الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بعد 30 عاما على احداث حماة السوريون يعيشون مجددا الخوف والقتل

2 فبراير 2012
يستعيد الناجون من احداث مدينة حماة السورية في العام 1982 مجددا ذكريات ومشاعر عاشوها قبل ثلاثين عاما، في ظل حملة القمع الدامي التي تشنها السلطات على المناطق المنتفضة، غير ان "الثورة" التي تعم البلاد والتغطية الاعلامية المركزة التي تحظى بها تحيي فيهم املا بان النظام لن ينجح هذه المرة في غايته. ويقول المحامي والناشط الحقوقي انور البني الذي شهد احداث حماة 1982 "لا يغيب عن ذهني اليوم ما جرى في حماة في الثمانيات (...) الخوف، ومنظر الدم والجثث في الشوارع، ووجوه الناس الذين لا يعرفون ماذا سيحصل لهم بعد ساعات". ويضيف البني، وهو ابن عائلة مسيحية من حماة "انها ذكريات مؤلمة يحاول المرء ان يبعد شبحها عنه (...) انها جرح لن يلتئم الا بمحاسبة حقيقية لما جرى في تلك المرحلة". وتعرضت مدينة حماة (210 كلم شمال دمشق) ابتداء من الثاني من نفبراير 1982 وعلى مدى اربعة اسابيع لهجوم مدمر شنته قوات الرئيس الراحل حافظ الاسد ردا على تمرد مسلح نفذته حركة الاخوان المسلمين، ما اسفر عن سقوط 20 الف قتيل، بحسب بعض التقديرات، فيما تقول المعارضة السورية ان الرقم تجاوز الاربعين الفا. ويروي ناجون من هذه الاحداث ان القوات النظامية قتلت بدم بارد الاف المدنيين الذين لم يشاركوا في اي اعمال عنف او في اي نشاط سياسي معارض. ويروي ابو خالد الحموي (46 عاما) بداية العملية على حماة قائلا "عند الفجر سمعنا صيحات التكبير، وعرفنا ان النظام نشر الوحدات الخاصة وسرايا الدفاع". ويضيف "عندما كان الجيش يريد ان يفتح طريقا للوصول الى مسلحي الاخوان المسلمين والشباب الذين يدافعون عن مناطقهم كان يلغم المباني وينسفها بغض النظر عمن في داخلها". وبعد استتباب السيطرة على الحي الذي كان يقطن فيه ابو خالد مع امه وزوجها، "اخرج عناصر الامن كل من هم فوق الخامسة عشرة الى باحة قرب مدرسة المرأة العربية، حيث اطلقوا عليهم نيران الرشاشات بعد تجريدهم من ساعاتهم واحذيتهم". وتمكن ابو خالد الذي كان حينها في السادسة عشرة من عمره من الافلات والفرار "من بيت الى بيت، ومن سطح الى سطح، وصولا الى البساتين" قبل ان ينتقل الى بيت جده في مدينة حمص سيرا على الاقدام على مدى ثلاثة ايام. ويضيف انه اقام في بيت جده سنتين ثم "قبضوا علي في حمص بتهمة اني من حماة واعرف اخبارا (...) فدخلت الى سجن تدمر حيث اقمت فيه عشر سنوات". وغادر ابو خالد سوريا في الاشهر الماضية خلسة عبر الحدود البرية الى الاردن، وذلك مع اشتداد قمع الاحتجاجات في بلده. ووقعت احداث حماة بعيدا عن عيون وسائل الاعلام وفي ظل تكتم شديد فرضته السلطات السورية. ويقول مواطنون سوريون انهم عرفوا بالاحداث بعد انتهائها بأسابيع. ويقول الصحافي البريطاني روبرت فيسك في اتصال مع فرانس برس ان ما جرى في حماة كان ردا على "تمرد اسلامي مسلح" نفذه الاخوان المسلمون ضد النظام، مستهدفين عناصر في حزب البعث وفي الاجهزة الامنية ومقربين من حافظ الاسد. ويضيف فيسك الذي زار حماة بعد الاحداث "لكن ليس هناك عذر في قتل الاف المدنيين (...) قتل الالاف من السوريين، والكثيرون منهم كانوا ابرياء". ويقول عضو المجلس الوطني السوري محمد السرميني وهو من مدينة حماة ان "رد فعل النظام لم يقتصر على من يشتبه في انتمائه الى الاخوان المسلمين خصوصا ان عددا كبيرا من الشهداء كانوا من المسيحيين"، معتبرا ان النظام اراد من عمليته على حماة "تأديب باقي المدن السورية" التي قد تنتفض على حكمه. وعشية الذكرى الثلاثين لاحداث حماة، اصدرت تشكيلات سورية معارضة ابرزها المجلس الوطني السوري والهيئة العامة للثورة السورية ولجان التنسيق المحلية بيانا دعت فيه الى التظاهر يوم الجمعة تحت عنوان "عذرا حماة سامحينا". واعتبر البيان ان "السكوت العربي والدولي عن جرائم حافظ الاسد ورهطه قبل ثلاثين سنة، يحمل قسطا كبيرا من المسؤولية عن (...) عربدة الابن الوريث (الرئيس بشار الاسد) ورهطه وما يرتكبون من جرائم همجية يومية في سوريا". كما دعا ناشطون الى التظاهر يوم الخميس تحت اسم "محاكمة مجرمي العصر في ذكرى مأساة العصر"، والقيام بعدد من الفعاليات ابرزها "اطلاق مناطيد حمراء"، و"استخدام اللون الاحمر في صبغ المعالم الرئيسية في سوريا"، و"احراق صور المجرمين حافظ ورفعت الاسد" عم بشار الاسد، الذي غادر سوريا بعد ذلك الحين على خلفية خلاف مع شقيقه الراحل حافظ الاسد. ويرى ناشطون معارضون، من بينهم اشخاص شهدوا احداث حماة، ان هذه الذكرى تكتسب اهمية خاصة هذا العام في ظل ما تشهده المدن والقرى المنتفضة من عمليات قمع قاسية. ويقول انور البني "الذكرى تأتي اليوم في وقت يحاولون ان يعيدونا الى الاحساس نفسه الذي عشناه وقتها عسى ان يحصدوا نفس النتائج...لكننا لن نسمح بذلك". ويوضح قائلا "لا يمكن تكرار ما حدث (...) هذا مستحيل، الزمن تغير، والمفاهيم تغيرت، والاعلام تغير، والناس اصبحوا اقرب الى بعضهم". ويقول محمد السرميني "في الثمانيات كان هناك اشتباك مسلح بين الاخوان المسلمين والنظام، اما اليوم فان النظام يواجه انتفاضة في طول البلاد وعرضها". ويضيف "الاعلام لم يكن موجودا وكذلك وسائل الاتصال الحديثة، ما يجري الان يعرف به الناس بعد عشر دقائق، اما ما جرى في حماة فقد عرف الناس به بعد اشهر..". ويخلص البني الى القول "قناعتي وخياري ان الامور تسير الى النهاية الحتمية، وان يستعيد الشعب وجوده وحقوقه كاملة، لكن الزمن والثمن هذا ما يقلقني اكثر مما اقلق من النتيجة".
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©