الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حواضن التطرف

حواضن التطرف
26 ديسمبر 2015 22:09
مكافحة التطرف والإرهاب تتطلب الغوص في أعماق وجوهر وأسباب تمدد هذا الغول الذي يهدد الأمن والسلم العالميين، ويعمل على هدم أركان الدولة الوطنية في البلدان التي ينتشر بها، ويقتات من مشاكلها الاجتماعية والسياسية وفشلها في بناء دولة حديثة عصرية قائمة على المواطنة والتنمية واللحمة الوطنية البعيدة عن الولاءات الطائفية والمذهبية وخطورة استغلاله من جهات لها أجندات خارجية، ومن أهم واجبات تفكيك التطرف الغوص في مقولاته التي ترتكز على المعتقد الديني، ومجابهته بالبناء على المقاصد الكلية للشرائع السماوية، بما فيها من أمن وأمان وطمأنينة، واستخلاص الاستراتيجيات التي تحمي الأفراد من الوقوع في براثن التطرف والأيديولوجيات التي تسمم العقول والقلوب، وذلك بتقديم الدعم والأدوات المساعدة على ذلك من قبل الحكومات ومنظمات المجتمع المدنية ورصد الميزانيات لذلك، وعلى أن تعمل الحكومات على إطفاء حواضن التطرف ومنها السياسات التمييزية، والعصبيات المذهبية التي قوامها الرؤية الأحادية، ومن الحلول الناجعة تكثيف العمل في المدارس والجامعات لنبذ الغلو ومظاهر التنطع. ومن الظلم بمكان تصدير المقولات الغربية بأن الإسلام هو منبع التطرف استغلالاً لما يسمى الإسلامفوبيا، لأن ذلك يحرف الصراع عن مجراه الأساسي ويوجهه توجهاً خاطئاً في شكل صراع حضاري وديني، يؤدي وسيؤدي إلى حروب دينية، ويجعل للتطرف الديني مرتكزاً يقتات منه. لقد ثبت عملياً أن للتطرف قواماً تنظيمياً ينشد الاستيلاء على السلطة والدولة بقوة السلاح، ونشر الأفكار المتطرفة التي هي وعاؤه الجامع، في زمن تراجعت فيه أحلام الأمة في إقامة نهضة حقيقية رأسمالها الإنسان، وكفت المجتمعات عن إفراز قوانينها للردع الاجتماعي لأي فكر متطرف، وأصبحت الكثير من الأحزاب السياسية تلبس لباساً دينياً، يتخفى في أشكال متعددة، ولعل أخطرها الجماعات الدعوية التي تدعي بأن ليس لها علاقة بالسياسة وأنها تعمل على غرس القيم والأخلاق الإسلامية، وعملياً نجد أن ممارستها على أرض الواقع لها شقان، أحدهما ينبذ العنف، والترف والآخر يعمل على جعله ثقافة، والغرض من هذه اللعبة المزدوجة هو التمكين والغلبة، ثم الانقضاض على السلطة والاستيلاء على الدولة، وهذه الجماعات تمثل الخطر الحقيقي على الدولة الوطنية، فضعف المجتمعات المشاهد الآن يساعد على انتشار الأفكار المتطرفة، ولذا إن تقوية المجتمع وإعادة الدور المعتبر للطبقة الوسطى ورد الاعتبار لها باعتبارها تحمل لواء الاستشارة والتحديث يشكل حائط صد في وجه الأفكار المتطرفة، فمنظومة القيم الاجتماعية التي تحملها تميل إلى التسامح وقبول الآخر ونشدان الديمقراطية وسيادة القانون واحترام التعددية وهذا ما تنشده المجتمعات في هذه المرحلة بالذات. إياد الفاتح - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©