الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استراتيجية أوباما الانتخابية: استمالة المستقلين

15 ديسمبر 2011 01:07
دويل ماكمانوس محلل سياسي أميركي في الوقت الذي سارع فيه المحافظون إلى اتهام أوباما باعتناق فكرة الصراع الطبقي بعد الخطاب الذي أدلى به في ولاية أركنساس خلال الأسبوع الماضي، عبّر الديمقراطيون الليبراليون من جهتهم عن تأييدهم للإشارات الشعبوية الواضحة التي حملها خطاب أوباما والتي تعيد إلى الأذهان حملته الانتخابية لعام 2008. لكن ردود الفعل المتضاربة تلك تشير إلى أن خطاب أوباما نجح في أحد أهدافه الأساسية والمتمثل في صياغة انتخابات 2012. باعتبارها خياراً واضحاً بين فلسفتين وسباقاً يمكن كسبه بدل تصوير الانتخابات على أنها استفتاء حول أدائه الاقتصادي الذي لن يرضي الكثيرين. غير أن الانتخابات كما يدرك أوباما جيداً لا يحسمها أحد الفريقين الديمقراطي أو الجمهوري مهما بلغت القاعدة الانتخابية للحزبين، بل لابد من المستقلين، وهو ما جربه أوباما نفسه في انتخابات 2008 عندما استطاع إقناع الناخبين المستقلين وتعبئتهم لصالحه بخطابه حول عهد ما بعد التحزب الذي أصبح متقادماً اليوم. وليس من الواضح بعد كيف سيستطيع أوباما من خلال حملته الحالية وبخطابه الجديد عن التفاوت الاقتصادي والفوارق الطبقية، استمالة المستقلين بنفس نجاحه واقتداره في عام 2008. فقد واجه مشكلتين أساسيتين وهو يهيئ لحملته الانتخابية القادمة، الأولى بالطبع هي الحالة المتردية للاقتصاد الأميركي، الأمر الذي لا يستطيع التعامل معه في المدى القريب ولا حله في الأفق المنظور، لكن المشكلة المرتبطة بغموض رؤيته وعدم وضوحها تبقى قابلة للحل لو أراد ذلك، فبعد عام من الصدام مع قادة الجمهوريين في الكونجرس والمحاولات المتكررة للوصول معهم إلى منتصف الطريق، لا يستطيع حتى مؤيدوه من الديمقراطيين أن يحددوا ما يريده أوباما بالضبط، أو تعريف رؤيته السياسية على وجه الدقة. وفي الخطاب المستخدم من قبل صناع الصورة السياسية، نسي أوباما على ما يبدو تقديم رواية متكاملة يفسر بها كيف وصلت الأمور في الولايات المتحدة إلى هذا السوء وكيف يعتزم الخروج منه، فجاء خطابه الأخير بولاية أركنساس لملء هذا الفراغ ومعاودة التواصل مع الناخبين المستائين. ومع أن الرسالة التي حرص أوباما على ترديدها في خطابه الأخير، ومفادها أن شارع وول ستريت بكل ما يرمز له تغول على الشارع الأميركي العام وأن المستقبل سيكون أسوأ ما لم نرفع الضرائب على الأثرياء ونستثمر في التعليم، ليست رسالة جديدة في السياسة الأميركية. إلا أن أوباما هذه المرة صاغ الخطاب بطريقة أقوى وفي إطار أخلاقي أكثر مما فعل في أي وقت مضى خلال السنوات الثلاث الماضية. ويبدو أن الاستراتيجية السياسية التي لجأ إليها أوباما من خلال هذه الرسالة واضحة، حيث سعى من ورائها إلى تطمين قاعدته الديمقراطية من جهة ثم توسيعها بالانفتاح على حركة وول ستريت الاحتجاجية من جهة أخرى، لاسيما في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى أن الأميركيين يعتقدون بالفعل أن الثروة لا تُوزع بطريقة عادلة في بلادهم، وأن هؤلاء يشملون فئة عريضة من المستقلين والديمقراطيين على حد سواء، وهو السبب الذي دفع أوباما في خطابه إلى وصف موقف الجمهوريين بأنه يُحابي 1 في المئة على حساب 99 في المئة، حيث قال "إن فلسفتهم واضحة: نحن أفضل حالا عندما يترك الآخرون لتدبر أمرهم واللعب وفقاً لقواعدهم الخاصة". لكن هذه الاستراتيجية القائمة على الاستقطاب والرامية إلى استمالة المستقلين بالإضافة إلى القاعدة الديمقراطية قد تنطوي على بعض السلبيات. ومن بينها ما عبر عنه "ويليام جالسون"، الذي عمل في الحملة الانتخابية لبيل كلينتون قائلا: "أعتقد أن أوباما ومساعدوه يقرأون ما ترمز إليه حركة وول ستريت حرفياً، في حين أن الطبقة الوسطى الأميركية منشغلة بهمومها الخاصة أكثر من ثروة الطبقة الغنية، فالسبب الذي يقلق الناس ليس 1 في المئة الذين حصلوا على الثروة، بل كيف تراجعت الطبقة الوسطى خلال السنوات الماضية، وليس من الواضح كيف يمكن للهجوم على الأغنياء أن يحل مشاكلهم". ومع أن كلينتون نفسه أشار في حملته الانتخابية إلى "قوى الجشع"، فإنه عرف كيف يربط بين الشعبوية واستراتيجية واضحة لتعزيز النمو الاقتصادي وتعهده بالتخفيف من حضور الحكومة ورفع كفاءتها، وهو أمر لم يتطرق إليه أوباما إذ اكتفى بالإشارة إلى الفوارق الطبقية دون أن يضع خريطة طريق واضحة لسد فجواتها. وحتى نكون منصفين، فإن أوباما لم يألُ جهداً في طرح بعض المبادرات لتعزيز النمو الاقتصادي على المدى البعيد، كان آخرها مشروع قانون الوظائف الذي كشف عنه في سبتمبر الماضي. لكن المبادرات جميعاً أحبطت من قبل المعارضة الجمهورية، كما أنه في خطابه الأخير دعا إلى رفع الإنفاق الحكومي على التعليم والعلوم والنقل، دون الخوض في التفاصيل. لذا قد لا يجد المستقلون خارج القاعدة الديمقراطية المؤيدة تلقائياً لأوباما ما يجذبهم إلى خطابه في ظل غياب خطة واضحة، وإن كان لا تزال أمامه سنة كاملة لبلورة خطة متكاملة، وهو ما يؤكده مساعدو الرئيس في البيت الأبيض. ويبقى التحدي الأهم بالنسبة للرئيس هو ترجمة الشكاوى والمظالم التي تطرق إليها في خطابه خلال الأسبوع الماضي إلى ما فشلت فيه حركة وول ستريت وهو برنامج واضح لمعالجتها يحظى بموافقة أغلبية الشعب الأميركي. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «ام. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©