الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

2015.. عام التقلبات السوقية

22 ديسمبر 2015 21:41
عودة التقلبات إلى الأسواق العالمية الأسبوع الماضي، لا ينبغي أن تشكل مفاجأة كبيرة لنا، نظراً لحالة السيولة الاقتصادية والسياسية والجيوبوليتكية غير المعتادة السائدة في مختلف مناطق العالم، فالعام المنقضي، على سبيل المثال، تميز بارتفاعات عرَضية في التقلبات السوقية، سواء في صورة مكاسب حادة في أسعار الأصول، أو هبوط حاد في تلك الأسعار. وهناك العديد من المؤشرات الدالة على أن العام المقبل 2016 سيشهد زيادة كبيرة في التقلبات، وهو ما يجب أن يدفع المستثمرين دفعاً لإيلاء اهتمام أكبر، بـ«نقاط التحول» المحتملة. السؤال المركزي هنا ليس هو ما إذا كان التقلب السوقي في ازدياد أم لا، لأن الحقيقة أنه كذلك بالفعل. وعدم اليقين الأساسي في هذا المقام يتعلق بما إذا كانت تلك الارتفاعات العرَضية ستكون مؤقتة وقابلة للانعكاس، أو على نحو أكثر تحديداً، ما إذا كانت جرعات السيولة التي تُحقن من قبل مصادر خاصة وعامة، ستواصل تأثيرها- السريع- في مجال تحقيق الاستقرار في الأسواق أم لا، ولأي مدى زمني. وفيما يلي تسعة من الجوانب المتعلقة بسؤال التقلب، والتي ينطوي كل جانب منها على مضامينه المالية والاقتصادية الخاصة: أولاً، يجب توقع حدوث نوبات تقلب في الأسواق لعدة أسباب هي: أن المؤشرات الرئيسية للاقتصاد العالمي تنمو ببطء نوعاً ما، بالإضافة بالطبع لتأثير عدد من عوامل عدم الاستقرار، والتهديدات الجيوبوليتيكية التقليدية. ثانياً: هذه النوبات من عدم التقلب، يتضخم تأثيرها بفعل السيولة السوقية الهشة، الناتجة عن شهية ضعيفة نوعا ما (وقدرة تنظيمية ضعيفة كذلك) من جانب السماسرة والمضاربين، على تقديم ميزانيتهم السنوية بطريقة تمكن الأسواق من مواجهة التقلبات الدورية. ثالثاً: التقلبات المتزايدة، خصوصاً عندما تقترن بهبوط حاد في أسعار الأصول، ما يلحق أضراراً فادحة بالاقتصاد، كونها تتسبب في ميل العديد من المستثمرين إلى تجنب الخطر، مما يعوق تدفق رأس المال للأنشطة الإنتاجية، وتؤدي لتهديد منهج «قمع التقلب» الذي تستخدمه البنوك المركزية للتشجيع على المزيد من الاستهلاك والادخار، وتشجع على المجازفة بإجراء عمليات تخفيض غير منظمة للديون. رابعاً: المخاوف المتعلقة بالتقلبات المبالغ فيها، تكون أكبر بكثير عندما تقترب الأسواق من نقطة التحول Tipping point. وهناك ثلاثة قطاعات في السوق تتصف بطبيعتها المتقلبة وهي الطاقة، والسندات المرتفعة العائد وعملات الأسواق الناهضة، والمشكلة بالنسبة لهذه القطاعات تتمثل في استعداد قطاعات السوق لتقليدها خصوصاً عندما تكون نوبات التقلب متكررة، وأكثر حدةً، وبالتالي أقل قابلية لعكس مسارها، على نحو سريع نسبياً. خامساً: عندما تسعى المؤشرات الاقتصادية والمؤسسية الأساسية للتحسن بسرعة كافية، فإن مهمة تحقيق الاستقرار السوقي، ستقع بشكل متكرر، على عاتق جرعات السيولة، التي يتم حقنها من مصدرين رئيسيين هما البنوك المركزية من خلال استخدام برامج شراء الأصول الواسعة النطاق، والشركات التي كانت قد قامت من قبل بتخصيص نقود من ميزانياتها لعمليات إعادة الشراء، ودفع عوائد أعلى، وإجراء عملية الدمج والاستحواذ. سادساً: عندما تكون النتائج الضارة للتقلب واضحة للعيان، فإن بعض المشاركين في السوق سرعان ما ينادون البنوك المركزية للتدخل من أجل استرداد الهدوء، كما حدث مؤخراً مع بنك الاحتياطي الفيدرالي. سابعاً: الاحتياطي الفيدرالي ليس في عجلة من أمره فيما يتعلق بعكس المسار الحالي للأمور. ليس هذا فحسب، بل إن احتمال لجوئه مرة ثانية لزيادة معدلات الفائدة، أكثر رجحاناً من احتمال لجوئه لتخفيضها. ثامناً مع استمرار تباطؤ النمو العالمي واستمرار بعض الاقتصادات الناهضة المهمة في السعي الحثيث من أجل تحقيق الاستقرار الكامل، يجب علينا ألا نتوقع أن المؤشرات الأساسية الاقتصادية والمؤسساتية ستلعب دوراً حاسماً بما فيه الكفاية، كأداة لتحقيق الاستقرار في أسواق الأصول –هذا من دون أن نأخذ في الحسبان تأثيرات التطورات الوطنية والجيوبوليتكية. على ضوء ما تقدم، فإن السؤال في عام 2016 وما وراءه، ليس هو ما إذا كانت نوبات التقلب ستكون أكثر تكراراً، وفي بعض الحالات أكثر عنفاً، عما كانت عليه خلال السنوات القليلة الماضية، لأن الإجابة عن ذلك معروفة، وهي أنها ستكون كذلك بالفعل. محمد العريان* *رئيس مجلس التنمية العالمية التابع للرئيس أوباما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©