سلمان كاصد:
في محاضرة جمعت بين الموسيقى والعرض البصري والحوار المعمق، قدم الباحث الدكتور جان بيير بارتولي نائب رئيس جامعة باريس السوربون ورئيس مركز البحوث فيها امس الاول في المجمع الثقافي بأبوظبي محاضرة بعنوان '' موسيقيو القرن التاسع عشر الفرنسيون يكتشفون الموسيقى العربية''، وتعد هذه المحاضرة احدى الفعاليات التي تقوم بها جامعة السوربون ابوظبي بالتعاون مع هيئة ابوظبي للثقافة والفنون· كذلك تأتي بالتزامن مع إعلان افتتاح جامعة باريس - السوربون أبوظبي لـ ''ليسـانس الموسيقى والعلوم الموسيقية'' في أكتوبر ·2007
في بداية المحاضرة رحب زكي نسيبة نائب رئيس هيئة ابوظبي للثقافة والتراث بالدكتور جان بيير بارتولي وبالعلاقات القوية والابداعية والحضارية التي تربط البلدين وبين الهيئة والجامعة لتأصيل وتعميق جذور واواصر التلاقح الحضاري بينهما واعتبر هذه المحاضرة الجسر الذي يربط الثقافتين الغربية والعربية بعامة والامارات وفرنسا بخاصة كونها تطرح عناصر التعالق الثقافي في ميدان الموسيقى والتأثر والتأثير بين الموسيقى الفرنسية في القرن التاسع عشر والموسيقيين العرب ومدى الاستفادة التي اغنت هذا الحقل المعرفي الذي يعد نتاجا انسانيا بمعناه الاشمل ·
بدأ المحاضر الدكتور بارتولي محاضرته بطرح النقاط الاساسية التي استطاع التوصل اليها في الكشف عن روح التعالق بين الثقافتين الموسيقيتين وفي ظل هذا بدأ جان بيير بارتولي محاضرته بتعريف الموسيقى كلغةٍ مشتركة بين جميع الشعوب والحضارات وكما تُعدّ دراسة الموسيقى منفذا لدراسة العلاقات الثقافية· ثم استشهد بارتولي بمقولة إدوارد سعيد:''إن الشرق شبه اختراع أوروبي وأن الاستشراق ليس مجرد خيال أوروبي متوهم عن الشرق ''بل إنه كيان له وجوده النظري والعملي وقد أنشأه من أنشأه واستثمرت فيه استثمارات مادية كبيرة على مر أجيال عديدة وقد أدى استمرار الاستثمار إلى أن أصبح الاستشراق باعتباره مذهبا معرفيا عن الشرق شبكة مقبولة تسمح منافذها بتسريب صورة الشرق إلى وعي الغربيين ''·
وتناول بارتولي تاريخ الموسيقى كونها تختلف عن باقي الفنون، وتمثل هوية الثقافة الأجنبية قائلا: الشرق مجموعة جغرافية تضم ثقافات مختلفة، وحدودا متغيرة تتغير عبر الأزمنة، وان الموسيقى العربية دخلت على الغرب من عصر النهضة ولغاية القرن التاسع عشر في ثلاث مراحل كبار للموسيقى الشرقية· كما تناول بارتولي موضوع الموسيقى من وجهة نظر تاريخية بحتة لافتاً النظر إلى نمط الموسيقى في الشرق، حيث غلب عليه الطابع العثماني بآلاته في مرحلة الإمبراطورية العثمانية·
وانتقل بارتولي في محاضرته من فكرةٍ إلى أخرى مدعمةً بالأمثلة على غرار قصة فيليسيان دافيد الذي تنقّل في الشرق من تركيا إلى فلسطين ومنها إلى مصر، حيث أدخل البيانو إلى مصر على ظهر الجمل معتقداً تمام الاعتقاد بفكرة بناء هوية جديدة لمجتمع الشرق حتى تبين له بأن للشرق هوية تسمح باستقبال أفكارٍ جديدة، وتوصّل دافيد إلى استحالة تطبيق فكرته بإعادة بناء هوية الشرق·
كما قدّم بارتولي مثالاً حياً لمقاطع موسيقية دندنها مشيراً إلى التغيرات التي طرأت على المقاطع الموسيقية بحسب المراحل التاريخية وتأثيرات الاستعمار الذي حمل أفكاراً جديدةً للطرفين·
عدد اليوم
