الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متطفل على الطريق

13 ديسمبر 2011 22:13
ذلك الصباح بحثت عن أرخص وسيلة نقل تخرجني من سان دييجو، وتوصلني إلى لوس أنجلوس فكان علي أن أختصر المصاريف فأمامي سفر طويل، وهكذا لجأت مرة أخرى إلى التطفل، خصوصا أن المسافة لا تبعد كثيراً ربما ثلاث ساعات أو أكثر بقليل. مشيت قليلاً إلى خارج المدينة، ووقفت على قارعة الطريق السريع، تعبر أمامك سيارات كثيرة لا تعيرك انتباها لكنك تبقى صامداً منتظراً، يمضي الوقت، تشعر بالملل، تكمل المسير، وكلما مرت سيارة ترفع إبهامك بإشارة متعارف عليها، قد ينظر إليك سائق السيارة لكنه لا يتوقف ربما لأن مظهرك البائس لا يعجبه، فلا تهتم فعابري السبيل ليسوا متأنقين على أي حال. بدأت أشعر بالندم وألوم نفسي لأنني لم أركب الحافلة، غير أنني رجحت أن أجد من تلك الشاحنات التي تعبر الولايات المتحدة براً محملة بالبضائع، والتي لم تعد تعبر من هذا الخط السريع بسبب سوء الحظ كالعادة، غير أنني لم أحلم أبداً أن تتوقف بمحاذاتي سيارة بائسة تقودها فتاة، شكرتها على التوقف وأخبرتها أنني أسافر نحو الغرب، فرحبت برفقتي، شكرتها وأنا أنتقد بقية السائقين الذين لم يتوقف أي منهم، فقد انتهى الخير في الناس في هذا الزمان، الواقع أن الفتاة لم تكن حسناء، لديها شيء من الجمال لو أنها تبرزه بأن تخلع نظارتها الطبية السميكة التي تجعلها تبدو غبية، ولو أنها تطلق العنان لشعرها لينسدل بحرية ويتطاير مع الهواء الطلق. أردت مجاملتها كنوع من الامتنان على المساعدة، غير أنني خشيت أن تعتبر ذلك نوعاً من الغزل أو التحرش، فحدثتها عن الطقس الرائع الذي جربته في هذه المدينة وحدثتها عن وطني وعن خططي وعن أحلامي. وعندما سألتها عن أحلامها انفجرت باكية، فاعتذرت منها وطلبت منها أن توقف السيارة لأتمكن من مواساتها حتى تهدأ، أمسكت يدها وطلبت منها أن تسمح لي بقيادة السيارة ريثما تستعيد ذاتها. لم تشأ أن تتحدث وقد كانت محرجة وهي تمسح دموعها، ووجدتني في موقف غريب رغم أنه كثيراً ما تكرر معي، وقبل أن أستوعب الموقف وجدت سيارة الشرطة تأمرني بالتوقف. يا إلهي، وقعت في ورطة، ليس لدي رخصة سواقة وأخشى أن يرى الشرطي هذه الفتاة، وهي تبكي فيتهمني بالإساءة إليها أو بأي تهمة جاهزة، لوهلة فكرت في الهروب، وتخيلت نفسي بطل مطاردة سريعة على الطرقات الخارجية بين الولايات الأميركية، بل إنني فكرت أن أنطلق نحو المكسيك فهي لا تبعد كثيراً من هنا، غير أنني توقفت بانتظار ما سيحدث.. نظرت إلى الفتاة، قالت لا تقلق..! وللقصة بقية.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©