه النوعين في الرائحة فإنهما يختلفان في السعر، إذ يفوق سعر أحدهما سعر الذهب. غير أن شكلاً جديداً من سياحة الطبيعة والمغامرات بدأت تظهر في أبوظبي بعد افتتاح فندق ومنتجع جزر الصحراء الفاخر وفيه 64 غرفة فندقية في الجزيرة. وتبلغ مساحة صير بني ياس 87 كيلو متراً مربعاً، مما يجعلها أكبر جزيرة طبيعية في الإمارات العربية المتحدة لكن ليس كبر المساحة، هو ما يجعل صير بني ياس التي تبعد عن البر 250 كيلو مترا قبالة ساحل أبوظبي وجهة لا غنى عن مشاهدتها، إذ يمكن للزائر أن يرى أكثر من 35 موقعاً أثرياً تؤكد أن هذه الجزيرة كانت مأهولة بالبشر في كل حقبة من حقب البشرية لكن حتى هذا الغنى التاريخي لا يشكل أهم مواطن الأهمية التي تتمتع بها الجزيرة. ويوجد أقدم ذكر لجزيرة صير بني ياس في وثائق تاجر المجوهرات الرحال «غازبارو بالبي» من مدينة البندقية «قرابة عام 1590 للميلاد» والتي وصفها بأنها جزيرة يصيد الغواصون اللؤلؤ في جوارها، وبعد ذلك بأكثر من قرنين من الزمان أتى ذكرها ببعض التفصيل في سجلات ضباط البحرية البريطانية الذين مسحوا مياه الخليج العربي الأدنى في العقدين الثاني والثالث من القرن التاسع عشر. «جزيرة صير بني ياس» التي عرفت طويلا بأنها محمية طبيعية ذات طبيعة خاصة ليست كباقي الوجهات السياحية في منطقة الخليج العربي، حيث يمكن للزائر أن يتلمس آثار ترحال أهل البحر في الأيام الخوالي منذ عهود السلاطين والمستكشفين التي تلقي على الجزيرة هالة من السحر والغرابة كما أن الآثار التي تعود للعصور الحجرية توحي بالمشهد العام القاسي للجزيرة لتكون شاهدة على حضور أقوام غابرين لم تكشف حضاراتهم بعد. وفي خطوة جديدة تضيفها أبوظبي الى الخطوات النوعية التي أنجزتها العاصمة الإماراتية في السنوات الأخيرة لتضع نفسها بقوة على خريطة السياحة في المنطقة تم افتتاح جزيرة «صير بني ياس» كخطوة أولى ضمن مشروع «جزر الصحراء» إذ تمثل الجزيرة عالماً فريداً من الاسترخاء في احضان الطبيعة والبرية للباحثين عن الهدوء والسكينة في أجواء متفردة بعيدا عن صخب المدن وضجيجها. ويقدم المشروع مفهوماً جديداً للسياحة في منطقة الشرق الأوسط ويؤمل أن يصير وجهة سياحية متعددة الاستخدام تجمع بين متنزه الحيوانات البرية العربية والمحميات الطبيعية والتراث الأصيل والخدمات الفندقية من فئة الخمس نجوم والنشاطات الصحراوية. 13 ألف نوع من الحيوانات والطيور يجوب في أرجاء الجزيرة اليوم أكثر من 13 ألفاً من الحيوانات والطيور التي تعكس جهود فريق المحافظة على البيئة.. ويمكن للزوار مشاهدة الحياة البرية المتنوعة في الجزيرة عن طريق المشاركة في مختلف الأنشطة التي تتيح لهم التجول في متنزه الحياة البرية العربية الذي تبلغ مساحته 4.100 هكتار مثل رحلات اكتشاف الطبيعة والحياة البرية.. كما يمكنهم الاستمتاع بمجموعة واسعة من الأنشطة التي تشمل التجديف والدراجات الشراعية وركوب الخيل والرماية. ويمكن للراغبين بالزيارة أو الإقامة على جزيرة «صير بني ياس» الاستمتاع برحلات طيران قصيرة تنطلق مباشرة من أبوظبي ودبي أو يمكن القدوم عن طريق البحر بالقارب الذي يحملهم من جبل الظنة في المنطقة الغربية. وتقدم الجزيرة التي تم افتتاحها مؤخراً مفهوماً جديداً للسياحة في الإمارات عبر العديد من المميزات التي نادراً ما تجتمع في مكان واحد من طبيعة خلابة وحياة برية وبيئة متفردة إلى جانب الأجواء التراثية التي تحفها أجواء من الرفاهية والفخامة. إن الثروات الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة لا تقتصر على الحيوانات البرية إذ تستوطن الدلافين والسلاحف البحرية وكائنات بحرية أخرى المياه المحيطة بها ويعود ثراء الحياة البحرية في الجزيرة بما يفوق الأجزاء الأخرى من سواحل أبوظبي إلى توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) بحظر صيد الأسماك في مناطق معينة خلال السنوات الـ25 الماضية حفاظاً على البيئة. ويعود أصل اسم جزيرة صير بني ياس إلى قبيلة بني ياس الشهيرة التي كانت أول من استوطن إمارة أبوظبي بينما يرجع تاريخ الاستيطان البشري في الجزيرة إلى العصر البرونزي وتشهد المواقع الأثرية الستة والثلاثون في جزيرة صير بني ياس على التاريخ الطويل للجزيرة ويعود أقدمها إلى حقبة ما قبل الإسلام، أي منذ العام 600 ميلادي وتبرز أهميتها باعتبارها محمية برية خاصة أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة لحماية طبيعة الحيوانات البرية والكائنات المهددة بالانقراض في منطقة الجزيرة العربية. طاحونة لتوليد الكهرباء طورت جزيرة صير بني ياس بما يتناسب مع طبيعتها الخلابة ونظامها البيئي وهي تضم أول طاحونة لتوليد الكهرباء من نوعها في المنطقة تنتج 850 كيلو وات من الطاقة في الساعة الواحدة. وتعتزم الجزيرة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة مستقبلاً لتأمين حاجاتها من الطاقة.. وستطبق المعايير الدولية في مجالات الطاقة والمياه والبنية التحتية وإدارة المخلفات وإعادة التدوير ومباني الطاقة. وأقامت شركة التطوير والاستثمار السياحي علاقة شراكة مع شركة «مصدر» لبناء محطة للطاقة البديلة في جزيرة صير بني ياس ستتولى تشغيل محطة تحلية المياه فيما بعد على أن تستخدم المياه التي تنتجها محطة تحلية المياه الجديدة في الزراعة وإطعام الحيوانات المستوطنة في الجزيرة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©