دبي (الاتحاد) - ما يبدو أن «سينما عربية»، أي ذات إنتاج واضح ومتبلور ومنجز إبداعي يتذكره الأطفال عندما يكبرون وتبقى أسماء أبطاله في ذاكرتهم ما زال أمراً بعيد المنال. إنما أن يكون هناك فيلمان عربيان ينتمي أحدهما للفئة العمرية التي هي سن الخامسة، من بين ستة أفلام متخصصة بسينما الطفل وتعرض في الدورة الحالية لمهرجان دبي السينمائي الدولي، الذي يستمر حتى الرابع عشر من هذا الشهر، فهي بالتأكيد نسبة معقولة، لكنها ليست مبشرة، إذ أنه بالقياس إلى ما يعرض من سينما أطفال في العالم جرى إنتاجها لهذا العام مثلاً، فالأفلام الستة ذاتها لا تشكل نسبة يمكن المقارنة بشأنها أي لا كافية لأن تكون مؤشراً على صناعة سينما الأطفال في العالم.
في أية حال، يحمل الفيلم الأول توقيع المخرجة التونسية كوثر بن هنية مثلما يحمل العنوان: «يد اللوح»، وهو من إنتاج فرنسي تونسي وليس تونسياً خالصاً، ويتناول الفيلم قصة باتت كلاسيكية إلى حد ما. إنها الطفلة «أميرة» التي تبلغ من العمر خمس سنوات وتعيش مع أمها في شقة صغيرة في تونس العاصمة، ويتوجب عليها الذهاب إلى المدرسة بعد انتهاء العطلة بينما ترغب هي في استكمال اللهو واللعب والاستمتاع بوقت الفراغ الذي تبقى لديها، فتبادر إلى «الخبث» اللذيذ للأطفال الجريئين إذ تقوم بلصق يدها بيد الكرسي بلاصق من النوع القوي. الفيلم، بهذا المعنى، يدور حول إقناع الطفلة «أميرة» بالالتحاق بمدرستها والعدول عن «الشقاوة».
«يد اللوح»، كتبت له مخرجته السيناريو، وفي سيرتها الفنية فيلمين من نوع سينما الأطفال: «أنا وأختي والشيء» من إنتاج العام 2006، و«الأئمة يذهبون إلى المدرسة الذ عرض في الدورة السابعة لمهرجان دبي السينمائي الدولي. ويشارك في التمثيل من الأطفال في «يد اللوح»: ياسمين بن عمارة في دور «أميرة»، وشيراز فرادي، وأحمد الحفيان، وفتحي الهداوي، وراشد شيادة، وزيد كشباطي. أما الفيلم الآخر فيحمل العنوان: «سمر»، وهو من إخراج الأردني محمد رحاحلة كما أنه كذلك كاتب السيناريو، وذلك فضلاً عن أنه التجربة الأولى لصاحبه.
يوثق الفيلم لحياة فتاة من بدو جنوب الأردن، لم تبلغ الخامسة عشرة من العمر بعد، تدعى «سمر» وتقطع يومياً ستة كيلو مترات هي وشقيقاتها للوصول إلى المدرسة بعيداً عن بيت أهلها. لكن حياتها، مثلما هي حيوات شقيقاتها الأكبر سناً، لا تقتصر على تأدية الواجبات الدراسية بل تؤدي واجبات منزلية كثيرة في بيئة اجتماعية تمنح المرأة أعباء أخرى سواء من باب العادات والتقاليد أو من باب الإعداد للانتقال إلى حياة الزوجية.
كل ذلك منح الفتاة «سمر»، التي تصر على استكمال تعليمها وما رافقها من قسوة في الطبيعة الصحراوية لجنوب الأردن جعل منها شخصية قوية بين قريناتها مثلما جعل لها تكويناً جسدياً رياضياً مكنها من تحقيق الفوز في رياضة الجري فحازت مراكز أولى وعدداً من الميداليات على مستوى المملكة.
طبيعة تكوين الفيلم وفكرة السيناريو جعلا التمثيل من تقديم الشخصيات الحقيقية ذاتها: سمر موس، وإخلاص موسى، وجابر موسى، وموسى سليمان. أما المخرج محمد الرحاحلة فقد عمل حتى العام 2007 بصفة فني مونتاج في التلفزيون الأردني ليلتحق بعد ذلك بـ«معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية» ونال درجة الماجستير هذا العام، ويقوم بتقديم نفسه على أنه صانع أفلام وثائقية مستقل ومدرب فنون المونتاج في «الهيئة الملكية للأفلام» في العاصمة الأردنية.
أما الأفلام الأخرى فهي: «قصة أطفال وفيلم»، ويوصف بأنه أول فيلم يتناول الأطفال في السينما حول العالم، وهو للمخرج والكاتب الإيرلندي مارك كونسيس، و«عالم غوبي وباغا» للمخرجة الهندية شيلبا رانادي، و«فاطمة» للمخرجة الفنلندية من أصول صومالية نعيمة نعيمة محمود، وأخيرا الفيلم «لمصلحتك» للمخرجة والممثلة المسرحية الفرنسية ابتسام غوردا.
عدد اليوم
