الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد بن راشد: اتحادنا نجح لأنه نموذج إماراتي لم يستورد

محمد بن راشد: اتحادنا نجح لأنه نموذج إماراتي لم يستورد
1 ديسمبر 2012
أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله ان اتحاد دولة الامارات العربية المتحدة نجح لأنه نموذج وطني اماراتي بامتياز لم يستورد نموذجا سابقا ولم يضع العربة امام الحصان ولم يكن إطارا نظريا يتم حشر الواقع فيه حشرا ولم تتحكم به العواطف الجياشة على الرغم من أهميتها و وجودها ولا الرغبات المجردة على الرغم من مشروعيتها. وأوضح سموه في كلمته بمناسبة اليوم الوطني الحادي والاربعين ان روح الاتحاد امتزجت مع حسابات العقل فكان النجاح. وفيما يلي نص الكلمة التي وجهها سموه عبر مجلة درع الوطن: "بسم الله الرحمن الرحيم أيها المواطنون الكرام .. أحييكم في يومنا الوطني الحادي والأربعين وأتوجه بالشكر والعرفان إلى المولى عز وجل على هديه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى وأسأله أن يبارك أعمالنا ويسدد خطانا ويوفقنا في أداء واجباتنا كما يحب ويرضى. وأحمد الله أننا نسير في العشرية الخامسة من عمر دولتنا الفتية ونحن أكثر ثقة بنهجنا وأكثر تمسكا بثوابتنا واعتزازا بإنجازاتنا وأكثر تفاؤلا بقدرتنا على تحقيق أهداف رؤية الإمارات 2021 للوصول بوطننا وشعبنا إلى المكانة اللائقة بهما بين شعوب الأرض السعيدة ودول العالم المعتبرة. أبناء وطني الأعزاء .. إنني أرى الأهداف السامية التي نتطلع إليها قريبة المنال .. فروح الاتحاد التي تسري فينا تتقد اليوم وتتوهج في ذكرى تأسيسه وتمنحنا قوة وعزما وتفاؤلا إضافيا للمضي قدما بخطى ثابتة إلى الأمام. واليوم، إذ يحضر منجزنا الوطني كله ونحن نحتفل بهذه المناسبة المباركة حري بنا أن نتمعن في أعماق هذا المنجز الكبير لنستخلص دروس وعبر مسيرتنا ونستفيد منها في تالي أيامنا فالخبرة الذاتية للشعوب لا تقدر بثمن فهي المعلم الأهم والمرشد الذي يثري الرؤى والخطط ويعين على اتخاذ القرار الصحيح ويضمن حسن ترتيب الأولويات. ان الدرس الأهم بل السر في مسيرتنا الظافرة يكمن في مفهوم الحكم الذي ورثناه عن آبائنا ومارسناه وعملنا على ترسيخه منهجا في العمل ومعيارا للجدارة. لقد تعلمنا من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراهما أن الحكم ليس سلطة ولا وظيفة ولا استحقاقا تلقائيا إنما هو رسالة إيمانية ومسؤولية ثقيلة موضوعها تأمين مصالح الوطن وتحقيق سعادة المواطنين. وتعلمنا من معايشتنا عن قرب لعمل الشيخين الجليلين في تأسيس دولتنا ورعايتها وتوطيد أركانها أن القائد الناجح طموح ومتفائل ويقود من الأمام ولا يخشى الصعاب ويبادر ويواجه التحديات ويتطلع دائما إلى الأمام ويتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب ويتحمل مسؤوليته. كانت الأوضاع كلها في نهاية ستينات القرن الماضي تشير إلى صعوبة إقامة اتحاد بين الإمارات وكانت المباحثات والاتصالات والوساطات والجهود تصطدم بجدران داخلية وخارجية .. وكان اليأس من نجاح المشروع قد بلغ مداه .. لكن الشيخين المؤسسين قهرا الصعاب ونجحا وخيبا آمال المتربصين والمعترضين فأينعت روح الاتحاد وسرت في نفوس أبناء الإمارات وأخذتهم إلى الاندماج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. لاشك أن روح الاتحاد قوة دافعة في بناء الدول .. بيد انها وحدها ليست كافية لبقاء البناء واشتداد عوده واستقامته وتجاوزه نقطة اللاعودة إلى الوراء .. وقد رأينا نماذج وحدوية عربية تتهاوى واحدة تلو الأخرى على الرغم من أن روح الاتحاد تجلت في بداياتها بأعلى الدرجات .. فلماذا نجح اتحادنا وترسخ وتجذر وتقدم وتألق. نجح لأنه نموذج وطني إماراتي بامتياز لم يستورد نموذجا سابقا ولم يضع العربة أمام الحصان ولم يكن إطارا نظريا يتم حشر الواقع فيه حشرا ولم تتحكم به العواطف الجياشة على الرغم من أهميتها ووجودها ولا الرغبات المجردة على الرغم من مشروعيتها .. كان اتحادنا ابن واقعنا يشبهه ويحمل جيناته .. لقد امتزجت روح الاتحاد مع حسابات العقل فكان النجاح. استلهم نموذجنا الإماراتي ومازال واقعنا بكل أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وبكل ما يتفاعل فيه من قيم وأعراف وعادات وتقاليد تنهل من معين ديننا الحنيف وتراثنا العربي الأصيل .. وأرسى هذا النموذج قواعد وآليات تحقيق التوافق والانسجام بين واقعنا المتحرك والمتطور ومتطلبات النهضة والتقدم .. وهي القواعد التي باتت منهجا ثابتا نسير عليه ونتمسك به ضابطا للتغيير والتطوير والتحديث في مسار يعزز التنمية ويحث على الانجاز ويراكم الايجابيات ويضمن الامن والاستقرار ويفتح أوسع الأبواب أمام أبناء الإمارات للتمتع بثمار التنمية وتحقيق الذات والمشاركة الفعالة في كل ميادين العمل الوطني. أيها المواطنون الكرام، كلما مر عام على تأسيس دولتنا في الثاني من ديسمبر 1971، تتسع رؤيتنا وتتعمق خبرتنا ويزداد وضوح ثوابت نهجنا واولويات عملنا الوطني ويتأكد لنا من جديد جدارة نموذجنا الاماراتي وقدرته على توفير متطلبات الحفاظ على شخصيتنا الوطنية وتراثنا وتقاليدنا وفي الوقت نفسه قدرته على استيعاب افضل الممارسات العالمية في الاقتصاد والخدمات والبنى التحتية واحدث ما ابدعه العقل البشري من منتجات واختراعات وأساليب عمل وما راكمته الخبرة الانسانية في مجالات الحكم الرشيد والادارة العامة والتنمية. ان قدرة نموذجنا الإماراتي على تحقيق التكيف بين خصوصياتنا الاجتماعية والثقافية ومواكبة العصر ومنجزاته هي التي عصمتنا من الجمود وحمتنا من القفز في المجهول .. وهي التي مكنتنا من مواجهة التحديات وتحقيق النهضة وإرساء قواعد الامن والاستقرار. ونحن حريصون بنموذجنا الإماراتي نحمله في قلوبنا ونسير به وفي ظلاله في دروب الخير والمجد والتقدم ونطوره على ايقاع تطور واقعنا مهتدين بتعاليم ديننا الحنيف ومصالح وطننا وشعبنا. أيها المواطنون الكرام، نخطو في عام اتحادي جديد مطمئنين إلى انتظام عمل حكومتكم وسعيها الدائم لتطوير الأداء وتحسين الخدمات بأعلى جودة وكفاءة لكافة مناطق بلادنا وأبناء شعبنا مصممين على أن تصير مدارس وجامعات أبنائنا الأفضل في العالم وأن تضاهي الخدمات الصحية في كل أرجاء الدولة الأفضل في العالم وتكون في متناول كل مواطن وكل انسان يعيش على أرضنا .. ونمضي قدما في تعزيز برنامج الاسكان الاتحادي وتنسيق عمله مع البرامج المحلية وصولا إلى اختصار الزمن بين طلب المسكن وتلبيته. وأحمد الله سبحانه وتعالى على إنجازات مسيرة التمكين ومضيها قدما إلى الأمام فقاعدة انتخاب أعضاء المجلس الوطني الاتحادي تضاعفت واتسعت مرات عدة وعمل المجلس يتطور ويثري مختلف ميادين العمل الوطني. والمرأة الإماراتية تؤكد كل يوم حضورها الفعال ومشاركتها الإيجابية في مسيرة التنمية ومواقع المسؤولية وجهود الارتقاء بالتعليم لا تتوقف بينما تتواصل جهود تطوير مواردنا البشرية وقياداتنا الشابة. ان هذا الحصاد الوفير جزء من ثمرات غرس آبائنا المؤسسين ونتاج برنامج العمل الوطني الذي أطلقه أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله العام 2005 وخطة الحكومة الاستراتيجية التي أطلقناها في العام 2007. أيها المواطنون الكرام، ان كل نجاحاتنا وانجازاتنا هي مقدمة تمهد طريقنا نحو أهداف رؤيتنا للإمارات 2021. ولكي يكون احتفالنا في ذلك العام باليوم الوطني الخمسين أيضا احتفالا بانضمام الإمارات إلى الصف الأول من الدول المتقدمة، فإن أمامنا في السنوات التسع المقبلة جملة من المهام التي لا تحتمل التأجيل أو التأخير. ويأتي في مقدمة هذه المهام تعزيز الاستثمار في مواردنا البشرية وتطوير برامج تأهيلها وتدريبها وتزويدها بالمهارات الأساسية بكيفية تمكننا من إعادة تنظيم سوق العمل على أسس جديدة محورها قوة العمل الوطنية ويزيل أيه عوائق تحول دون حصول أبنائنا على وظائف لائقة في كافة شركات ومؤسسات القطاع الخاص .. ونحن نتطلع إلى مشاركة القطاع الخاص في هذا الجهد ونريده أن يصل في فترة قريبة إلى وضع التوطين محورا في سياسته الخاصة بالتوظيف والموارد البشرية .. واذا كنا في الماضي نعاني من ندرة مواردنا البشرية المؤهلة فان أفواج شبابنا وشاباتنا تتدفق اليوم مسلحة بالعلم والمعرفة والثقة بالنفس. وعلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص أن تستوعب حقيقة انها المستفيد الأول من توظيف المواطنين وأن مسؤوليتها الاجتماعية تفرض عليها المبادرة إلى جذب المواطنين وإعداد برامج كفوءة لتدريبهم وتحفيزهم. وإضافة إلى تعزيز الاستثمار في مواردنا البشرية، فإن علينا أن نحث إجراءات تسريع الانتقال إلى اقتصاد المعلومات .. لقد دخلت وحدات عديدة من قطاعات اقتصادنا في مسار اقتصاد المعلومات لكننا ما زلنا في بداية الطريق .. إن الارتقاء بالإنتاجية إلى المستويات العالمية وضمان أعلى درجات الجودة وتعزيز التنافسية يتطلب تطبيق نظم وأدوات وآليات اقتصاد المعلومات في كافة قطاعات ومنشآت الانتاج والخدمات .. وهذا الموضوع توليه الحكومة اهتماما فائقا وستتابع الوزارات والجهات الحكومية المختصة الإجراءات الكفيلة بوضعه موضع التطبيق التام. أيها الإماراتيون والإماراتيات، إن روح الاتحاد التي تسري فينا تتطلب منا لتظل متقدة ومتوهجة رص صفوفنا وزيادة تلاحمنا والتمسك بنهجنا ومضاعفة جهودنا وعطاءاتنا لوطننا وشعبنا .. ولا جدال في أن إنجازاتنا على مدار السنوات الإحدى والأربعين الماضية كبيرة يشهد لها القاصي والداني لكن هذه الإنجازات أصبحت تاريخا نحمل فضلا عن مسؤولية الحفاظ على مكتسباته الإضافة إليه لنكتب في المستقبل تاريخا جديدا يفتخر به أبناؤنا وأحفادنا .. وكما فعلنا في الأمس نفعل اليوم وغدا .. نتمسك بثوابتنا ونحشد قدراتنا ونزيد فاعلية مؤسساتنا ونحمل بعضنا بعضا ونواصل تطوير مهارات أبنائنا وبناتنا ونحدث تشريعاتنا وأنظمة عملنا ونمضي قدما في مسيرة التمكين ونفتح أوسع الأبواب أمام طاقات الشباب الخلاقة وأفكارهم المبدعة ومبادراتهم الطموحة. وأبشركم يا شباب وطني وشاباته بأنكم تتبؤون المركز الأول في اهتمامات صاحب السمو رئيس الدولة واهتمامات حكومتكم وخططها ومشاريعها .. وأنكم محل الرجاء ومعقد الآمال .. نعرفكم ونعرف نبتكم الطيب .. ثقتي بكم يا أبناء وبنات الإمارات لا تحدها حدود .. فقد أظهرتهم قدراتكم وكفاءاتكم في كل مواقع العمل .. وأظهرتهم دائما أعلى درجات الوعي والحرص على تقدم بلادكم وأمنها واستقرارها .. ولم تحتاجوا يوما إلى دليل أو إثبات على عمق انتمائكم الوطني لأن الوطن يعيش فيكم كما لم تحتاجوا إلى ما يؤكد صدق ولائكم لقيادتكم فأنتم منها وهي منكم وقد كتبتم جيلا بعد جيل ملحمة لا مثيل لها في قوة التحام الشعب بقيادته والتفافه حول رؤاها وخططها. يا أبناء وطني الكرام، أهنئكم فردا فردا بيومنا الوطني الحادي والأربعين. وأهنيء أخي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولتنا وقائد مسيرتنا ورمز وطننا وعنوان نهضتنا .. كما أهنيء اخواني أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات وأخي سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأختم بما بدأت به شكر المولى عز وجل على فضله وكرمه والرجاء من وجهه الكريم أن يحفظ وطننا وشعبنا ويرد عنها كيد الكائدين وتربص المتربصين انه سميع مجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©