الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تتخذ إجراءات للتصالح مع المستثمرين الأجانب

الحكومة المصرية تتخذ إجراءات للتصالح مع المستثمرين الأجانب
3 ديسمبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) ـ اتخذت الحكومة المصرية خلال الفترة الماضية عدة خطوات على صعيد إنهاء المشكلات القانونية العالقة مع عدد كبير من المستثمرين العرب والأجانب سواء كانت هذه المشكلات تختص بأراض سبق لهؤلاء المستثمرين الحصول عليها أو مشكلات تختص بالبنوك والتراخيص تمهيدا للبدء في تنفيذ المشروعات. وجاء إعلان وزارة الاستثمار المصرية عن اعتماد قواعد جديدة للتصالح مع المستثمرين -في غير القضايا الجنائية- عبر تعديلات في قانون الاستثمار ليدفع بإجراءات التصالح الحكومية خطوات للأمام ويبعث برسالة اطمئنان جديدة للمستثمرين بعد أن كانت الأمور تمضي باتجاه الأزمة بين الطرفين وألقت بظلال سلبية على معدلات تنفيذ المشروعات في الشهور الأخيرة. ويؤكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أن المصالحة كانت مطلوبة منذ وقت طويل حتى لا يدخل الاقتصاد في نفق مظلم وحتى لا نأخذ جميع المستثمرين بفساد البعض حيث لابد من التفريق بين الحالات فلا أحد يرفض سداد حقوق الدولة من فارق أسعار الأراضي أو غيرها ولكن في المقابل يجب أن تفي الدولة بتعهداتها لأن هؤلاء المستثمرين ضخوا أموالاً في مصر ونفذوا جانبا من مشروعاتهم ثم اضطروا الى التوقف لحين تسوية الأوضاع. وقال إن هذه الاجراءات تسهم في عودة الانتعاش للسوق في المرحلة القادمة خاصة في القطاعات التي تأثرت بالأزمة وسوف تتحمس البنوك لإعادة التفاوض مع أصحاب هذه المشروعات لتوفير التمويل المطلوب لإنجاز المراحل المتوقفة مشيرا الى أن انجاز المراحل الأخيرة من المشروعات سوف يضمن لهذه الشركات استرداد جانب كبير من نفقاتها الاستثمارية التي سبق أن ضختها عبر تسويق هذه المشروعات وتسليمها للحاجزين. ويؤكد حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين أن وفاء الدولة بالتزاماتها تجاه المستثمرين بات أمرا حيويا لاستعادة ثقة العالم بالاقتصاد والسوق المصرية وبالتالي فإن هذه الإجراءات كانت ضرورية لتصحيح المسار خاصة وأن هناك العديد من المنازعات تعود الى ما يعرف بالأيدي المرتعشة في الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة التي كانت ترفض منح التراخيص لهؤلاء المستثمرين لاستكمال مشروعاتهم مما ترتب عليه خسائر فادحة لهؤلاء المستثمرين. وكانت هذه الإجراءات التصالحية قد أفادت العديد من الشركات العربية الكبرى وفي مقدمتها شركتا “داماك” و”الفطيم” الإماراتيتان والشركة المصرية الكويتية القابضة ومجموعة الشعلة السعودية وغيرها، حيث تم التوصل الى اتفاقيات بشأن إعادة تسعير الأراضي وتحصيل فارق الأسعار لحساب الخزانة العامة عبر جدول زمني يتيح لهذه الشركات فرصة لتنفيذ المشروعات وتسويقها وسداد هذا الفارق بعد إثبات الجدية من خلال سداد نسبة تتراوح بين 10 و15? من المبالغ المستحقة للحكومة فور توقيع العقود. وتأتي تعديلات قانون الاستثمار التي أعلنها مؤخرا وزير الاستثمار المصري أسامة صالح لتفتح المجال أمام المزيد من الشركات والمستثمرين سواء كانوا شركات ومستثمرين محليين أو أجانب لعقد اتفاقيات تسوية في جميع القضايا المالية وبشرط ألا يكون قد ترتب على هذه القضايا مخالفات جنائية مثل التربح أو إهدار المال العام أو تسهيل الاستيلاء وبشرط ألا تكون المخالفات قد تمت بدعم مباشر أو غير مباشر من النظام السابق أو يكون أحد المستفيدين منها ممن شغلوا مناصب سياسية أو تشريعية في ظل النظام السابق. ومن المتوقع أن تسفر هذه الإجراءات عن حسم العديد من القضايا المتراكمة في المحاكم أو لدى لجان فض المنازعات في الوزارات المختلفة بعد أن تدنى حجم الاستثمار الأجنبي القادم للبلاد ليدور حول الملياري دولار فقط خلال العام الجاري. وتتصدر قضايا أراضي التنمية السياحية في الغردقة وشرم الشيخ ومرسى علم وأسوان وأراضي الاستثمار العقاري في مدينتي الشيخ زايد والسادس من أكتوبر والتجمع الخامس قائمة المنازعات الحكومية مع المستثمرين لاسيما وأن نسبة كبيرة تدور حول 60? من هذه القضايا تعود لمستثمرين عرب من دول خليجية الى جانب ليبيا وتركيا. وساهمت الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري في تعجيل الحكومة المصرية باتخاذ إجراءات تعديل قانون الاستثمار بهدف التوصل إلى حلول مرضية لكافة الأطراف قبل نهاية العام الجاري. ويسعى عدد من البنوك المصرية إلى الدخول في مفاوضات مع الشركات التي حصلت على قروض بضمان هذه الأراضي للتوصل الى اتفاقيات جديدة حول جدولة هذه المديونيات أو منح قروض جديدة يتم استخدامها في سداد القروض القديمة لتسوية المراكز المالية أمام البنوك وتسهم هذه القروض الجديدة في دفع عجلة تنفيذ المشروعات المتوقفة. ويستفيد من هذه الإجراءات المصرفية أيضا شركات عربية كبرى في مقدمتها مجموعة “الفطيم” التي تقدمت بطلب للحصول على قرض بقيمة ملياري جنيه من كونسرتيوم مصرفي يقوده البنك الأهلي المتحد لاستكمال مشروعها في التجمع الخامس وهو مشروع “كايرو فاستيفال سيتي” الا أن إجراءات القرض تعثرت لمدة طويلة بسبب النزاع بين الشركة الإماراتية والحكومة المصرية على إعادة تسعير أراضي المشروع البالغ تكلفته الاستثمارية نحو الملياري دولار. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإنه من المنتظر الإعلان عن مجموعة من التسهيلات والحوافز الجديدة التي تعتزم الحكومة تقديمها للمستثمرين فور توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي في الشهر المقبل وهي إجراءات تستهدف جذب 5 مليارات دولار على الأقل للاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام 2013 لتخفيف الآثار الجانبية المتوقعة والمترتبة على الاتفاق مع صندوق النقد. وتشمل هذه الحوافز سرعة إصدار قانون الصكوك لتسهيل عمليات تمويل المشروعات الخاصة وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومساعدة البورصة عبر اجراءات عديدة للتحول الى أداة تمويل للمشروعات الجديدة الى جانب بعض الإعفاءات الضريبية لتخفيف الأعباء على المستثمرين. ويرى خبراء اقتصاديون أن إعلان الحكومة عن إجراءات المصالحة مع المستثمرين في غير القضايا الجنائية رسالة إيجابية للعالم الخارجي مفادها أن البلاد تسير في اتجاه الاستقرار وتشجيع الاستثمار كما ان اختيار زيارة وفد رجال الأعمال الأتراك لإعلان هذه الرسالة كان أمرا جيدا حيث إن العديد من الشركات التركية في السوق المصرية تعاني المشكلات المتعلقة بالأراضي والعمالة وغيرها وكانت هذه الشركات قد رصدت شكواها في مذكرة شاملة تقدمت بها للدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء المصري. ومن ثم فإن الحكومة التي تسعى لجذب المزيد من الاستثمارات التركية لمصر لتقفز من 1,5 مليار دولار حاليا الى 5 مليارات دولار حسبما هو مخطط له كان عليها ارسال هذه الرسالة الواضحة لهؤلاء المستثمرين الأتراك. وأشار الخبراء الى أن الاقتصاد المصري بوضعه الراهن لا يحتمل مزيدا من المنازعات أو الصدامات مع المستثمرين خاصة الذين أثبتوا جديه في مشروعاتهم ولم يحصلوا على الأراضي أو التراخيص عبر عمليات فساد وكذلك مع المستثمرين العرب الذين تراهن عليهم الحكومة المصرية في تحسين أوضاع الاقتصاد في المرحلة المقبلة ومن ثم فإنه من المتوقع أن تسفر هذه المبادرة الحكومية عن تحسن نسبي في مناخ الاستثمار وإعادة الكثيرين النظر في مستقبل مشروعاتهم بالبلاد بعد ما أعلن بعض هؤلاء المستثمرين عن اعتزامهم تصفية أعمالهم في مصر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©