السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية والصين.. علاقات متوترة

24 ديسمبر 2014 22:50
لا يوجد ثمة من شك في أن الرئيس باراك أوباما كان يعني ما يقول عندما أكد أن الولايات المتحدة تعتزم الرد على قرصنة كوريا الشمالية وسرقتها لأفلام شركة «سوني بيكتشيرز إنترتينمنت» المُخزنة على الكمبيوتر. وليس من المعروف على وجه اليقين ما إذا كان إغلاق الإنترنت في كوريا الشمالية الاثنين الماضي هو جزء من ردة الفعل التي تحدث عنها أوباما. ومهما يكن من أمر، فإن نظام «كيم جونج أون» ربما يورط نفسه في هجوم مماثل على «هوليوود». وهناك القليل مما يعرفه العالم عن أن «كيم» أطلق خلال السنوات القليلة الماضية إصلاحات تحررية على الطريقة الصينية، وهي الإصلاحات ذاتها التي سبق لأبيه «كيم جونج إيل» أن اعترض عليها. ففي القطاع الزراعي، بدأت تظهر إلى حيز الوجود للمرة الأولى المزارع شبه الخاصة. وفي الصناعة، أعطت جملة من التغييرات الإجرائية لمديري المصانع المملوكة من قبل الدولة حرية تعيين موظفين جدد، وشراء المواد الأولية وبيع المنتجات المصنعة في الأسواق. وبالرغم من أن التغيرات التي تشهدها أسواق كوريا الشمالية ليست رسمية الطابع، إلا أنها قوية لدرجة تدعو إلى الدهشة وبما يدفع للاعتقاد بأن الاقتصاد الخاص في كوريا الشمالية لم يعد مكبلاً بالإجراءات الصادرة عن الدوائر التسلطيّة. وهذه التغيرات تلقى الترحيب على الرغم من أنها لن تحقق التطور المطلوب من دون توفر رؤوس الأموال. وخلافاً لما كانت عليه الحال في عهد أبيه، يحتاج الرئيس الحالي لكوريا الشمالية «كيم جونج أون» للاستثمارات، باعتبارها تشكل حجر الأساس لإعادة الحياة الاقتصادية والسياسية. والسؤال المطروح الآن: من أين يمكن أن تأتي الأموال؟ في الماضي، كان الجواب: من الصين. ولكن، وحتى لو اختارت كوريا الشمالية النموذج الصيني لإصلاح اقتصادها، إلا أنها تسير في الاتجاه الاقتصادي المعاكس الذي يزيد من مسافة التباعد بينها وبين الصين. وكانت التجربة النووية التي أجرتها في شهر فبراير 2013، قد أغاظت الرئيس الصيني «زي جينبينج». وفي شهر ديسمبر من ذلك العام، أصدر «كيم جونج إيل» أمراً بإعدام خاله «جانج ثونج ثايك» بسبب إقامته علاقات مع الصين تفوق ما هو مسموح. وحتى الآن، لا يرى الصينيون حلاً لهذه الممارسات المعبرة عن البغض والكراهية غير التحمل والانتظار. ولم يكن للصين في أي يوم من الأيام نظرة إيجابية نحو كوريا الشمالية، إلا أنها تفضل الإبقاء على دولة مستقرة على حدودها بدلاً من دولة جديدة تناهض سياستها وتمالئ الولايات المتحدة في شبه الجزيرة الكورية. وحتى قبل أزمة القرصنة على شركة «سوني»، كانت هناك مؤشرات قوية تدل على أن صبر الصين على ممارسات كوريا الشمالية بدأ بالنفاد. وقبل نحو عام، قررت الصين تجميد الاستثمارات الكبيرة كافة في البنى التحتية لكوريا الشمالية. وكل من يزور المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين، يمكنه أن يرى النتائج على أرض الواقع. وكل المشاريع المشتركة بين البلدين متوقفة في مرحلة نصف اكتمالها. وتوقف العمل على نحو مفاجئ في النصف الصيني من مشروع بناء جسر كان من المقرر أن يصل مدينة «داندونج» الصينية بمدينة «سينويجو» الكورية الشمالية. وتوقف العمل فجأة في مشروع لإنشاء شبكة معقدة من أبراج نقل الطاقة الكهربائية في كوريا الشمالية قريباً من منطقة «رازون» الصناعية، ولم يتم العمل بكابلات نقل الطاقة من شبكة التموين الصينية. وهناك دليل آخر على وجود أزمة حقيقية في العلاقة بين البلدين. فلقد تعرضت الأملاك الصينية في كوريا الشمالية للمصادرة، وهبط حجم التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير، وشرعت أجهزة الإعلام الكورية الشمالية المملوكة للدولة بشنّ حملة شعواء مضادة للصين وسياستها في شبه الجزيرة الكورية. وخلال الأشهر الماضية، أصبحت وسائل الإعلام الصينية تكيل بدورها الانتقادات بلا حساب لبيونج يانج. وهذا كله يدعو إلى التساؤل: لماذا تتخلى كوريا الشمالية عن الصين؟. يكمن الجواب في أن الصين تحتكر 80 بالمئة من حجم التجارة الخارجية لكوريا الشمالية. وهذا ما دعا قادة كوريا الشمالية للشعور بالخوف من أن يؤدي هذا الاستحواذ الاقتصادي إلى تحقيق مكاسب سياسية على حساب الكوريين الشماليين. ولسوء حظ الكوريين الشماليين، لا يتوافر لديهم الآن رعاة بدلاء لمشاريعهم التنموية. أندريه لانكوف * * أستاذ التاريخ في جامعة كوكمين- سيئول ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©