الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

كرة القدم.. علم أولاً

11 ديسمبر 2013 23:06
ليس كافياً أن يكون لاعب كرة القدم محاطاً بالفطرة على إبراز المواهب الفردية، ليس كافياً أن يكون متمتعاً بمساحات كبيرة من التخيل ليتدفق منها إبداعه، وليس كافياً أن تجتمع لديه حاسة القدرة على الانضباط التكتيكي والسخاء في بذل الجهد البدني بالاعتماد على مخزون لياقي كبير ليكون مؤهلاً لتمثل ضرورات الاحتراف ولزوميات اللعب على مستوى عال، فهناك عشرات اللاعبين العرب وغير العرب الذين اجتمعت لديهم كل هذه الملكات وانصاعوا لكل هذه الحاجات، عبروا في سماء كرة القدم الاحترافية كلمح البصر، أو لنقل كغيمة لا تمطر. لاعب كرة القدم الذي يستطيع الانتساب بالفكر والعقل والإبداع إلى الكرة الاحترافية وإلى كرة القدم من المستوى العالي، يحتاج أولاً أن يكون لاعباً مثقفاً ومفكراً، قبل أن يعامل كرة القدم التي أحبها وعشقها طفلاً على أنها مهنة، عليها سيتأسس حاضره ومستقبله ومستقبل عائلته، عليه أن يتعلم كيف ينظر إلى كرة القدم على أنها علم يستنفر الملكات والحواس ويخاطب العقل بالتحديد، فما يعطى هذا اللاعب من إشارات ورموز ومعادلات رياضية، وما يوجه إليه من تفاصيل تكتيكية بالغة التعقيد أحيانا من مدربين يبحثون في المقام الأول عن الجودة، يحتاج إلى عقل يستوعب ويستقرئ ويحلل، ويستطيع بعد هذا كله أن يجد الحلول لأصعب المسائل التكتيكية. في مرات كثيرة وجدت مدربين، أفتح معهم بين الحين والآخر شرفات للتغلغل في تجاويف ظواهر وحالات فنية مرت بمشوارهم التدريبي، وجدتهم يتبرمون لحد الانزعاج من ضعف حاسة الفهم لدى لاعبين يفترض أنهم انتموا لكرة القدم الاحترافية، بل إن منهم من اجتهد في تبسيط مسطرة التلقين حتى لو كلفه ذلك إهدار كثير من الوقت في تلقين جزء يسير من منظومة اللعب، بل إن منهم من كلفته صحوة الضمير منصبه داخل هذا الفريق أو ذاك، لأن تمضية الوقت الطويل في شرح وتلقين واحد بالمائة من منظومة اللعب يكون أحياناً على حساب النتائج التي هي أوفى أصدقاء المدربين، وكنت ألح في تبرير هذا العجز المركب لفهم واستصاغة منظومات اللعب بوجود قصور كبير في الجانب الفكري للاعبين، والذي يستطيع إن كان متطوراً وقابلاً للصقل أن يحمل اللاعبين على معاملة كرة القدم كحرفة وكعلم مع ما يفرضه ذلك من تطوير مضطرد للملكات الفكرية لتكون بنفس مقاس الملكات الحسية ليكتمل مشروع الإبداع. ونحن نتوجه باليقين التام والإيمان المطلق بجدوى ذلك، إلى تكوين الناشئين بدنياً وفنياً وتكتيكياً لا بد وأن نركز على الجوانب الفكرية ليكون لنا لاعبون مبدعون ومثقفون يعاملون كرة القدم كعلم. drissi44@yahoo.fr
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©