الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة الإمارات الخارجية تتسم بالحكمة والاعتدال والتوازن في التعامل مع القضايا الثنائية والإقليمية والدولية

سياسة الإمارات الخارجية تتسم بالحكمة والاعتدال والتوازن في التعامل مع القضايا الثنائية والإقليمية والدولية
2 ديسمبر 2012
لهيب عبد الخالق (أبوظبي) - تبوأت دولة الإمارات العربية المتحدة على الصعيد الخارجي مكانة مرموقة بين الأمم والدول، لنهج سياستها الخارجية المتوازنة وصدقيتها في التعامل مع مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. وتنطلق السياسة الخارجية لدولة الإمارات، من التزامها بالانتماء الخليجي والعربي والإسلامي، وحرصها على تعزيز وتوسيع دائرة علاقاتها مع جميع دول العالم. فمنذ تأسيسها في عام 1971 نهجت الإمارات سياسة خارجية، سمتها الحكمة والاعتدال والتوازن، ومناصرة الحق والعدالة واعتماد أسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء. ورسخت احترام المواثيق الدولية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة، واحترام قواعد حسن الجوار وسيادة الدول، بالإضافة إلى وحدة أراضيها، وحل النزاعات بالطرق السلمية. وكانت تلك الثوابت مرتكزات نهجها الشفاف الذي اعتمد الحوار والمصارحة، والحرص، وإقامة علاقات متينة مع جميع الدول على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين. وجنحت إلى الالتزام بمواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، والوقوف إلى جانب الحق والعدل والإسهام الفعال في دعم الاستقرار والسلم الدوليين. وأثبتت السنوات الـ41 الماضية سلامة هذا النهج الذي أرسى قواعده مؤسس دولة الإمارات، وباني نهضتها المغفور له الشيخ، زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ما جعل الدولة تتبوأ مكانة مرموقة في المجتمع الدولي. ويرى باحثون أن السياسة الخارجية للإمارات مرت بـ”تغيير ديناميكي خلال السنوات الأخيرة”، فقد لمست الدولة تغييراً واسعاً شكلاً ومضموناً، طال طريقة معالجة الإمارات للتحديات الخارجية وطريقة تعاملها مع الفرص التي أتيحت للدولة في مضمار السياسة الخارجية، ما أعطاها دفقاً من “الجرأة والفعالية على المستويين الإقليمي والعالمي، عما كانت عليه” خلال السنين الـ 41 الماضية. وسعت دولة الإمارات إلى ترسيخ عناصر الهوية والأمن والاقتصاد، في عالم تغير فيه كل عناصره الاستراتيجية القديمة التي كانت تسود المنطق السياسي، ولم تبتعد الإمارات عن المتغيرات الطبيعية للمجتمعات العالمية فواكبت التطور, وبرزت أجيال جديدة نهلت من مدارس الواقعية، ولحظت توازنات القوى العالمية، فخطت للدولة اتجاهاتها الحديثة في ظل القيادة الذكية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. حققت دبلوماسية دولة الإمارات انفتاحاً واسعاً على العالم الخارجي، أثمر عن إقامة شراكات استراتيجية سياسية واقتصادية، تجارية وثقافية وعلمية، تربوية وصحية، مع العديد من الدول في مختلف قارات العالم، بما عزز مكانتها في المجتمع الدولي. ولابد من الإشارة هنا إلى أن دستور دولة الإمارات أرسى المبادئ والمرتكزات التي تستند إليها السياسة الخارجية للدولة، حيث نص على أن “اتحاد دولة الإمارات هو جزء من الوطن العربي الكبير الذي تربطه به روابط الدين واللغة والتاريخ والمصير المشترك”. وأوضح أن أحد أهم أهداف الاتحاد هو “إنشاء روابط أوثق بين دولة الإمارات في صورة دولة مستقلة ذات سيادة قادرة على الحفاظ على كيانها وكيان أعضائها متعاونة مع الدول العربية، ومع كافة الدول الأخرى الصديقة في منظمة الأمم المتحدة والأسرة الدولية، على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المصالح والمنافع”. وأكد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، لدى استقباله سفراء الدولة في الخارج وممثليها في عدد من المنظمات الإقليمية والدولية في الثامن من أغسطس 2011، على أن “نجاح السياسة الخارجية لدولة الإمارات يشكل أحد أبرز الإنجازات المشهودة للدولة، والتي قامت على مجموعة من الثوابت للسياسة المتوازنة والمعتدلة التي تنتهجها الدولة منذ قيامها تجاه القضايا العربية والدولية، والتي أكسبت بلادنا الاحترام والتقدير في مختلف المحافل الدولية”. ودعا سموه السفراء إلى التفاعل الإيجابي والتطور النوعي في تعزيز علاقات الإمارات مع دول العالم لتعميق الصلات القائمة وفتح مزيد من قنوات التواصل من أجل بناء فرص جديدة للتعاون المشترك. عنوان للاعتدال وتأسيساً على ذلك، فإن السياسة الخارجية الحكيمة لدولة الإمارات جعلتها عنواناً للاعتدال والدعوة إلى السلام والمساهمة في تحقيقه وإقراره على الساحة الدولية، كما جعلتها مقصداً مهماً وأساسياً للمسؤولين وصناع القرار، على المستويين الإقليمي والدولي، من أجل الاهتداء برأيها في ملفات المنطقة ومشكلاتها وأزماتها. إضافة إلى ذلك، فإن السياسة الخارجية المتزنة للدولة جعلت لها أصدقاء كثيرين في العالم ودورا مؤثرا في الكثير من المنظمات الإقليمية والدولية. التفاعل الخلاق بين الداخل والخارج كما أن التجربة التنموية الناجحة لدولة الإمارات على المستوى الداخلي، شكلت دافعاً قوياً لسياستها الخارجية، وأساساً مهماً تستند إليه هذه السياسة والقائمين عليها في تنفيذ أهدافها، زانها رشاد التحرك والتصرف الذي يميز السلوك الخارجي للدولة، والحرص على الانفتاح على كل دول العالم، وتدعيم مبادئ الحوار والتفاهم والصداقة معها. ومثل ذلك دعماً قوياً لسياستها الداخلية وخططها التنموية المختلفة، ضمن التفاعل الخلاق بين الداخل والخارج، ولعل من الأمور المهمة في هذا الشأن أن سياسة الإمارات الخارجية الحكيمة وفرت سياجاً دعم تقدمها وتنميتها وحماها في الداخل، بما هيأته من ظروف مناسبة للعمل والإنجاز والتقدم، وبما نسجته من خيوط تعاون وصداقة وتفاهم مع دول العالم المختلفة، إضافة لبناء الثقة في استقرارها وأمنها، ما شكل صدقية لسياساتها وخططها واستراتيجياتها. ويمكن القول هنا، إن السياسة الخارجية الإماراتية الحضارية تنعكس إيجاباً على طبيعة النظرة إلى الدولة، وإلى المواطن الإماراتي في الخارج، وصورة الإمارات الناصعة على الساحة الدولية باعتبارها رمزاً للحكمة والخير والاعتدال. الرؤية في إطار السلم والأمن الدوليين ترتكز سياسة الإمارات الخارجية إلى رؤية تهدف إلى تحقيق مصالح الدولة بتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية، وهو ثالوث حقق لها تقدماً في المصالح الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، عبر دبلوماسية فعالة، هدفت إلى المحافظة على مواقف سياسية واضحة تدعم علاقة الدولة مع شركائها الإقليميين والدوليين. والمساهمة في تسهيل نمو وتطوير التجارة الوطنية والاستثمارات الاستراتيجية في الخارج. وتعزيز وترويج مكانة الإمارات العربية المتحدة كقائد إقليمي في مجال حقوق الإنسان، العمال، المساعدات الإنسانية، الطاقة والتغير المناخي وحماية البيئة، إضافة إلى المواضيع الدولية والعالمية الأخرى. انخرطت دولة الإمارات منذ استقلالها في العمل الدولي إيماناً منها بإمكانية خلق فضاء دولي خال من الحروب والأزمات، فانضمت إلى الأمم المتحدة وساهمت بشكل ملموس في بلورة مبادئها وتحقيق أهدافها المرتبطة بتحقيق السلم والأمن الدوليين، من خلال المشاركة في هيئاتها واتفاقياتها، ونذكر هنا على سبيل المثال، الاتفاقية الدولية لقمع ومعاقبة جريمة التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على التمييز بجميع أشكاله، والمشاركة في قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام، وانضمامها إلى العديد من الاتفاقيات والمعاهدات والمؤتمرات الدولية الحيوية. دور مهم داخل المنظمات الدولية وقد لعبت الإمارات دوراً مهماً داخل مختلف المنظمات الدولية والإقليمية الأخرى، وعبرت عن دعمها لمعظم قضايا التحرر وحقوق الإنسان في العالم، خاصة في تونس وليبيا ومصر وسوريا، وغيرها من الدول إضافة إلى قضية العرب القضية الفلسطينية. وأمام الانعكاسات السلبية للعولمة على مختلف الواجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وما تلاها من اتساع الفجوة بين مختلف الدول والشعوب، طالبت الإمارات بنهج حوار بناء بين دول الشمال والجنوب بالشكل الذي يخدم المصالح المشتركة لكل الأطراف، سواء الفقيرة منها أو الغنية. فقد أكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، خلال حفل إطلاق استراتيجية الوزارة في مارس 2011 ، أن “قيادتنا الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، سخرت جميع الإمكانيات والقدرات لرسم سياسة خارجية هادفة للدولة واضحة وفعالة تضعها في مصاف الدول المتقدمة على خريطة العالم وتعكس وبصورة فعالة الصورة الحضارية والمتقدمة لها”. وقال إن إطلاق الاستراتيجية يهدف إلى تعزير دور وزارة الخارجية في تحقيق أهداف الدولة الخارجية على المستويين الإقليمي والدولي. تأصيل المفاهيم الإنسانية النبيلة أكدت الإمارات وعيها بأن الوصول إلى تحقيق هدف استراتيجي سام، يوجب العمل على إشاعة وتأصيل المفاهيم الإنسانية النبيلة لدى الشعوب ، وتربية الأجيال القادمة على ذلك. وكدأبها بالبدء بالنفس، وضعت لنفسها نسقاً تنموياً يعد مثالاً حياً للتسامح والتعايش، عبر مشروع تعليمي وثقافي يرسخ هذه القيم في نفوس النشء والمجتمع. فأولت أهمية خاصة لتطوير وتحديث نظم التعليم بشكل جذري، لتواكب المستجدات التقنية والثقافية وتحقق الاستجابة لاحتياجات التنمية ومستلزماتها، منطلقة من إيمانها بأن توفير التعليم للجميع، يشكل إحدى القضايا الكبرى التي تستحق تسخير كل الإمكانيات لمعالجتها، لأن العملية التعليمية هي السلاح الأنجع لمواجهة الفقر والجهل، اللذين يشكلان أرضية خصبة لتنامي التطرف والإرهاب واتساع دائرتهما. مستجدات الأمن الإقليمي أكدت دولة الإمارات أن السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي لن يتحققا في ظل مواصلة بعض الدول لسياسات احتلالها وتعديها على أراضي الغير بالقوة، وانتهاجها أساليب التصعيد والمواجهات العسكرية لحل خلافاتها وأزماتها الإقليمية والدولية الناشئة أو من خلال سعيها نحو امتلاك الأسلحة النووية، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل التي من شأنها حتماً أن تؤدي إلى إيجاد خلل واضح وخطير في التوازنات الأمنية والاستراتيجية في المنطقة. وشددت دائماً على موقفها المؤكد بأن تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين يتطلب تعزيز الحوار والطرق السلمية لحل الخلافات الإقليمية، وأيضا تغليب المصالح العامة التي تعود على الشعوب كافة بالأمن والاستقرار والتنمية، فضلاً عن التوصل إلى اتفاقات استراتيجية تعزز من إيجاد المناطق الخالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بالعالم. ودعت المجتمع الدولي إلى العمل نحو اتخاذ الإجراءات الضاغطة على إسرائيل لحملها على الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي، ووضع كافة منشآتها النووية، تحت ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية عملاً بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وقرار الشرق الأوسط الصادرة عن مؤتمر مراجعة وتمديد المعاهدة لعام 1995. الملف النووي وجددت الإمارات التزامها بكل متطلبات عدم الانتشار النووي ودعمها للجهود الرامية إلى جعل منطقه الشرق الأوسط، بما في ذلك منطقة الخليج العربي، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما دعت أيضاً إلى أن تلتزم جميع الدول بقرار وقف كافة المساعدات العلمية والتكنولوجية والمالية المستغلة في تطوير هذه المنشآت الإسرائيلية المهددة لجهود عملية السلام بالمنطقة وبأمن واستقرار شعوبها. وفيما يتعلق بالملف النووي الإيراني أعربت الدولة عن تطلعها إلى استمرار المفاوضات بين الدول الغربية والجمهورية الإيرانية، حول هذا الملف بهدف التوصل إلى تسوية سلمية شاملة بشأنه قريباً. وحثت إيران على التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنفيذ التزاماتها الدولية وتبديد كافة المخاوف والشكوك حول برنامجها النووي، وأعربت عن أملها في حل سلمي لهذه الأزمة يضمن إبعاد التوتر والأزمات عن منطقتنا، ويضمن شفافية البرنامج النووي الإيراني ويؤكد طبيعته السلمية. ودعت الدولة ضمن مساعيها إلى البدء في مفاوضات جادة غير مشروطة تؤدي في نهاية المطاف إلى توصل مؤتمر نزع السلاح إلى اتفاق دولي بشأن إبرام معاهدة لحظر إنتاج المواد الانشطارية قابلة للتحقق، وتعزيز الجهود المتواصلة لضمان إدخال معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية حيز النفاذ في أقرب وقت ممكن. كما دعمت الجهود الرامية إلى إيجاد صك دولي غير مشروط وفاعل يكفل الضمانات الأمنية للدول غير الحائزة الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل من جهة، وأيضا حقها الشرعي والطبيعي، وغير القابل للتصرف في إجراء البحوث حول الطاقة النووية وإنتاجها واستخدامها في الأغراض السلمية والتنموية، وفي إطار من التعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. نبذ الإرهاب حظيت مكافحة الإرهاب باهتمام كبير لدى حكومة الإمارات العربية المتحدة كونه يخص الأمن الجماعي لدول المنطقة، ويؤثر بشكل مباشر في الأمن والاستقرار على الصعيد الدولي. وعلى ضوء الأهمية الفائقة للموضوع، شرعت الدولة عددا من القوانين لمكافحة الإرهاب مع السعي إقليميا، ودوليا إلى توقيع عدد من المعاهدات والاتفاقيات الإقليمية المتخصصة، والتي تعد الأولى ضمن نطاق الإجراءات القانونية التي تبنتها الدولة بصورة منفردة، أو ضمن المنظومة الخليجية، أو ضمن التوجه العالمي بهدف تطوير إطار قانوني متخصص للتعامل مع ظاهرة الإرهاب. ومن منطلق لغة التسامح ورفض أشكال التعصب والكراهية وإيمانا بالحوار الحضاري بين الأديان، كانت لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، رؤية حكيمة في التصدي للإرهاب. فقد قال سموه “إننا ندعو لعالم يسوده العدل والإنصاف وروح المسؤولية والتضامن الفاعل في مواجهة المشكلات التي تواجه البشرية، غير إن التصدي للإرهاب ينبغي ألا يغمض أعين العالم عن قضايا أكثر خطراً وإلحاحاً، كالفقر والجوع والمرض والجهل والحروب والفساد والقمع والاحتلال والظلم الاجتماعي، وضرورة المواجهة الحاسمة لمثل هذه القضايا حتى لا يستمر الإرهاب خطراً قائماً ودائماً، فتلك هي أسباب وجوده والبيئة الصالحة لنموه وازدهاره وانتشاره” . تعزيز ثقافة التسامح رعت الإمارات حوار الحضارات، ودعت إلى تعزيز ثقافة التسامح الديني، واستضافت مؤتمرات عديدة شارك فيها العديد من رجال الدين من مختلف الأديان، سواء في منطقة الخليج العربي أو في منطقة الشرق الأوسط أو في العالم. وأكدت الدولة أنها بنسيجها الاجتماعي المتماسك وبنيتها الحضارية المتكاملة شهدت عبر تاريخها المشرق تعايشاً إنسانياً فريداً في نموذجه، وهو تعايش قائم على فضائل الصدق والسماحة والاحترام دونما أي تأثير لاختلاف الدين أو المعتقد أو العرق، ما جعل إمارات الخير مقصداً محبباً لبني البشر من سائر الأصقاع استظلالاً بدوحة تسامحها الظليلة وتطلعاً لأمنها المستقر. ودعا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، في كل مناسبة إلى “نشر قيم التسامح والتصدي لثقافة الإقصاء ونبذ الآخر، والتي تأتي تأسياً بالنهج المتأصل للوالد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب ثراه - صاحب غرس التعايش الحضاري والثقافي الذي تعهده الخلف الصالح بكريم الرعاية وكثير العناية فنما فتياً وامتزج قوياً في المجتمع الإماراتي المتحضر”. وجاءت دعوته تلك من موقع مسؤولياته الكبيرة وترسيخاً لنظرته الإنسانية الجليلة التي تؤمن بضرورة تعايش الإنسان في بيئة صالحة يسودها التفاهم، وتحكمها المبادئ والمثل الدينية والأخلاقية الفاضلة فتح بسياسته المتفهمة لطبيعة الآخر والمدركة لخصوصية المقومات الفكرية والحضارية لمجتمعه آفاقاً رحبة للتعاون المثمر بين الإمارات، وغيرها من دول العالم. لقد أكد سموه دائما على أن التسامح الديني الثقافي المشهود في دولة الإمارات لا يحتاج إلى دليل لتأكيده لكونه من الصفات الفطرية في مجتمع الإمارات، ودعا ولايزال إلى نشر ثقافة التسامح والحوار ونبذ عوامل الفرقة بين شعوب المجتمع الإنساني. الجزر الإماراتية الثلاث واصلت دولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقاً من نهج سياستها الخارجية الثابت الذي يقوم على التزام التعايش السلمي وحسن الجوار والاحترام المتبادل وتكريس علاقات التعاون، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واعتماد الوسائل السلمية لتسوية الخلافات وحرصها على إزالة التوتر في المنطقة وتعزيز تدابير بناء الثقة والاحتكام للشرعية الدولية، مساعيها السلمية لاستعادة سيادتها على جزرها الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى التي احتلتها إيران. وجدد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، في كلمته في اليوم الوطني التاسع والثلاثين في الأول من ديسمبر 2010، مطالبته لإيران التجاوب مع دعوات دولة الإمارات لإيجاد تسوية عادلة لقضية الجزر المحتلة الثلاث، مؤكدا سموه “إن صدق النوايا والإرادة القوية لحل المشكلات العالقة هي الخطوة الأولى لضمان استدامة الأمن والاستقرار في المنطقة. وأكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، في خطابه أمام الدورة الستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 سبتمبر 2011،”إن دولة الإمارات العربية المتحدة اتبعت، منذ وقوع هذا الاحتلال غير المشروع عام 1971، نهجا دبلوماسيا مرنا لتسوية هذه القضية بالوسائل السلمية، سواء بواسطة المفاوضات الثنائية المباشرة أوباللجوء إلى محكمة العدل الدولية. إلا أنه قال “إن الإمارات العربية المتحدة يساورها بالغ القلق إزاء عدم إحراز أي تقدم حتى الآن في الاتصالات المباشرة والإقليمية والدولية التي أجريت مع إيران من أجل تحقيق حل سلمي عادل ودائم”، مؤكداً “أن ما تقوم به إيران من إجراءات تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والمادي والديموغرافي للجزر هي إجراءات باطلة وليس لها أي أثر قانوني، كما أنها تشكل انتهاكا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”. وكرر سموه مطالبة دولة الإمارات، الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالدخول في مفاوضات جادة ومباشرة بين البلدين، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، في ضوء استمرار احتلالها غير المشروع للجزر الثلاث التي تعد جزءاً لا يتجزأ من السيادة الإقليمية لدولة الإمارات. وجدد سموه في بيان دولة الإمارات الذي ألقاه أمام المناقشة العامة للدورة الاعتيادية السابعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة في30 سبتمبر 2012 أن “دولة الإمارات تطالب باستعادة سيادتها الكاملة على هذه الجزر، وتؤكد أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها سلطات الاحتلال الإيرانية باطلة، وتخالف القانون الدولي وكل الأعراف والقِيم الإنسانية المُشتركة”. وأضاف سموه “ولذلك فإننا ندعو المجتمع الدولي إلى حث إيران على التجاوب مع الدعوات السلمية الصادقة المتكررة للإمارات العربية المتحدة الداعية لتسوية عادلة لهذه القضية، إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في النزاع وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي”. وأعرب سموه عن أمل دولة الإمارات في أن تتعامل الحكومة الإيرانية بروح من الإيجابية والعدالة مع هذه القضية الحساسة والهامة لترسيخ علاقات حسن الجوار، ومد جسور التعاون ورعاية المصالح المشتركة بين البلدين، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة ككل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©