الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عودة نورييجا إلى بنما... تداعيات سياسية

13 ديسمبر 2011 22:33
بعد أكثر من عقدين من الزمن على خلع "مانويل نورييجا" في بنما وسجنه بتهمة الاتجار بالمخدرات في الولايات المتحدة، وصل الديكتاتور السابق إلى بلاده يوم الأحد الماضي، ما يضع حداً للمعركة القانونية حول المكان الذي ينبغي أن يقضي فيه العقوبة عن غسيل الأموال والقتل. غير أنه من عدة نواح يمكن لعودته إلى هذا البلد الواقع في أميركا الوسطى أن تشكل فصلاً جديداً يعيد فتح جراح قديمة بالنسبة للبعض، ويجلب شعوراً بعدم اليقين بالنسبة لآخرين بشأن نوع المعلومات التي يمكن أن يكشف عنها حول الماضي، مثل علاقاته القديمة مع كارتيلات المخدرات والسياسيين أو زعماء الشركات في البلاد، كما يقول إدوين كابريرا، الكاتب في صحيفة "بنما سيتي". "كابريرا"يرى أيضاً أن: "المهم هو أن عودته خلقت توقعات بشأن ما إن كان سيتحدث، وما سيقوله إن هو فعل". "نورييجا"، الذي كان حليفاً للولايات المتحدة في الماضي بالنظر إلى ما كان يقوم به ضد حلفاء يلقون التمويل من الاتحاد السوفييتي في أميركا الوسطى، وصل إلى السلطة في 1983. ولكن علاقاته ساءت مع السلطات الأميركية بسبب انخراطه مع كارتيلات المخدرات، وفي النهايـة أطاح به غزو أميركي -"عميلة القضية العادلة"- التي نفذت في ديسمبر 1989 في عهد الرئيس جورج بوش الأب. وبعد استسلامه للقوات الأميركية في الثالث من يناير 1990، نُقل نورييجا إلى الولايات المتحدة حيث أدين بالاتجار في المخدرات، وقضى 20 عاماً وراء القضبان في مدينة ميامي. ثم تم تسليمه إلى فرنسا في أبريل 2010 لمواجهة تهم هناك بغسيل الأموال، فحكم عليه بالسجن سبع سنوات. ولكن ونظراً لإدانته غيابياً في وطنه بتهمة القتل، فقد كافح محامو "نورييجا" من أجل عودته إلى الوطن، وفازوا في تلك المعركة الشهر الماضي. غير أن السلطات أعلنت أنه عندما يصل إلى بنما، فإنه سيُرسل مباشرة إلى سجن ريناسير. وفي وقت تلت ذلك معارك قانونية حول قضائه العقوبة في بنما، أخذت الصحافة المحلية المواطنين في جولة تاريخية أظهرت نورييجا مرتدياً بذلة عسكرية أو يحمل منجلا، ما ذكَّر البنميون بفترة النزاع، كما يقول "أورلاندو بيريز"، الخبير البنمي بجامعة "سانترال ميشيجن"، الذي يقوم ببحث في بنما. ويقول بيريز "أعتقد أن عودته ستمثل بالنسبة للكثيرين نهاية فترة ألم ومعاناة، ولكنها بالنسبة لآخرين ستفتح جروح أواخر فترة الثمانينيات"، مضيفاً "إذا كان خارج بنما، فلا أحد سيهتم بأمره أو يتذكره، أما جلبه إلى هنا ورؤية صوره الأرشيفية على التلفزيون، وهو يرتدي بذلا عسكرية وينتقد الولايات المتحدة... إلخ. فيعيد إلى الأذهان ذكريات تلك الفترة". والواقع أنه منذ الآن بدأت بعض المنظمات تخرج في مظاهرات احتجاجية لضمان ألا يتلقى نورييجا معاملة تفضيلية من النظام القضائي، إشاعات انعكست على الرسوم الكاريكاتورية للصحف المحلية التي تصور زنزانة نورييجا مجهزة بتلفزيون بلازما مثلاً. ذلك أن أعداء نورييجا يخشون أن يُمنح إقامة جبرية بالنظر إلى سنه "77 عاماً" وحالته الصحية المعتلة، ولاسيما أنه مطلوب أيضاً على خلفية جرائم قتل أخرى وعمليات اختفاء مفترضة يرغب أعداؤه في أن يحاكم عليها. منظمة "الحملة المدنية"، التي أنشئت في ذروة حكم نورييجا الديكتاتوري، نظمت مسيرات يوم الجمعة الماضي، وتخطط لأخرى قريباً من أجل التحقق من أن العدالة تأخذ مجراها بشكل كامل. وفي هذا السياق، قال "روبيرتو برينيس"، وهو أحد الزعماء التاريخيين للمنظمة، للصحافة المحلية "إننا سننظم هذه المسيرة من أجل إعادة التأكيد على ثقتنا في العدالة". وعموماً، لا يوجد دعم شعبي لنورييجا في بنما، وإن كان بعض ممن خدموا في القوات المسلحة أو أعجبوا بموقفه من "الولايات المتحدة الامبريالية" قد يقومون بدعمه بشكل هادئ. ولكن معظم الناس، وبخاصة الشباب، الذي قد ينظرون إلى نورييجا كشخصية خارج كتب التاريخ، يركزون أكثر على النمو الاقتصادي -حيث أصبحت بنما قوة اقتصادية في المنطقة منذ رحيل نورييجا - والأمن. ويذكر هنا أن بنما تعتبر آمنة نسبياً مقارنة مع دول أخرى في أميركا الوسطى، ولكن منظمات الاتجار في المخدرات بدأت تطرح تهديداً حقيقياً بالنسبة لها. غير أن عودتـه يمكن أن تفـرز تأثيراً سياسيـاً، وذلك على اعتبار أن البعض في الحزب الذي كان يدعم الديكتاتورية العسكرية، الحزب الثوري الديمقراطي، يمكن أن يشعروا بالقلق لأن نورييجا يمثل وصمة قد تضر بحظوظهم الانتخابية في السباقات المقبلة. ويذكر هنا أن "الحزب الثوري الديمقراطي" هو حزب المعارضة الحالي لحكومة الرئيس البنمي ريكاردو مارتينيلي، الذي يمكن أن يجني مكاسب من عودة نورييجا. وقد قام الحزب الثوري الديمقراطي بإعادة هيكلة نفسه خلال السنوات الأخيرة وخطا خطوات ديمقراطية كبيرة، ولكن بيريز يقول: "لقد حققوا بعض المكاسب... ولكن نورييجا عاد لينسف ذلك". سارة ميلر لانا - ميكسيكو سيتي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©